يعجز عدد كبير من الأهل عن تأمين القرطاسية لأولادهم في مخيم عين الحلوة للاجئين الفلسطينيين بسبب غلاء الأسعار، فكانت إحدى المبادرات لتقديمها مجاناً بمثابة منقذ
في ظلّ الظروف الاقتصادية الصعبة التي يعيشها أهالي مخيم عين الحلوة في مدينة صيدا (جنوب لبنان)، ونتيجة للغلاء الفاحش في أسعار القرطاسية بسبب ارتفاع سعر صرف الدولار، بات من الصعب على الأهل شراء المستلزمات الدراسية من قرطاسية وغيرها، بعدما زادت أسعارها أربعة أضعاف. في هذا الإطار، بادرت مدرسة زيتونة نانوم في المخيم، التابعة لجمعية زيتونة التعليمية، إلى توزيع قرطاسية على التلاميذ، خصوصاً الفقراء. ووزعت المدرسة القرطاسية لمائة وثلاثين تلميذاً، بدءاً من الصف الأول أساسي وحتى الصف السابع أساسي.
وأعرب الأهالي عن ارتياحهم لهذه الخطوة التي خففت عبئاً كبيراً عليهم. أما الأطفال، فقد شعروا بالفرح بعدما ظنوا أنهم لن يتمكنوا من الحصول على القرطاسية المطلوبة للمدرسة التي يجهد الأهل في تأمينها حتى قبل هذه الأزمة. وتقول منال علي الصالح، وهي أم لصبي وثلاث بنات: "في ظل الظروف الصعبة والغلاء الفاحش الذي صار حديث العصر، خصوصاً أسعار القرطاسية المدرسية، بات يصعب علينا تأمينها لأولادنا. وحتّى لو أردنا شراء دفتر واحد لم يعد بمقدورنا ذلك".
تضيف أن الدفتر الصغير الذي كان يباع سابقاً بخمسمائة ليرة لبنانية (ثلث دولار بحسب سعر الصرف الرسمي)، صار يباع بخمسة آلاف. لدي أربعة أولاد، وجميعهم في المدارس بحاجة إلى قرطاسية. وإزاء وضعنا المعيشي الصعب، ليس في استطاعتنا شراء هذه القرطاسية. ولأنّنا نستفيد من الخدمات الاجتماعية التي تقدمها جمعية زيتونة، ويدرس أولادي في معهدها، كان لنا نصيب من توزيع القرطاسية ما خفف العبء علينا". تختم قائلة: "صراحة، لو لم تقدم لنا القرطاسية، فلم نكن لنتمكن من شراء قلم حتى".
أما بثينة محمد شتيوي، التي تقيم في مخيم عين الحلوة، وهي أم لثلاث بنات، فتقول: "تراجعت قدرتنا الشرائية أمام هذا الغلاء الفاحش. لم نعد نستطيع شراء احتياجاتنا الأساسية للبيت من مأكل ومشرب. وعند تحدّي العودة إلى المدارس، فإنه من الصعب علينا شراء القرطاسية التي يحتاجها أولادنا للعودة إلى المدرسة. لكن ما قامت به الجمعية هوّن علينا الأمر، وساهم في تخفيف العبء علينا. وكان لهذا الأمر أثر إيجابي علينا، وتحديداً على الأولاد. وعادت البسمة إلى وجوههم بعدما كانوا قد فقدوا الأمل في تأمين القرطاسية".
من جهته، يقول التلميذ أحمد، وهو في الصف السادس: "كنت مرعوباً من فكرة عدم استطاعة أهلي شراء القرطاسية المطلوبة لمدرستي في ظل ارتفاع الأسعار. والدي لم يكن يستطيع تأمينها. لم أكن أعلم كيف سأبدأ عامي الدراسي من دون هذه القرطاسية. وساهمت مدرسة زيتونة نانوم بتخفيف عبء كبير عن أهلنا في ظل هذه الظروف، كما أنها خففت من التوتر الذي كنت أنا وغيري من التلامبذ نشعر به".
أما التلميذة مريم، وهي في الصف السابع، فتقول: "منذ سنوات، ونحن ندرس وأشقائي الصبيان الثلاثة في مدرسة زيتونة. لذلك، شملتنا مبادرة توزيع القرطاسية، وهي الوحيدة التي أتاحت لنا الحصول على القرطاسية اللازمة للمدرسة، وجعلتني أنا وإخوتي سعداء".
وعلى الرغم من أهمية هذه المبادرة، ما زال هناك الكثير من المحرومين من القرطاسية. وتقول إحدى السيدات في المخيم: "حصل أولادنا على القرطاسية، وهي خطوة جيدة جعلتنا نشعر بالراحة. لكننا اليوم نواجه مشكلة أكبر، وهي كيفية الحصول على أجهزة إلكترونية توفر لأولادنا التواصل مع المدرسة، ومتابعة شرح الدروس. لديّ أربعة أولاد، وكل ولد في صف، وشرح الدروس يكون في وقت واحد. أحتاج إلى أربعة أجهزة إلكترونية لأولادي، ولا أملك غير هاتفي الذي يستطيع استخدامه ولد واحد. ماذا أفعل مع أولادي الثلاثة الباقين؟ ومن أين سأوفر لهم ثمن حاسوب حتى يسهل لهم تواصلهم مع المدرسة ومتابعة شرح الدروس في ظل هذا الغلاء الفاحش؟".
وفي وقت سابق، أعلن مسؤول لجان حق العودة في مخيم عين الحلوة، ياسر عوض، أن "التجمعات الفلسطينية في لبنان باتت على شفير هاوية العوز وأصبحت بحاجة فعلية إلى توفير حياة كريمة، بعدما أصبحت عاجزة عن تأمين الغذاء والدواء للعديد من العائلات التي تدنى مستوى معيشتها بسبب الغلاء الفاحش". ويوضح أن "نسبة البطالة في صفوف شعبنا لامست الـ80 في المائة بعدما تدنت القدرة الشرائية"، مضيفاً أن اللاجئين "بحاجة ماسة إلى مساعدات عاجلة، خصوصاً في ظل انعدام فرص العمل وزيادة نسب التضخم وفقدان السيولة النقدية".