أدّى طول سنوات النزوح ودمار المدارس نتيجة القصف، إلى إقامة مدارس مؤقتة في خيام تجاور سكن النازحين شمالي سورية، بهدف متابعة الطلاب تعليمهم قدر الإمكان. لكن هذه الخيام تتعرّض للعوامل الجوية وخاصة في فصل الشتاء، فقد تتهدّم أو تغمر مياه الأمطار جزءاً منها أو يمنع تكدّس الطين داخلها الطلاب من الجلوس، فيتغيّبون لأيام حتى يجفّ.
إزاء هذا الواقع، عملت بعض المنظمات الإنسانية ومتطوعون أخيراً على بناء مدارس من الحجر والإسمنت، لكن كثرة المخيمات وزيادة الحاجة حالا دون تغطية جميع خيام التعليم، لذا أطلق فريق تطوعي يدعى "فريق تكافل" مبادرة في عدّة مخيمات لتحويل مدارس إلى غرف إسمنتية، على أن تمتد هذه الخطوة إلى مخيمات أخرى.
يقول صاحب فكرة الفريق التطوعي وقائده محمود عليوي لـ"العربي الجديد"، إنّ المبادرة شبابية تطوعية انطلقت من خوفنا على التعليم في الداخل السوري، ونتيجة لقلة عدد الجهات المهتمة بهذا القطاع.
ويضيف أنّ المتطوعين الـ20 في الفريق هم من الجنسين، وحوّلوا حتى الآن 10 خيام تعليمية في 10 مخيمات شمالي محافظة إدلب إلى غرف إسمنتية، كما أسهموا في تقديم مساعدات طبية وغذائية للعديد من الحالات التي تحتاج إلى المساعدة.
بدورها، تقول المعلمة المتطوعة علا يسّوف لـ"العربي الجديد": "تطوّعت أنا وزميلاتي في الفريق بهدف تعليم الأطفال المنقطعين عن التعليم، وأنا أدرّس بمخيم "معرة شابور" قرب بلدة زردنا شمالي إدلب، لأنه لا يوجد من يعلّم الأطفال هنا، لقد كانوا يقضون أوقاتهم في اللعب فقط دون الاهتمام بمستقبلهم، ما دفعني أنا وزميلاتي إلى الانخراط في هذه المبادرة.
وقالت "الشبكة السورية لحقوق الإنسان" في تقرير أصدرته في سبتمبر/أيلول الماضي، إنّ ما لا يقل عن 1593 مدرسة في سورية، قد تعرضت لهجمات على أطراف النزاع والقوى المسيطرة منذ بدء الحراك الشعبي في مارس/آذار 2011 حتى اليوم.
ولفت التقرير إلى أن قوات الحلف السوري - الروسي هي الطرف الأكثر اعتداءً على المدارس بما نسبته 89 بالمائة من الحصيلة الإجمالية، كما وثقت قيام هذه القوات بتحويل عشرات المدارس إلى مقرات عسكرية ونهب محتوياتها بطريقة همجية، فأصبحت مصدر تهديد رئيسي وخطر على التعليم والمنشآت المدرسية.
وأكّد أن الاعتداءات على المدارس تسببت في حرمان قرابة 2.4 مليون طفل داخل سورية من التعليم الذي ضمنته اتفاقية حقوق الطفل والقانون الدولي لحقوق الإنسان وأحكام القانون الدولي الإنساني نتيجة للنزاع المسلح، وإحجام آلاف الأهالي عن إرسال أطفالهم إلى المدارس، بسبب تعمُّد استهداف قوات النظام السوري للمدارس والمنشآت التعليمية، وتصاعدت ظاهرة عمالة الأطفال نتيجة للفقر الشديد والتشرد، إضافةً إلى ظاهرة الانتحار.