قانون الأعياد الرسمية في العراق: 13 إجازة في مناسبات طوائف

23 مايو 2024
عراقيون شيعة خارج مرقد الإمام علي في النجف عشية عيد الغدير / 7 يناير2007 (فرانس برس)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- أقرّ البرلمان العراقي قانون الأعياد الرسمية الذي يشمل مناسبات دينية متنوعة، مثيرًا جدلاً حول تعزيز الانقسام المذهبي والقومي.
- يتضمن القانون 11 يومًا كأعياد رسمية بالإضافة إلى العطل الأسبوعية، ويمنح 13 عطلة لطوائف مختلفة، معكسًا التنوع الديني في العراق.
- واجه القانون انتقادات لتركيزه على الهويات الطائفية بدلاً من تعزيز الوحدة الوطنية، مما يعكس التحديات في بناء هوية وطنية موحدة.

أقرّ البرلمان العراقي، أمس الأربعاء، قانون الأعياد الرسمية في العراق المثير للجدل، وذلك بعد إضافة مناسبات دينية طائفية مختلفة لاقت اعتراضات وانتقادات واسعة كونها تعزز الانقسام المذهبي والقومي بين المكونات والطوائف، وتُغيّب العيد الوطني الجامع للعراقيين.

إقرار قانون الأعياد الرسمية في العراق، المُعطل منذ سنوات بسبب الخلافات السياسية الحادة بشأنه، جاء بعد حراك من قبل زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، نهاية مارس/ آذار المنصرم، تجاه البرلمان داعياً إلى إضافة "عيد الغدير"، مُلوّحاً بخطوات تصعيدية شعبية في حال لم يحصل هذا، وقد استجاب رئيس البرلمان بالوكالة محسن المندلاوي إلى الطلب، وأدرج المقترح ضمن جدول أعمال جلسة البرلمان، على الرغم مما أثاره من جدل.

تفاصيل قانون الأعياد الرسمية في العراق

وعرض قانون الأعياد الرسمية في العراق على التصويت في جلسة أمس الأربعاء، وقد أُقر من قبل النواب الشيعة، ويشمل 11 يوما اعتبرها أعيادا تفرض الإجازة فيها، فضلا عن العطل الرسمية العامة وهي يومي الجمعة والسبت، مع إعطاء صلاحية لمجلس الوزراء بإلغاء عطلة يوم السبت عند الضرورة. كما منح 13 عطلة وعيدا لطوائف عراقية مختلفة، أبرزها الصابئة والمسيحيون والأيزيديون.

واحتوى القانون على اعتبار "عيد الغدير"، في الـ18 من شهر ذي الحجة في كل عام، عطلة رسمية، وبحسب المذهب الشيعي، فإن النبي محمد أوصى في خطبة له بهذا اليوم سنة 10 للهجرة بأن يكون علي بن أبي طالب خليفته ومولى المسلمين من بعده. عقب ذلك، أكد رئيس البرلمان بالوكالة محسن المندلاوي أن "القانون يهدف إلى إبراز المناسبات المرتبطة بحياة ومشاعر الشعب العراقي وتنظيم العطلات الرسمية في البلاد"، وقال في بيان: إنه "يهنئ جميع العراقيين بإقرار القانون، وإن رئاسة مجلس النواب منحت اهتماما خاصا له وحرصت على جعل يوم 18 ذي الحجة عطلة عامة؛ وذلك لرمزية يوم الغدير لدى غالبية العراقيين".

وبعد إقرار القانون، عبّر الصدر عن شكره لأعضاء البرلمان لتصويتهم على عطلة يوم الغدير، وقال في تدوينة له على منصة "إكس": إنه "بفضل الله وتوفيقه وبجهود أبناء الوطن وأبناء المذهب الإمامي الجعفري بل وكل المنصفين من السنة، بل إخوتنا في الوطن من الأديان والكرد والقوميات الأخرى، تم التصويت من قبل نواب البرلمان العراقي مشكورين على (عطلة يوم الغدير) عيد الله الأكبر عطلة عراقية وطنية". وشدد على أنه "صار لزاما على العراقيين أجمع ولا سيما أبناء التيار الوطني الشيعي التوجه إلى المساجد رافعين راية الغدير ومتشحين بالوشاح الأخضر، للصلاة ركعتين شكراً لله تعالى. ورفع الشهادات الثلاث من منائرها".

