رغم تأكيد مسؤولين في أربيل، العاصمة المحلية لإقليم كردستان العراق، موافقتهم على إعادة السكان النازحين من القرى العربية إلى منازلهم التي تسيطر وحدات البيشمركة عليها منذ 6 سنوات، لم تظهر على الأرض حتى الآن أي نتائج فعلية للوعود التي أطلقت.
وتمنع قوات البيشمركة عودة سكان 6 قرى عربية تابعة لناحيتي ربيعة وزمار، شمال غربي محافظة نينوى، علماً أنهم نزحوا من مناطقهم بسبب معارك اندلعت بين القوات العراقية والكردية خلال عملية فرض القانون في أكتوبر/ تشرين الأول 2017. وتقسّم القرى العربية في نينوى التي تخضع لسيطرة البيشمركة حالياً إلى قسمين، يشمل الأول مناطق غربي نهر دجلة ضمن ناحيتي ربيعة وزمار، والثاني مناطق في قريتي الخازر وحسن شام التابعتين لقضاء الحمدانية.
وكانت ناحية ربيعة التابعة إدارياَ لقضاء تلعفر قد سقطت مع مناطق أخرى في نينوى في يد تنظيم "داعش" في حزيران/ يونيو 2014، ثم استعادت قوات البيشمركة السيطرة عليها في أيلول/ سبتمبر من العام ذاته، وفرضت سيطرتها على ناحية زمار ومناطق أخرى تتبع لمحافظة نينوى.
وبقيت القوات الكردية في هذه المناطق حتى أطلقت بغداد عملية "فرض القانون" عام 2017، رداً على تنظيم أربيل استفتاءً للانفصال عن العراق. حينها تراجعت قوات البيشمركة إلى الأطراف الشمالية الشرقية لناحية ربيعة حيث توجد 5 قرى عربية، هي السعودية وجدرية وصفية والمحمودية والقاهرة. كما سيطرت البيشمركة على قرية الشيخان بناحية زمار. ولا تزال تفرض سيطرتها على هذه المناطق حتى اليوم.
والأسبوع الماضي تظاهر مئات من أبناء ناحية ربيعة للمطالبة بإعادة سكان القرى العربية، وغالبيتهم من قبيلة شمر، ووجهوا إلى الحكومة المركزية نداءً للتدخل العاجل لاستعادة القرى وإنهاء معاناة النازحين.
يقول الحاج أنور المحمود، وهو أحد وجهاء ناحية ربيعة، لـ"العربي الجديد": "نزح سكان قريتي وقرى مجاورة بسبب المعارك، ثم حاولوا العودة بعد انتهائها، لكن القوات الكردية منعتهم. التقى ممثلون لسكان القرى المهجرة الذين يناهز عددهم 6 آلاف العديد من المسؤولين في بغداد وأربيل طوال السنوات الست الماضية، لكن السلطات في بغداد لم تقدم شيئاً لهم لأنها ليست صاحبة القرار، فيما وعدهم مسؤولون أكراد بالسماح بعودتهم، لكنهم لم يتخذوا إجراءات تنفيذية".
ويصف النائب عن نينوى عبد الرحيم الشمري سيطرة القوات الكردية على مناطق عربية في ناحية ربيعة بأنها "احتلال"، ويؤكد لـ"العربي الجديد"، أن القرى التي تفرض قوات البيشمركة السيطرة عليها لا تندرج ضمن مصطلح المناطق المتنازع عليها بين حكومتي بغداد وأربيل، ويقول: "يستهدف الحزب الديمقراطي الكردستاني بشكل سلبي أهالي نينوى العرب بدليل تنصله من وعود أطلقها بالانسحاب من القرى العربية وإعادة النازحين إليها. ويبدو واضحاً أن الغاية من إبعاد السكان العرب هو تغيير ديمغرافية المنطقة بقوة السلاح".
ويشدد الشمري على ضرورة تدخل الحكومة العراقية لإنهاء مشكلة القرى العربية المهجرة، وإعادة قوات البيشمركة إلى مناطق إقليم كردستان، ويدعو بعثة الأمم المتحدة في العراق إلى التحرك، ويشير إلى أنه "في حال لم تنسحب القوات الكردية من ناحية ربيعة ستتخذ العشائر العربية الإجراءات القانونية لإعادة مناطقهم المسلوبة".
بدوره، يدعو عامر أحمد عزيز النمر، نجل شيخ عشيرة الشرابيين، السلطات في بغداد إلى التدخل لإنهاء وجود قوات البيشمركة في القرى العربية، ويقول لـ"العربي الجديد": "تسيطر البيشمركة منذ عام 2014 على قرية الشيخان، وتمنع الأهالي من العودة إليها، كما لا تسمح لهم بدفن موتاهم فيها، أو دخول مسؤولي لجنة التعويضات الخاصة بالكشف عن الأملاك المتضررة من العمليات العسكرية. فعلياً تحوّلت الشيخان إلى ثكنة عسكرية لقوات حرس الإقليم".
وفي مناطق شرقي الموصل، لا تزال العديد من القرى العربية في منطقة الخازر، وأبرزها حسن شام وعلياوه وأش قلعة كبير وأش قلعة صغير وبحرة وتل أسود، تخضع لسيطرة قوات الأمن الكردية التي تمنع أكثر من 10 آلاف نازح من العودة.
ويقول مسؤول في ديوان محافظة نينوى، رفض كشف اسمه، لـ"العربي الجديد": "أسباب الرفض سياسية، وتتمثل في استخدام الجانب الكردي الملف كورقة ضغط للحصول على مكاسب في ملفات أخرى، أما الأسباب الأمنية فتتمحور حول واقع تحوّل القرى إلى حد فاصل بين المناطق الخاضعة لسيطرة القوات الاتحادية وتلك الخاضعة لقوات حرس إقليم كردستان".
ويوجد نازحون من هذه القرى في مخيم حسن شام الذي يبعد مئات الأمتار فقط عن منازلهم التي يرونها بالعين المجردة على غرار مزارعهم من دون أن يستطيعوا العودة إليها.
واللافت أن الحزب الديمقراطي الكردستاني الذي اتهم بالوقوف خلف ترحيل سكان القرى العربية، أعلن أخيراً بدء تنفيذ إجراءات فعلية لإعادة النازحين وإنهاء مشكلة القرى العربية في نينوى.
وقال القيادي في الحزب الديمقراطي الكردستاني نوزاد هادي، في مؤتمر صحافي: "تستكمل سلطات إقليم كردستان حالياً الإجراءات اللازمة لإعادة سكان قرى الخازر"، وستشهد المرحلة المقبلة إعادة نازحين من قرى عربية في ناحية ربيعة وأخرى تقع غربي نهر دجلة. وجرى تشكيل لجان مشتركة بين بغداد وأربيل، وقد باشرت عملها لإعادة النازحين إلى مناطقهم قريباً.