لم يمنع تقدّم الإيراني المقيم في قطاع غزة، قاسم شياصي، في السن من تذكّر تفاصيل القتال في لبنان مع منظمة التحرير الفلسطينية خلال حقبة السبعينيات والثمانينيات من القرن الماضي ضد الاحتلال الإسرائيلي.
ولد قاسم شياصي المكنى بـ"أبو هاشم الإيراني" في إيران، ويزيد عمره على 90 عاماً، وفقاً لتقديرات عائلته، فيما لا يوجد تاريخ ميلاد دقيق يعرفه الرجل الذي انتقل في السبعينيات من القرن الماضي إلى لبنان للقتال مع منظمة التحرير ضد الاحتلال الإسرائيلي.
وقبل انتقاله إلى لبنان عمل لثلاث سنوات في الجيش الإيراني، إذ كان مهندساً عسكرياً، وتعود أصوله إلى مدينة أصفهان الإيرانية، ليقرر بعدها الرحيل للقتال من أجل القضية الفلسطينية في وجه الاحتلال الإسرائيلي.
شياصي الذي شهد اجتياح لبنان عام 1982 عمل مرافقاً لعرفات خلال وجوده في طرابلس اللبنانية، قبل أن ينتقل بعد الانسحاب من لبنان إلى اليمن، ومنه إلى دول عدة، لينتهي به المطاف عام 1994 في قطاع غزة مع قدوم السلطة الفلسطينية وتوقيع اتفاق أوسلو.
ورغم مرور سنوات على وفاة الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات، إلا أن "الإيراني"، كما يلقب في محيط منطقة سكناه بمدينة خان يونس جنوبي القطاع، لا يزال يتذكر جانباً كبيراً من هذه التفاصيل وطبيعة المواجهة مع الاحتلال.
ولا يخفي شياصي تعلقه الشديد بعرفات، لكونه حارب معه لسنوات، وكان منزله مجاوراً له في لبنان، إذ يحتفظ بصور عدة تجمعه معه في مناسبات واحتفالات وطنية جرت في القطاع بعد تأسيس السلطة، بالإضافة إلى صور أخرى خلال وجوده في لبنان واليمن.
وعلى مدار السنوات الأخيرة تزوج 3 زوجات في القطاع أنجب منهن 6 من الأبناء، بالإضافة إلى زوجته الإيرانية التي أنجب منها 4، لا يعرف عنهم أية معلومات منذ سنوات بعد انقطاع الاتصال بهم حيث يقيمون في إيران.
يعاني شياصي حالياً من مرض السرطان والكلى، بالإضافة إلى أمراض عدة أخرى أثرت في حركته وجعلته عاجزاً عن الحركة، فضلاً عن تقدمه الكبير في السن، وصعوبة نطقه، ما يجعل حديثه مع المحيطين به صعباً نوعاً ما.
ولا يتقن الإيراني اللغة العربية، إلا بضعة جمل من واقع معيشته في القطاع، إلا أنه يجيد الحديث باللغة الفارسية والكردية والتركية، التي استطاع أن يعلِّم جزءاً منها لأبنائه الصغار وزوجاته، ما يسهّل تعامله مع المحيطين به.
ويقول شياصي لـ "العربي الجديد" إنه لم يندم على التحاقه بمنظمة التحرير والقتال برفقة عرفات، إذ إنه لبى نداء الدفاع عن القضية الفلسطينية في تلك الفترة حتى انتهى به المطاف للاستقرار في القطاع، مفضلاً البقاء فيه على حساب العودة إلى إيران.
أما عن علاقته بعرفات فيقول: "عرفات لم يكن مجرد قائد، بل بالنسبة لي أبي وأخي وكل عائلتي، لقد كان زعيماً حقيقياً للفلسطينيين، ومنذ رحيله تبدلت أحوالي كثيراً. لقد كان يتفقد أحوالي باستمرار، ويسأل عني إلى غاية الحقبة التي سبقت حصاره واستشهاده".
وعن ذكريات حصار بيروت وحرب عام 1982، لا ينسى شياصي تفاصيل ما جرى، وخصوصاً القصف المشدد الذي كان يقوم به طيران الاحتلال وما فعله رئيس وزراء الاحتلال الأسبق أرئيل شارون من قتل واستهداف للمدنيين.
ويوضح أن الاحتلال كان يستهدف الأطفال والنساء والمدنيين، وكان القصف عشوائياً لا يراعي وجود المدنيين، إلى جانب أن القتال كان صعباً للغاية، إذ كان يعمل ضمن سلاح الهندسة التابع لقوات منظمة التحرير إبان تلك الفترة.