وتصاعدت حدة التصريحات من قبل نواب قوى "الإطار التنسيقي" التي لم تخل من نبرة طائفية عدت التصويت نصرا لإرادة المكون الشيعي، كما احتشد المئات من أنصار الصدر تلبية لتوجيهه أمام وداخل المساجد وهم يهتفون معبرين عن فرحتهم بالتصويت على القانون.

مقابل ذلك، عدّ رئيس البرلمان العراقي الأسبق أسامة النجيفي الخطوة "ضربا للوحدة والنسيج الوطني"، وقال في تدوينه له على "إكس": "الأعياد والعطل الوطنية مناسبات جامعة، وعندما تكون هناك اجتهادات يمكن أن تفسر بأنها توجه نحو نسبة كبيرة من الشعب، فإنها تفقد صفتها الوطنية، بل يمكن عدها ضربا للنسيج الوطني، فهي مناسبات للوحدة والتعاون والتآزر، أما حين تكون قسرية ومضادة لاعتقاد الآخرين فإنها تفقد صفتها الوطنية، وهذا ما يحدث للأسف الشديد".

أما النائب السابق حيدر الملا، فقد أكد أن الأهم من إقرار العطلة هو أن يقتدي المصوتون عليها بنهج الإمام علي، ويبتعدون عن الفساد، وقال في تدوينة له: "بعد إقرار واقعة الغدير عيدا، أتمنى للذين صوتوا على القانون أن ينتهجوا نهج الإمام علي الذي لم يكن يملك إلاّ أربعة دراهم فتصدق بدرهم ليلاً، وبدرهم نهاراً، وبدرهم سراً، وبدرهم علانيةً...".

من جهته، اعتبر الناشط في مجال حقوق الإنسان عدنان البياتي أن "القانون يفرض الهوية الطائفية على البلاد"، مبينا لـ"العربي الجديد" أن "الشعب لا يريد العودة إلى الهوية الطائفية، وأنه في السنوات الأخيرة تجاوز كل تركة السنوات السابقة التي تلت الغزو الأميركي للعراق وما رافقه من أحداث طائفية، إلا أن الأحزاب السياسية التي تعتاش على الفرقة والفتنة بدأت مجددا تُروّج لهذا الفكر ودفعت باتجاه تمرير القانون". وانتقد "التوجه نحو تجاوز الهوية الجامعة للشعب، وفرض الهويات الطائفية الضيقة التي ترسخ للمشاكل والفتن"، مُحملا أحزاب السلطة "نتائج تفكيك وحدة الشعب الواحد والسعي لزرع بذور الفرقة". فيما تساءل عضو التيار المدني العراقي أحمد حقي عن "اليوم الوطني للعراق"، وأضاف: "هل يعقل أن يكون قانون للأعياد لا يوجد فيه يوم وطني واحد للعراقيين يجمعهم بهويتهم العراقية؟"، معتبرا في حديث مع "العربي الجديد" أن قانون الأعياد الرسمية في العراق "يعزز من الانقسام الطائفي، وهو ما تحرص عليه غالبية القوى السياسية".

يشار إلى أن أيام العطل الرسمية في العراق تتجاوز 100 يوم في العام، من دون احتساب أيام الجمعة والسبت التي تُعَدّ عطلة لمعظم الموظفين في دوائر ومؤسسات الدولة العراقية، الأمر الذي يدفع مراقبين إلى انتقاد أيام العطل الكثيرة تلك التي تساهم في خسائر كبيرة وفي تأخير شؤون عديدة في البلاد، وارتبطت تلك العطل بمعظمها بوقائع تاريخية ودينية ومذهبية، مع العلم أنّها لم تكن تتجاوز 16 يوماً فقط قبل عام 2003. ومنذ العام 2015، رحّل مجلس النواب العراقي قانون العطل الرسمية المثير للجدل أكثر من مرة إلى دورات برلمانية لاحقة، بسبب خلافات عميقة بشأنه، أملاً بالتوصّل إلى تسويات سياسية.

المساهمون