منذ أكثر من أربعة أسابيع يعتصم عدد من الفلسطينيين المقيمين في مخيم عين الحلوة في مدينة صيدا جنوب لبنان أمام مكتب خاص بمساعدات شؤون "الحالات الصعبة" في وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا)، للمطالبة باعتمادهم في ملفات المكتب الذي يمنح مساعدات مادية كل ثلاثة أشهر لأصحاب العسر الشديد، والمصابين بحالات مرضية.
يقول المعتصم أحمد صبحة، المتحدر من بلدة الصفصاف بقضاء صفد في فلسطين، ويقيم في مخيم عين الحلوة لـ"العربي الجديد": "نعتصم هنا منذ أربعة أسابيع لأننا مهمشون، وأوضاعنا المعيشية صعبة جداً، وأونروا تتعامل معنا بإدارة ظهرها من دون أن تهتم لأمرنا. فقدت عملي بسبب الأوضاع الاقتصادية في لبنان، ولا أتقاضى راتباً من أي فصيل، وابنتي مريضة وتعاني من تقوس حاد برجلها، وتحتاج إلى جهاز للمشي. وقد قدمت طلباً إلى "أونروا" وحصلت على موافقة بعد ثمانية أشهر، وكان يفترض أن أشتري الجهاز الذي تبلغ كلفته ألف دولار بعد أسبوع من معاينة الطبيب، لكن ذلك لم يحصل فباتت ابنتي تحتاج إلى جهاز آخر".
يتابع: "نقدم منذ عام 2015 طلبات لمكتب الشؤون كي يعتمدنا في التقديمات، علماً أنه بين شروط تقديم الطلب، العيش في منزل غير صالح للسكن، أو وجود شخص مريض، وأنا عندي كل المعايير المطلوبة، لكن كلما قدمت طلباً تبلغني الموظفة أن الملفات أغلقت. أونروا لا تستجيب لنداءات الاستغاثة التي نطلقها، لذا نفذنا اعتصاماً أمام مكتب الشؤون في المخيم بطريقة حضارية لم تشهد الاعتداء على أي موظف أو حالات استفزاز أو تكسير، لكن مسؤولي المكتب ردوا بإغلاقه والتوقف عن العمل".
ويوضح أنّ "المطالب لم تلقَ آذاناً صاغية من أونروا، لكننا التقينا مدير ملف الشؤون والإغاثة في لبنان فادي فارس الذي أبلغناه أوجاعنا وظروفنا، فوعدنا خيراً، لكن أي إجراء لم يتخذ حتى اللحظة". يختم: "نريد أن يحصل كلّ فلسطيني في لبنان على مساعدات الشؤون لأننا نعيش أزمة اقتصادية، فنحن نحتاج إلى أدوية وعلاج وتعليم، علماً أن 50 طالباً يتعلمون في صف واحد، ما يعني أنّ الأستاذ لا يستطيع تدريسهم. وبسبب كثافة الطلاب أصيب بعضهم بضيق تنفس".
ويقول حسن مرعين المتحدر من بلدة الزيب بفلسطين، ويقيم في مخيم عين الحلوة، وهو خريج محاسبة ومعلوماتية، لـ"العربي الجديد": "لم أستطع العمل بتخصصي، كوني فلسطينيا، فاخترت مهنة سائق سيارة أجرة. وبسبب ارتفاع أسعار الوقود وسعر صرف الدولار ساء وضعي المادي، وبما أننا نعيش في أزمة اقتصادية صعبة، وكوني فلسطينياً يحق لي أن تساعدني أونروا، وأن أحصل على مساعدات الشؤون التي ألبي شروطها فأنا لا أعمل ولدي ابنة مصابة بشلل دماغي وتحتاج إلى عناية ودراسة خاصة. وأنا أقدم منذ عام 2016 أوراقي للحصول على مساعدات، لكن لا تجاوب معي".
يتابع: "تتحجج أونروا دائماً بمعايير الحصول على مساعدات رغم أنها تتوافر لدي، وأنا لا أعلم بالتالي لماذا لا تعيرني اهتماماً. فقدنا صراحة الثقة بهذه المؤسسة، فقررنا التصعيد والاعتصام أمام مكتب الشؤون لمحاولة الحصول على مطالبنا".
أيضاً ترفع غادة إبراهيم، المتحدرة من بلدة غوير أبو شوشة بفلسطين وتقيم في مخيم عين الحلوة شكواها، وتقول لـ"العربي الجديد": "أسعى منذ عام 2015 للحصول على مساعدات الشؤون، وأتبلغ كل مرة بأن المهلة انتهت أو أن لا ملفات. وأنا مريضة بتضخم بالكلى منذ ولادتي، وأحتاج إلى عناية دائمة، كما أن ابني لديه مشاكل في فكه السفلي، وأخرى في النطق تجعله يحتاج إلى جهاز. قبل الأزمة في لبنان كنت أستطيع تأمين علاجي وعلاج ابني، فزوجي كان يعمل سائقاً، لكن بعد الأزمة لم نعد نستطيع فعل ذلك، وقد اشتريت الجهاز الأول لابني، لكنني عاجزة عن شراء الثاني، علماً أن عدم عمل زوجي يعني أننا لا نستطيع توفير مأكلنا، في حين أنني أحتاج إلى فحوص عامة كل فترة بسبب تضخم الكلى".
بدوره، يقول المعتصم فؤاد محمد هلال، وهو من منشية عكا، ويقيم في مخيم عين الحلوة لـ"العربي الجديد": "عملت على جرافة وشاحنة في السابق، ثم سقطت وتعرضت لكسور وأنفقت كل ما أملك للعلاج. أعيش مع زوجتي في غرفة واحدة، وليس لدي أولاد، وبما أن الأوضاع الاقتصادية تأزمت وليس لدي معيل قدمت طلباً للحصول على مساعدات الشؤون لكنه رفض. وأنا على هذه الحال منذ عام 2017، ولا آذان صاغية".
يتابع: "لا أستطيع أن أعمل بسبب وضعي الصحي، والأسبوع الماضي أكلت طعاماً فاسداً لأنني لا أستخدم البراد بسبب عدم وجود كهرباء. أحتاج إلى عملية في ظهري بعدما أجريت سابقاً عملية في رجلي بعدما توسلت إمام المسجد لتأمين كلفتها، وهو ما لن أكرره هذه المرة.
أما غدير إبراهيم، وهي من بلدة غوير أبو شوشة بفلسطين، وتقيم في مخيم عين الحلوة، فتقول لـ"العربي الجديد:" أنا أم لخمسة أولاد، وأعمل في حضانة بصيدا من دون أن أستطيع تأمين معيشتهم، لذا قررت الاعتصام هنا، وزوجي وابني ينامان هنا أيضاً للحصول على مطالبنا".