استمع إلى الملخص
- أرسلت الوكالة التركية لإدارة الكوارث فرق إنقاذ للبحث عن معتقلين في سجن صيدنايا، المعروف بسمعته السيئة، حيث يُعتقد أن أكثر من 30 ألف سجين قد أعدموا أو ماتوا بين 2011 و2018.
- شهادات مؤلمة من أهالي المفقودين تكشف عن عمليات احتيال ممنهجة، حيث كسب النظام وأنصاره نحو 900 مليون دولار من هذه العمليات.
لم تكن سجون سورية في عهد الرئيس المخلوع بشار الأسد مجرد أداة لقمع معارضي حكمه، بل أيضاً وسيلة لجني أنصاره المال. ويقول سوريون لا يزالون يتمسكون بحلم رؤية أبنائهم وأزواجهم وأشقائهم المفقودين مرة أخرى إنهم تعرضوا لابتزاز ممنهج لدفع رشاوى بمئات الملايين من الدولارات، لكن الأسوأ أن أنصار الأسد من مسؤولين ومحامين ومحتالين وأنصار الذين كانوا يطلبون رشاوى لم ينقلوا معلومات عن المعتقلين الذين فارق عشرات الآلاف منهم الحياة، بحسب ما يقول معنيون بحقوق الإنسان.
واليوم الاثنين، أعلنت الوكالة التركية لإدارة الكوارث (آفاد) أنها أرسلت مسعفين لإجراء عمليات بحث بهدف إيجاد معتقلين قد يكونون في أقبية وزنزانات تحت الأرض في سجن صيدنايا. وأوضحت أن نحو 80 عنصر إغاثة وإسعاف مزودين بأجهزة بحث متطورة يشاركون في عمليات البحث عن سجناء في صيدنايا الذي وصفته منظمة العفو الدولية بأنه "مسلخ بشري". وتقدّر رابطة معتقلي ومفقودي سجن صيدنايا أن أكثر من 30 ألف سجين أعدموا أو قضوا تحت التعذيب أو من قلّة الرعاية أو الطعام في صيدنايا بين عامي 2011 و2018.
وفي شهادات أدلى بها أقرباء مفقودين في سورية، قالت سناء عمر (38 عاماً) من مدينة حلب (شمال) التي جاءت إلى العاصمة دمشق لمحاولة الحصول على أخبار عن شقيقها محمد الذي اختفى عندما كان في سن الـ15: "شقيقي مفقود منذ عام 2011. لا نعرف عنه أي شيء أو معلومات عن وجوده في أي سجن. دفعنا لمحامين كانوا يقولون إنه موجود وإن هناك معلومات تتوفر عنه، لكننا لم نجده في كل سجلات الأمن. وكان أبي يرى في دمشق محامين وضباطاً من النظام، ويدفع لهم مبالغ مالية كبيرة ويتلقى منهم وعوداً بأنه سيراه وسيؤمنون له موافقة لإجراء زيارة لكنهم كانوا يكذبون. واستمرت أسرتي في دفع رشاوى لمدة خمسة أعوام، ثم فقدت الأمل".
وقبل عامين أجرت رابطة معتقلي ومفقودي سجن صيدنايا مئات المقابلات لسؤال الأسر عن المبالغ التي دفعوها مقابل وعود بمعلومات أو زيارات أو حتى إطلاق سراح أبنائهم، وقدّرت بأن مسؤولين حكوميين ومؤيدين للنظام كسبوا نحو 900 مليون دولار.
وقال شاب يدعى حسن هاشم، ضخم البنية، جاء من ريف حماة (شمال) للبحث عن شقيقه المعتقل في سجن صيدنايا منذ عام 2019: "إنها محاولة يائسة أخيرة لمعرفة مصير شقيقي المعتقل الذي كان يزوره شقيقي الآخر قبل أن ينقل لإعادة التحقيق معه بتهم الإرهاب إلى الفرع 48. دفعنا أكثر من 12 ألف دولار لتتبع أخباره، وتلقينا وعوداً لم تتحقق بإطلاقه، ثم جرى ربطنا بأحد أقرباء مسؤول كبير في النظام الذي طلب مبلغ 100 ألف دولار لإخراجه، وقلنا لهم حتى إذا بعنا القرية بكاملها لن نحصل على 100 ألف دولار".
وفيما يتجول مدنيون مذهولون ومقاتلون من فصائل معارضة مسلحة في قاعات صيدنايا التي تضم الزنازين، ويركلون حصائر النوم المهجورة القذرة التي تظهر أن كل زنزانة كانت مكتظة وتضم 20 سجيناً على الأقل، تقول أيوش حسن (66 عاماً) التي جاءت من ريف حلب بحثاً عن ابنها: "طلب مسؤولون في النظام المخلوع مني مبلغاً مالياً كبيراً قبل نحو شهر، وأبلغوني أن ملف ابني موجود في صيدنايا وأنه بخير، لكنه ليس هنا وليس معنا الآن". تابعت: "نريد أولادنا أحياءً أو أمواتاً، محروقين أو رماداً أو مدفونين جماعياً. فقط أبلغونا عن مصيرهم. كذبوا علينا وجعلونا نعيش 13 عاماً على الأمل. قالوا لي سيخرج ابني خلال شهر أو شهرين أو هذا العام أو في عيد الأم، وكلها أكاذيب".
(فرانس برس)