تُعدّ قيادة السيارات في شوارع العاصمة العراقية بغداد، من أصعب المهام التي يواجهها أهالي المدينة وزوارها، إذ أن عدم الالتزام بالأنظمة المرورية بشكل عام يقابله عدم تطبيق القوانين من قبل الجهات المسؤولة، ما خلّف حالة من الفوضى تجعل الجميع عرضة لخطر الحوادث المرورية.
وترى في شوارع العاصمة مشاهد من المخالفات غير المعتادة، إذ تجد شبانا بأعمار 12 و13 عاما يقودون سيارات، وقليلا ما ترى أحدا يلتزم بحزام الأمان، أو يعطي إشارة الاستدارة الجانبية أو الوقف النظامي، فضلا عن أن الالتزام بالسرعة المحددة لا يطبق أبدا، وقد تفاجئك سيارات بالسير عكس الاتجاه في جميع الشوارع الرئيسية، حتى في الطرق السريعة.
كما أن الوقوف غير النظامي والمفاجئ، وإغلاق الطرق الجانبية في التقاطعات وغير ذلك، كله يتم أمام رجال المرور المنتشرين بكثافة في الشوارع، غير أنهم لا يطبقون قانون المرور إلا نادراً.
وتُسجل العاصمة حوادث مرورية يومية، بعضها يتسبب في عشرات الضحايا، ووفقاً للمقدم في مديرية المرور العامة، علي الجنابي، فإن "أرقام المخالفات المرورية اليومية كبيرة للغاية، تصل أحيانا إلى 10 آلاف مخالفة في اليوم الواحد في العاصمة"، مبينا لـ"العربي الجديد"، أن "هذه الأرقام تؤشر إلى حالة الفوضى في قيادة السيارات، التي بلغت حدا خطيرا".
وأضاف، أن "مديرية المرور تبذل جهدها في تطبيق النظام على الجميع، إلا أن هناك صعوبات في ذلك، خاصة أن سيارات المسؤولين وأجهزة الدولة والفصائل المسلحة وأبناء وأقارب المسؤولين لا تلتزم بالنظام، وتمتنع عن تطبيقه"، مبينا أن "هذا التعنت والتعالي على النظام تسبب في حالة الفوضى في الشوارع، وحجّم من قدرة رجل المرور على محاسبة المخالفين، إذ لا يحميه أحد من تلك الجهات".
وأشار إلى أن "واقع فوضى قيادة السيارات خطير جداً، وجهاز المرور لا يستطيع وحده تطبيق النظام من دون دعم من قبل الحكومة وأجهزتها الأمنية".
من جهته، أكد عضو الهيئة العامة لإدارة النقل الخاص، التابعة لوزارة النقل، عدنان محمد، أن "حياتك وسيارتك معرضة للخطر في شوارع بغداد بأي لحظة"، مبينا لـ"العربي الجديد"، أن "عدم تطبيق أنظمة المرور أصبح أمرا معتادا، وهو ما انعكس على الشوارع وتسبب في اختناقات مرورية مستمرة، حتى أن الشوارع باتت لا تطاق، ولا يمكنك الوصول من منطقة إلى أخرى من دون أن تستغرق عدة ساعات".
المواطن الكردي حسن الجاف، وهو من أهالي محافظة السليمانية بإقليم كردستان العراق، قال إنه لا يستطيع قيادة سيارته بشوارع بغداد، مبينا لـ"العربي الجديد"، أنه فضل "ترك مركبته بالإقليم والتنقل بسيارات الأجرة لقضاء عمله في بغداد، والتي يزورها شهريا لإنجاز بعض الأعمال".
وأكد "حالة الفوضى في الشوارع لا تطاق. لا يمكنك أن تتخلص من الحوادث بسهولة، الكل يرتكب المخالفات، ولا أحد يلتزم بالنظام، وعناصر شرطة المرور لا يحاسبون أحدا"، مشددا على "ضرورة وضع حد لهذه الفوضى".
وسجّلت البلاد العام الماضي، أكثر من 6 آلاف و678 حادثا مروريا، بحسب ما أعلنت عنه مديرية المرور، مؤكدة أن 70% من تلك الحوادث جاءت بسبب عدم التزام أصحاب المركبات بالتعليمات المرورية، وأن 15% منها بسبب الطرق، و15 أخرى جاءت نتيجة لعدم توفر شروط الأمان في المركبات.
وأصبحت المخالفات اليومية مشهداً مألوفاً في شوارع البلاد، تتمثل بقيادة السيارات من دون رخص السواقة، ومن قبل شبان بأعمار صغيرة، وعدم الالتزام بقواعد السير والمرور، فضلا عن عدم معرفة وإلمام بأصول قيادة السيارات وإرشادات المرور في الشوارع، وغير ذلك.
يشار إلى أن البرلمان العراقي صوّت على قانون المرور الجديد مطلع مايو/أيار 2019، والذي نص على مضاعفة الغرامات على السائقين ممن يرتكبون المخالفات المرورية، إلا أنه لم يطبق بشكل صحيح، ولم يسهم في تحجيم ارتكاب المخالفات.