"قمة المستقبل" أو الأمل بتغيير مسار عالم يعاني أزمة

22 سبتمبر 2024
نشاط في سياق قمة المستقبل قبل انطلاقها في نيويورك، 21 سبتمبر 2024 (إريك ماكغريغور/ Getty)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- **انطلاق قمة المستقبل في نيويورك**: بدأت القمة بدعوة الدول الأعضاء في الأمم المتحدة لرسم مستقبل أفضل للبشرية، مع التركيز على الحروب والفقر والاحتباس الحراري. تهدف القمة إلى تبني "ميثاق المستقبل" رغم الشكوك حول تحقيقه.

- **التحديات والمفاوضات الشاقة**: يتبنى رؤساء الدول "ميثاق المستقبل" الذي يتضمن 56 إجراءً في مجالات متعددة مثل التعددية، السلام، وإصلاح المؤسسات المالية. دعا غوتيريس الدول لإظهار البصيرة والشجاعة.

- **التحديات والانتقادات**: رغم الأفكار الجيدة، يرى بعض الدبلوماسيين أن الوثيقة ليست ثورية بما يكفي. كانت مكافحة الاحتباس الحراري نقطة حساسة، وتطالب الدول النامية بالتزامات ملموسة من المؤسسات المالية. يأمل غوتيريس في تحويل الكلمات إلى أفعال.

تنطلق "قمة المستقبل"، اليوم الأحد، في نيويورك مع دعوة الدول الـ193 الأعضاء في الأمم المتحدة إلى المشاركة في "رسم مستقبل أفضل" للبشرية التي تعاني الحروب والفقر وتأثيرات ظاهرة الاحتباس الحراري، ليُصار إلى تبنّي "ميثاق" بتطلّعات كبيرة تحوم الشكوك حول إمكانية بلوغها. وكان الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس قد أطلق في عام 2021 فكرة "قمة المستقبل" التي قُدّمت بوصفها "فرصة فريدة" لتغيير مسار تاريخ البشرية.

وفي مقدّمة لاجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، التي تنطلق بعد غد الثلاثاء، من المتوقّع أن يتبنّى عشرات من رؤساء الدول والحكومات "ميثاق المستقبل"، الأحد. لكن بعد مفاوضات شاقة حتى اللحظة الأخيرة، كشف غوتيريس عن بعض "إحباط"، ودعا الدول إلى إظهار "البصيرة" و"الشجاعة"، وكذلك "أقصى الطموح" من أجل تعزيز المؤسسات الدولية "التي عفا عليها الزمن"، والتي لم تعد قادرة على الاستجابة بفعالية للتهديدات الراهنة.

وفي أحدث نسخة من ميثاق "قمة المستقبل"، يلتزم القادة بتعزيز النظام متعدّد الأطرف من أجل "مواكبة عالم متغيّر" و"حماية احتياجات الأجيال الحالية والمستقبلية ومصالحها" المهدَّدة بـ"أزمات متواصلة". وبحسب النصّ، يؤمن هؤلاء القادة بـ"وجود طريق نحو مستقبل أفضل للبشرية جمعاء". ويعرض الميثاق، في أكثر من عشرين صفحة، 56 إجراءً في مجالات من بينها أهمية التعددية واحترام ميثاق الأمم المتحدة والحفاظ على السلام، وإصلاح المؤسسات المالية الدولية ومجلس الأمن الدولي، أو حتى مكافحة تغير المناخ ونزح السلاح وتطوير الذكاء الاصطناعي.

من الأقوال إلى الأفعال في "قمة المستقبل"

وفي إطار "قمة المستقبل"، قال ريتشارد غوان، من مجموعة الأزمات الدولية، لوكالة فرانس برس، إنّه حتى في حال توفّر "الأفكار الجيّدة، فإنّ هذه ليست وثيقة ثورية لإصلاح التعددية بصورة كاملة، بناءً على ما كان قد دعا إليه أنطونيو غوتيريس". وقد شاركه دبلوماسيون هذا الرأي، إذ أعربوا عن تبرّم وعدم اقتناع عندما يُسألون عن الأهداف التي يتضمّنها نصّ الوثيقة وتأثيره. واستخدم أحد هؤلاء الدبلوماسيين عبارات مثل "باهت" و"مخيّب للآمال"، مضيفاً أنّه "من الناحية المثالية، كنّا نأمل بأفكار جديدة".

وقد أفاد مصدر دبلوماسي وكالة فرانس برس بأنّ بعد مفاوضات شاقة في الأيام الأخيرة، ما زالت روسيا تبدي اعتراضات على النسخة النهائية للنصّ التي نُشرت أمس السبت، من دون أن يعني ذلك أنّها سوف تحول دون اعتماده اليوم الأحد، في خلال اجتماع "قمة المستقبل".

إلى جانب ذلك، كانت مكافحة ظاهرة الاحتباس الحراري إحدى النقاط الحساسة في المفاوضات، وقد غابت الإشارة إلى "الانتقال" بعيداً من الوقود الأحفوري من مسوّدة النص على مدى أسابيع.

ورأى دبلوماسي غربي أنّه على الرغم من الانتقادات وضرورة عدم توقّع أن يؤدّي ميثاق "قمة المستقبل" إلى تحقيق السلام "بين عشية وضحاها"، يمثّل "فرصة لتأكيد التزامنا الجماعي بالتعددية، على الرغم من الإطار الجيوسياسي الصعب في الوقت الراهن"، معرباً في الوقت ذاته عن أمله بتعزيز الثقة ما بين الشمال والجنوب.

من جهتها، تطالب الدول النامية بالتزامات ملموسة من قبل المؤسسات المالية الدولية لتسهيل حصول عدد منها على تمويل للتعامل مع آثار تغير المناخ. في سياق متصل، رأت منظمة "هيومن رايتس ووتش" أنّ المشروع يتضمّن عدداً من "الالتزامات المهمّة" في مجال تغير المناخ، ورحّبت كذلك بعناصر تتعلّق بـ"مركزية حقوق الإنسان". لكنّ مدير قسم الأمم المتحدة في هذه المنظمة غير الحكومية لويس شاربونو رأى "وجوب أن يُظهر قادة العالم استعدادهم للعمل من أجل ضمان احترام حقوق الإنسان".

ومهما كان محتواها، فإنّ الميثاق "قمة المستقبل" ومَلاحقه (الميثاق الرقمي العالمي وإعلان الأجيال المقبلة) تبقى غير ملزمة، الأمر الذي يثير التساؤلات بشأن تنفيذها في حين تُسجَّل انتهاكات يومية لعدد من المبادئ المطروحة، من قبيل حماية المدنيين في الصراعات. وكان الأمين العام للأمم المتحدة قد لفت، أمس السبت، إلى أنّ "الأمر متروك لنا لبثّ الروح في هذه النصوص"، مضيفاً "لتحويل الكلمات إلى أفعال، ولاستخدامها من أجل وضع البشرية على طريق أفضل".

(فرانس برس)

المساهمون