أطلق صيادلة تونس حملة تضامن واسعة مع زميل لهم أصدر القضاء بحقه حكماً بالسجن 10 سنوات في قضية وفاة 14 رضيعاً في أحد مستشفيات العاصمة تونس في مارس/ آذار من عام 2019.
وأوّل من أمس الجمعة، أصدر القضاء التونسي قراراً ابتدائياً يقضي بسجن ثلاثة مسؤولين في مستشفى الرابطة الحكومي الذي شهد وفاة الرضّع بثمانية أشهر عن كلّ وفاة، وصرف تعويضات لمصلحة الأسر المتضرّرة، وذلك بعد أربعة أعوام من التقاضي في هذا الملف. والمسؤولون المشمولون بالقرار هم مديرة مركز التوليد ومدير الصيانة ورئيس قسم الصيدلة الذي رأت هيئة الصيادلة التونسيين أنّه يدفع ثمن السياسات الصحية الفاشلة في تونس منذ عشرات السنين.
وفي هذا الإطار، قال عضو هيئة الصيادلة وليد بوبكر، لـ"العربي الجديد"، إنّ "كوادر القطاع أبدت تضامناً واسعاً مع زميلها الصيدلاني الذي دين في قضية وفاة الرضع الأربعة عشر، من دون أن تكون له مسؤولية في ما وقع".
أضاف بوبكر أنّ "هيئة الصيادلة ترفض تقديم رئيس قسم الصيدلة ككبش فداء في قضية تتحمّل فيها وزارة الصحة التقصير، لا سيّما أنّه سبق أن راسل هذه الأخيرة حول نقائص يشكو منها القسم ولم يتلقّ أيّ ردّ في ما يتعلق بالمطالب التي دوّنها في المراسلة".
من جهته، قال المحامي التومي بن فرحات، في تصريح لإذاعة "الديوان" المحلية، إنّ "هيئة الدفاع طالبت باستدعاء جميع وزراء الصحة من عام 2017 إلى عام 2019، إذ إنّ أحد المتهمين، وهو رئيس قسم الصيدلة، كان قد قدّم ما يفيد بأنّه تولى مراسلة الإدارة العامة والوزارة منذ عام 2017 عدّد فيها النقائص الكبرى في الغرفة البيضاء التي وقعت فيها الحادثة، وكلّ النقائص التي عدّدها كانت السبب المباشر في قتل هؤلاء الرضّع".
يُذكر أنّ قسم حديثي الولادة في المستشفى الحكومي شهد وفاة 14 رضيعاً في الفترة الممتدة ما بين 6 و15 مارس/آذار 2019، نتيجة التقاطهم جرثومة من أكياس المستحضر الغذائي الذي قُدّم لهم.
وقد خلصت اللجنة الطبية، التي كلّفتها وزارة الصحة التحقيق في الملف حينها، إلى أنّ الجرثومة انتقلت إلى الرضّع في أثناء عملية تجهيز المستحضر الغذائي في خارج القسم حيث هم، الأمر الذي أثار موجة غضب شعبي عارم وتعاطفاً مع الأسر التي فقدت أبناءها حديثي الولادة نتيجة التقصير.
وما زال القطاع الصحي في تونس ينتظر مشروع قانون المسؤولية الطبية المودع لدى البرلمان منذ سنوات، إذ يمثّل هذا المشروع ضمانة لمهنيي الصحة، بما في ذلك الصيادلة في أثناء أداء مهامهم في حال وقوع خطأ أو ضرر طبي. كذلك يوفّر مشروع القانون حماية لحقوق المرضى المتضرّرين من الأخطاء الطبية، الأمر الذي يسمح لهم بالحصول على التعويضات اللازمة.
وفي السنوات الماضية، تعرّض مهنيو صحة لملاحقات قضائية وكذلك للسجن بسبب أخطاء أو تقصير طبي ناجم عن نقص الإمكانيات في المستشفيات الحكومية.
كذلك ظهرت منظمات عديدة مدافعة عن ضحايا الأخطاء والحوادث الطبية، التي تساعد الضحايا على تقديم الشكوى لدى القضاء وفهم الإجراءات القانونية الواجب اتّباعها في انتظار صدور مشروع قانون المسؤولية الطبية الذي من شأنه أن يحدّد مفاهيم ومسؤوليات الحوادث الطبية والأخطاء والإهمال الجسيم الذي ينتج عنه ضرر للمريض.