بجسد نحيل ووجه شاحب تبدو عليه علامات الجوع وسوء التغذية، يروي الفلسطيني أحمد قنوع فصلاً من معاناة أسرته التي تسبب القصف الإسرائيلي العنيف، في نزوحها من منزلها في بلدة بيت لاهيا، لتستقر على درجٍ داخل مركز الإيواء في إحدى مدارس وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) شمال قطاع غزة.
يضاعف الجوع والعطش أزمة عائلة قنوع كغيرها من العائلات الفلسطينية في غزة، مع استمرار الحرب الإسرائيلية المدمرة منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
ويواجه نحو 500 ألف فلسطيني شمال غزة خطر الجوع والعطش، ولا سيما الأطفال، حيث تمنع إسرائيل وصول المساعدات إلى هذه المنطقة في إطار حرب الإبادة الجماعية التي تشنها على القطاع.
الجوع يضاعف أزمات سكان غزة
ويقول قنوع الذي يعيل أسرة مكونة من 7 أفراد: "الوضع المعيشي صعب للغاية، الحرب تجاوزت 5 أشهر ولا يوجد لدينا أي دخل، حتى معونات وزارة التنمية الاجتماعية توقفت".
ويعاني أبناء قنوع المصاب بالفشل الكلوي وارتفاع ضغط الدم والسكري، من مشاكل صحية ناجمة عن سوء التغذية والجوع والعطش وانتشار المكاره الصحية والبيئية، في ظل عدم توفر العلاج اللازم لهم، مضيفاً: "الوضع الصحي والبيئي مزرٍ للغاية، هناك تكدس للنفايات على باب المدرسة ما تسبب بانتشار الأمراض ولا سيما الكبد الوبائي الذي أصيب به ولدي".
مخاطر البحث عن الخبيزة
وتضطر العائلة إلى إرسال أبنائها للبحث عن النباتات الموسمية في المناطق الحدودية الخطيرة لسد جوعها، في ظل حالة المجاعة القائمة شمال غزة وعدم توفر الطعام أو الطحين منذ 4 أشهر.
ويقول قنوع: "نذهب لمسافات بعيدة بحثًا عن نبات الخبيزة (البري) وغيرها من النباتات الموسمية، ولا نجدها إلا في المناطق الحدودية ونعرّض أنفسنا للخطر وكثيرًا ما يتم استهدافنا".
ويتابع: "عندما نذهب لانتظار شاحنات المساعدات عند دوار النابلسي على شارع الرشيد جنوب غرب مدينة غزة، للحصول على أكياس الطحين يستهدف الجيش الإسرائيلي المواطنين الجائعين الذين يحاولون الحصول عليه ويسقط منهم شهداء وجرحى".
ويضيف: "في يوم مجزرة الطحين، ذهبنا إلى شارع الرشيد حتى نحصل على الطحين ولكننا بدلاً من ذلك أحضرنا معنا شهداء ولم نحصل على الطعام".
ويستذكر قنوع حادثة أخرى قائلاً: "مرة أخرى ذهبنا نجمع الخبيزة فصار قصف أمامنا واستشهد عدد من الفلسطينيين الذين كانوا يجمعون الخبيزة أيضاً فهربنا من المكان دون أن نحصل على شيء".
وأطلقت قوات الاحتلال الإسرائيلية، في 29 فبراير/شباط الماضي، النار باتجاه تجمع لفلسطينيين كانوا ينتظرون وصول شاحنات تحمل مساعدات في منطقة "دوار النابلسي" جنوب مدينة غزة، ما أدى لمقتل 118 فلسطينياً في ما عُرف بـ"مجزرة الطحين".
وفي نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، كشف تقرير لمؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (أونكتاد)، أن الحصار المفروض على قطاع غزة منذ 17 عاماً جعل 80 بالمائة من سكانه يعتمدون على المساعدات الدولية.
ويبيّن قنوع أن العائلة اضطرت كباقي سكان شمال غزة لتناول أعلاف الحيوانات لسد جوعها والبقاء على قيد الحياة، متسائلاً: ألا يكفي حصارًا وحربًا ودمارًا وجوعًا؟!
وأجبرت الظروف القاسية سكان شمال غزة على اللجوء إلى الاعتماد على الأعشاب الموسمية في غذائهم، كالحمصيص والخبيزة إلى جانب طحن أعلاف الحيوانات وتناولها للبقاء على قيد الحياة.
ويشير إلى وجود نقص حاد في مياه الشرب، حيث يقطعون مسافات طويلة لتعبئة غالون المياه، وغالبًا ما تكون المياه ملوثة.
ويطالب قنوع الأمة العربية والإسلامية بوقف الحرب المدمرة والوقوف إلى جانب غزة التي تعاني منذ سنوات وإغاثة السكان وفتح المعابر وإعادة الإعمار.
ومنذ 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، يشن الاحتلال الإسرائيلي حرباً مدمرة على قطاع غزة خلفت عشرات آلاف الشهداء من الشهداء والمصابين معظمهم أطفال ونساء، إلى جانب كارثة إنسانية غير مسبوقة، وفق بيانات فلسطينية وأممية.
(الأناضول، العربي الجديد)