يُطالب ناشطون فلسطينيون في العراق، المفوضية السامية لشؤون اللاجئين والأمم المتحدة والبرلمان الأوروبي، بالنظر إلى معاناتهم، في ظل انهيار أوضاع العوائل من الناحية الاقتصادية بعد قطع كل المساعدات التي كانت تصلها من المنظمات الدولية، إضافة إلى إلغاء القوانين العراقية الداعمة لهم.
وجاء في مسودة مذكرة جرت كتابتها بواسطة صحافيين وناشطين فلسطينيين يعيشون في بغداد، ونشرها موقع "فلسطينيو العراق"، أن "اللاجئين الفلسطينيين في العراق يودون إسماع صوتهم ومعاناتهم، وأننا مضى على وجودنا أكثر من 75 عاما في دولة العراق دون وجود حماية دولية ترعى شؤوننا أسوة ببقية اللاجئين الفلسطينيين التي ضمتهم وكالة الأونروا وقدمت لهم مساعدات وغيرها وكذا بقية اللاجئين الآخرين في العالم".
من جانبه، قال السفير الفلسطيني في العراق، أحمد عقل، إن "السفارة على علم بهذه المذكرة، ومن حق الشباب الناشطين توجيهها إلى الأمم المتحدة والمنظمات الدولية، من أجل حل مشاكلهم وأن تتوجه هذه الجهات إلى البحث عن معاناة الفلسطينيين في العراق، لأن الواضح أن الأمم المتحدة لا تعتبر فلسطينيي العراق موجودين أصلاً"، مبيناً لـ"العربي الجديد"، أن "السفارة استعرضت قبل شهر تقريباً مع المفوضية السامية أوضاع الفلسطينيين، ولم تكن هناك أي ردات فعل مشجعة، وكذلك مع الأمم المتحدة التي كلما فتحنا معها ملفات مثل المساعدات والعلاج تعذرت بقلة الأموال لديها".
وأكّدت المذكرة أوضاع فلسطينيي العراق، وأنهم "لا يمتلكون وثائق سفر فعالة، إلى جانب عدم امتلاكهم وطناً وهوية كغيرهم، يضاف إلى ذلك عدم شمولهم بتعريف وكالة أونروا للاجئ الفلسطيني، ولا تشملهم خدماتها"، مشيرة إلى أن "المفوضية السامية لشؤون اللاجئين في العراق لم تتفاعل بما يتناسب وحجم معاناة الفلسطينيين في العراق، من ناحية المنح المالية والطبية والطوارئ وبدل الإيجارات والتأهيل المهني، وإعادة التوطين".
ولفتت إلى "حرمان الكثير من أفراد الأسر والعوائل من رؤية أبنائهم وأزواجهم وآبائهم وأمهاتهم وأولادهم وبناتهم وأخواتهم نتيجة الاغتراب والشتات من العراق للخارج وبقاء آخرين في العراق بسبب عدم وجود وثائق سفر معترف فيها وإهمالها من قبل الدولة المضيفة، وهذا كان أحد أهم أسباب ولادة المفوضية السامية لشؤون اللاجئين وفق اتفاقية عام 1951 بعد الحرب العالمية الثانية".
كما نبّهت مسودة المذكرة إلى الأوضاع المعيشية المتردية لهذه الشريحة من اللاجئين، وأوردت أنّ "60 بالمائة منهم يعيشون تحت خط الفقر، مما انعكس على تردي الحياة الاجتماعية برمتها، ناهيك بتهميش واضح لسماع نداء واستغاثة اللاجئين الفلسطينيين من خلال الاتصال بالمفوضية عبر الهواتف النقالة أو وجهاً لوجه، مما جعل اللاجئ يحسّ بضياع وانتكاسة لوضعه النفسي وهذا ما يتعارض وأهدافكم"، بحسب ما جاء فيها.
وطالبت بـ"إخراج اللاجئين الفلسطينيين في العراق من نظام النسب المئوية 1%، وفق ما هو متاح لدول التوطين، وذلك لعدم امتلاك الفلسطينيين حرية الحركة بل هم مكبلون ومثقلون بغياب أي جواز سفر يؤهلهم للقبول في أي بلد في العالم عكس بقية اللاجئين من جنسيات أخرى".
