بلغ تلوّث محيطات العالم بالبلاستيك "مستويات غير مسبوقة" في الأعوام الخمسة عشرة الأخيرة، بحسب دراسة حديثة دعا معدّوها إلى إبرام معاهدة دولية ملزمة لوقف الضرر الحاصل على هذا الصعيد.
ويُعَدّ هذا النوع من التلوّث مشكلة مستمرّة في كلّ أنحاء العالم، إذ إنّ الحيوانات قد تعلق في قطع كبيرة من البلاستيك مثل شباك الصيد، أو تبتلع جزيئات بلاستيكية تدخل في نهاية المطاف في السلسلة الغذائية ليستهلكها بعدها البشر.
وخلصت دراسة حديثة نشرت نتائجها مجلة "بلوس وان" إلى أنّ ثمّة ما يُقدَّر بنحو 170 تريليون قطعة من البلاستيك، معظمها جزيئات بلاستيكية، على سطح محيطات العالم اليوم، وقد رُمي كثير منها منذ عام 2005.
وبيّنت نتائج الدراسة أنّ الكميات أعلى من التقديرات السابقة، إذ رأى معدّوها أنّ معدّل المواد البلاستيكية التي تصبّ في المحيطات قد يتضاعف مرّات عدة في العقود المقبلة في حال تُرك الوضع على حاله.
وأخذ الباحثون عيّنات بلاستيكية من أكثر من 11 ألف موقع حول العالم، مع التركيز على فترة 40 عاماً؛ ما بين 1979 و2019. لم يرصدوا أيّ اتجاهات تُذكر حتى عام 1990، ثمّ لحظوا تذبذباً في الاتجاهات بين عامَي 1990 و2005. بعد ذلك، سجّلت العينات ارتفاعاً صاروخياً.
On the question of what impact #pollution has on #ocean health, we know frighteningly little. Join the conversation: https://t.co/XV93OAIX8O
— Economist Impact (@economistimpact) March 9, 2023
An initiative of Economist Impact and @NipponZaidan #ZeroMarinePollution #SaveOurOcean pic.twitter.com/i1LD85xap2
وقالت الباحثة المشاركة في إعداد الدراسة ليزا إردل لوكالة فرانس برس: "نرى زيادة سريعة بالفعل منذ عام 2005 بسبب الزيادة السريعة في الإنتاج، وكذلك بفعل العدد المحدود من السياسات التي تتحكّم في موضوع رمي البلاستيك في المحيطات". وتتعدّد مصادر التلوّث البلاستيكي في المحيطات.
وينتهي المطاف بمعدات الصيد مثل الشباك والعوامات في وسط المحيطات، في غالب الأحيان، إذ تُلقى فيها أو تسقط عرضاً، في حين ينتهي المطاف بأشياء مثل الملابس وإطارات السيارات والمواد البلاستيكية ذات الاستخدام الواحد بالقرب من الساحل في الغالب. وتتحلّل هذه المخلفات في النهاية إلى جزيئات بلاستيكية دقيقة، أشارت إردل إلى أنّها قد تبدو مثل "قصاصات ورق على سطح المحيطات".
بحسب الاتجاهات الحالية، سوف يرتفع استخدام البلاستيك في كلّ دول مجموعة العشرين بحلول عام 2050 إلى ما يقرب من ضعف المستوى المسجّل في عام 2019، ليصل إلى 451 مليون طنّ سنوياً، بحسب التقرير الذي أُعدّ بالتعاون ما بين "إيكونوميست إمباكت" والمؤسسة اليابانية "ذي نيبون فاونديشن".
في عام 1950، لم تكن كميات البلاستيك المنتَجة حول العالم تتخطّى عتبة مليونَي طنّ.
وكان لإعادة التدوير، حتى في الدول ذات أنظمة إدارة النفايات المتطوّرة، أثر محدود في المساعدة في حلّ مشكلة التلوّث، إذ يعاد تدوير نسبة صغيرة فقط من المواد البلاستيكية بطريقة صحيحة، وينتهي المطاف بها في مطامر النفايات في الغالب.
وفي حال عدم إدارة مطامر النفايات بشكل صحيح، يمكن أن تتسرّب النفايات البلاستيكية إلى البيئة، وتشقّ طريقها في النهاية إلى المحيطات. وتشرح إردل: "إنّنا نرى حقاً نقصاً في إعادة التدوير، وفيضاناً من المواد السامة والأغلفة".
وقد سجّلت معدلات نفايات البلاستيك تراجعاً في بعض النقاط بين عامَي 1990 و2005، ويرجع ذلك جزئياً إلى بعض السياسات الفعالة المعمول بها للسيطرة على التلوّث. ويشمل ذلك اتفاقية "ماربول" الموقعة في عام 1988، وهي اتفاقية ملزمة قانوناً وقّعت عليها 154 دولة لإنهاء تصريف المواد البلاستيكية من السفن البحرية وصيد الأسماك ومركبات الشحن. لكن مع كميات البلاستيك الكبيرة المنتَجة اليوم، رأى معدّو الدراسة أنّ ثمّة حاجة إلى معاهدة جديدة واسعة النطاق، ليس فقط لتقليل إنتاج البلاستيك واستخدامه إنّما كذلك لإدارة عمليات التخلص منه بطريقة أفضل.
وبحسب ما بيّنت الدراسة، فإنّ "عمليات الاسترداد البيئي للبلاستيك لها مزايا محدودة، لذا يجب أن تعالج استراتيجيات الحلول تلك الأنظمة التي تحدّ من انبعاثات التلوّث البلاستيكي في المقام الأول".
وفي العام الماضي، وافقت 175 دولة على إنهاء التلوّث البلاستيكي بموجب اتفاقية ملزمة قانوناً للأمم المتحدة يمكن إنجازها في العام المقبل. ومن بين الإجراءات الرئيسية قيد التفاوض، فرض حظر عالمي على المواد البلاستيكية ذات الاستخدام الواحد، واعتماد مبدأ "جعل الجهات المسبّبة للتلوّث تدفع"، وفرض ضريبة على إنتاج كميات البلاستيك الجديدة. يُذكر أنّه بحسب الدراسة التي نشرت نتائجها "بلوس وان"، يُقدَّر الوزن الإجمالي للتلوّث البلاستيكي المكتشف في المحيطات اليوم بنحو 2.3 مليون طنّ.
(فرانس برس)