تعمل أكاديمية دراسات اللاجئين الفلسطينيين بكل الوسائل المتوفرة للحفاظ على الهوية الثقافية لقرى فلسطين المحتلة ومدنها، وتوثيق كل شيء يتعلق بالهوية الثقافية الفلسطينية، لذا أطلقت قبل عام ونصف العام، بمبادرة من خريجيها، مشروع توثيق القرى الفلسطينية، وأعلنت مؤخراً عن المشروع خلال مؤتمر صحافي عقدته في بيروت.
تتحدث صاحبة فكرة المشروع ومديرته رشا السهلي البالغة الـ25 من العمر والمتحدرة من بلدة الشيخ، والتي تقيم في سورية على أطراف مخيم اليرموك، لـ"العربي الجديد" وتقول: "مشروعنا بحثي توثيقي أطلقته أكاديمية دراسات اللاجئين، بمبادرة من خريجيها الذين طوروا الفكرة، ويبذلون قصارى جهدهم حالياً لتوفير مواد أرشيفية موثقة بطريقة علمية عن كل قرية فلسطينية".
تتابع رشا، الحاصلة على ماجستير في العلوم السياسية: "لا يقتصر عملنا على توثيق معلومات عن القرى المهجّرة، بل يتعداه إلى قراءة ودرس حال القرى الفلسطينية التي لا تزال تنبض بالعروبة داخل فلسطين المحتلة، إلى جانب تلك التي لا تزال صامدة في مدن الضفة الغربية وقطاع غزة. وبعدما أطلقنا مشروعنا قبل عام ونصف العام، شكل القبول الواسع للفكرة وأصداءها والدعم الذي تلقيناه من أبناء القرى أنفسهم دوافع مهمة لمواصلة ما بدأناه. وقد شعرنا بأن المشاريع السابقة لم تعكس، رغم أهميتها، كل الجوانب المهمة في الحياة اليومية القروية التي عاشها الفلسطينيون قبل عام 1948".
تضيف: "حالياً، بات معظم فريق المشروع من أبناء القرى نفسهم الذين لا يوفرون أي جهد في دعمه وتطويره من خلال الإفادة من وسائل التواصل الاجتماعي التي تساعد في التعرف على أبناء القرى في مختلف أماكن وجودهم، وتوفر فرصاً مهمة للتواصل مع باحثين سبق أن كتبوا عن قراهم، ووثقوا معلومات عنها. وبالتالي يستكمل العاملون في المشروع التوثيقي العمل الذي باشره أبناء القرى من خلال مبادرات شخصية تعكس الانتماء وحب الأرض".
وحول طريقة عمل المشروع، توضح رشا أنه "بعيداً من النكبة وآثارها، يحاول المشروع تغيير الصورة النمطية في قراءة المعلومات والوثائق، تمهيداً لكتابة الحقائق الصحيحة عن القرى الفلسطينية. والاهتمام ينصب على الحالة الاجتماعية والثقافية والاقتصادية والتعليمية للقرى الفلسطينية قبل عام 1948، بأمل الإضاءة على جوانب جديدة لم تتناولها الأعمال السابقة التي تحدثت عن القرى، واستكمال بالتالي إعطاء الصورة الحقيقية عن حضارة هذه الأرض التي يدعي الصهاينة أنها كانت بلا شعب".
وعن سبب اختيار القرى الفلسطينية تحديداً، وتصنيفها في موسوعة منفردة عن المدن، تقول رشا: "نركز على القرى لأنه واضح أن الأرض هي محور الصراع منذ اللحظة الأولى لإعلان المشروع الصهيوني الذي انطلق من القرى الفلسطينية، وبينها قرى سهل مرج ابن عامر التي اعتبرت من أوائل القرى الفلسطينية التي دفعت ثمن تنفيذ المشروع الصهيوني. وقد أورد مشروعنا القرى الـ59 التي اندثرت خلال فترة الانتداب البريطاني، وجرى تحويلها إلى مستعمرات صهيونية. واللافت أن بعض الأعمال التوثيقية لم تذكر شيئاً عن هذه القرى، كما لم تتطرق إلى المستوى الحضاري والاقتصادي العالي الذي ميَّز القرى الفلسطينية طوال مئات السنين، وليس في القرن العشرين فقط، كما يدعي البعض. ورأينا أنه من واجبنا أن نسلط الضوء على هذا الجانب".
تتابع: "نأمل في أن نستكمل هذا النقص، من خلال إعادة الكتابة عن هذه القرى بمساعدة أبنائها الذين يزودوننا بروايات شفهية عن قراهم، والوثائق البريطانية والعثمانية التي تخصها، والتي نسعى جاهدين إلى الحصول عليها".
وتؤكد رشا أن المادة الأرشيفية التي يعمل المشروع على توفيرها استناداً إلى حقائق دامغة تتمتع بصدقية كبيرة، سيستخدمها جميع الراغبين في قراءتها والاطلاع عليها، "إذ سيجد الباحثون بين أيديهم منصة إلكترونية تحتوي على مكتبة رقمية تضم كل البحوث والكتب السابقة التي اختصت أو تحدثت عن القرى الفلسطينية، كما ستعرض معلومات عامة وتفصيلية عن كل قرية، وأفلاماً قصيرة عنها ضمن سلسلة "حكاية قرية"، وكذلك تصاميم انفوغرافيك للتعريف عن كل قرية فلسطينية، وصورا قديمة وحديثة وخرائط خاصة بها. كما ستتضمن المنصة مقابلات شفهية مع أعيان وباحثين من أبناء القرى، وتقارير خاصة بكل قرية فلسطينية يعدها فريق أكاديمي بحثي متخصص يستند إلى المعلومات والوثائق التي يوفرها أبناء القرى".