وفي فبراير/ شباط 2020، أبلغت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين دفعة جديدة من العائلات الفلسطينية المقيمة في العاصمة العراقية بغداد، بأنّ ذلك الشهر "هو آخر شهر ستدفع فيه بدلات الإيجار الخاصة بمساكنها". وهو ما سبب نكبة جديدة للفلسطينيين داخل العراق، وأدى إلى خروج العوائل في تظاهرات، وطالبوا بالعدول عن القرار أو إعطائهم جوازات سفر تمنحهم حق اللجوء في دولة أخرى، إلا أن مطالبهم لم تتحقق.
في السياق، قال الصحافي نبيل محمد سمارة، وهو أحد الفلسطينيين في بغداد، إن "المذكرة موجهة إلى مفوضية اللاجئين، مع العلم أن المفوضية تعرف كل شيء عن أوضاع الفلسطينيين في العراق، لا سيما وأنهم كانوا قد احتجوا في وقت سابق على قطع المفوضية للمساعدات المالية وبدل الإيجار"، مبينا لـ"العربي الجديد"، أن "المفوضية قطعت المساعدات منذ الإعلان عما يسمى بصفقة القرن، وقد تم زجنا في سياسات نحن في غنى عنها".
وأضاف أن "المفوضية لم تعد توفر لنا "ورقة الحماية" التي كانت تعطيها لنا كل سنتين، بينما توفرها للاجئين السوريين والإيرانيين والسودانيين في العراق، وهذا ما جعلنا نشعر بأن المفوضية والجمعيات الدولية تخلت عنا، بما في ذلك السلطة الفلسطينية، ويمكن اعتبار الفلسطينيين في العراق حالياً الأكثر فقراً في بلاد الرافدين"، مشيرا إلى أن "مجلس النواب العراقي في عهد رئيسه سليم الجبوري ألغى قانونا كان يعامل فيه الفلسطيني معاملة العراقي باستثناء الخدمة العسكرية والجنسية العراقية، وبهذا الإلغاء أصبح الفلسطيني يُعامل معاملة أي وافد أجنبي، حتى أن حق التقاعد لبعض الموظفين ألغي، ورغم أن السفير الفلسطيني أحمد عقل يجري لقاءات مع المسؤولين ويفتح هذه الملفات إلا أن المشاكل لا تُحل أبداً".
وكان البرلمان العراقي قد ألغى القانون 202 المتعلق بالفلسطينيين في العراق، والذي ينص على أنّ "للفلسطيني كما للعراقي من حقوق، إلى حين تحرير كامل التراب الفلسطيني"، وكذلك أصدرت الحكومة العراقية، في الرابع والعشرين من ديسمبر/ كانون الأول 2017، بياناً، قالت فيه إنّ "إلغاء القانون 202 المتعلّق بحقوق الفلسطينيين المقيمين بالبلاد، جاء لأمور تنظيمية"، مؤكدة أنّ القانون الجديد رقم 76، المتعلق بتنظيم إقامة الأجانب، سيشملهم ولا يخلّ بحقوقهم. فيما قطعت الحكومة، البطاقة الغذائية عن الفلسطينيين، كما اعتبروا مقيمين أجانب في ما يتعلق بتنافسهم على المقاعد الجامعية والدراسات العليا وحتى المراجعات للمستشفيات الحكومية، فضلاً عن قطع راتب التقاعد عن ورثة الفلسطيني المتوفى، بما يعتبر نسفاً لكلّ القوانين السابقة منذ نهاية عام 1948.
وتراجع عدد الفلسطينيين في العراق كثيراً بعد الاحتلال الأميركي، عقب سلسلة استهدافات مبرمجة من قبل القوات الأميركية، أدت إلى مقتل وجرح واعتقال عشرات منهم، تبعتها حملة قتل منظمة وطرد وتهجير للآلاف منهم بعد عام 2006 نفذتها مليشيات.
وتنحدر غالبية الفلسطينيين في العراق من قرى إجزم وجبع وعين غزال القريبة من مدينة حيفا، بالإضافة إلى مئات العائلات من يافا ونابلس والقدس، وهم يتركزون في بغداد والبصرة والموصل، وفي الفلوجة التي تعتبر أولى محطاتهم بعد مغادرة الأردن بداية من عام 1948.