لم يتردد الشاب أحمد صالح (22 عاماً) في ركوب دراجته النارية لشراء بعض الاحتياجات لإحدى الأسر المحجورة في أحد المربعات الموبوءة في حي الصبرة وسط مدينة غزة، والتي أغلقتها الجهات الحكومية على إثر ارتفاع أعداد المصابين بفيروس كورونا فيها.
وقسّمت الجهات الحكومية عدداً من الأحياء في قطاع غزة إلى مربعات وشددت إغلاق الموبوءة منها لمنع تفشي كورونا، وسجلت وزارة الصحة إصابة 2518 ما زالت حالة 1763 منهم نشطة، فيما أعلنت تعافي 738 حالة ووفاة 17 متأثرين بإصابتهم بالفيروس.
ويقول صالح الذي يسكن المربع الموبوء، لـ"العربي الجديد"، إنّ هؤلاء الشباب رهنوا أنفسهم لخدمة الناس والأسر في هذا المربع، وتقديم ما يلزمهم من احتياجات لمنع تفشي الوباء في مناطق أخرى.
ويزيد الفريق التطوعي في المربع الواحد، ضمن لجنة الطوارئ العليا في أحياء قطاع غزة، وخاصة في حي الصبرة، عن 20 متطوعاً جميعهم من فئة الشباب، مهمتهم تقديم الخدمة للسكان في ظل تشديد الحظر والإغلاق.
وسجلت وزارة الصحة أكثر من 121 إصابة في حي الصبرة، وهو أحد أكبر الأحياء المكتظة بالسكان في مدينة غزة.
من جانبه، يشير ناجي اللبان مسؤول المربع المغلق في حي الصبرة، إلى أنّ لجنة الطوارئ العليا في الحي أطلقت لجاناً فرعية لكل المربعات من أجل تقديم الخدمة للناس والعمل بحرص على تلبية احتياجاتهم بشكل سريع دون الحاجة للخروج من منازلهم.
ويضيف لـ"العربي الجديد" هذه اللجان الفرعية تعمل على مدار الساعة من أجل شراء احتياجات الناس من المحلات القريبة أو من الأسواق، كما تعمل على شراء الأدوية لأصحاب الأمراض من سكان المنطقة.
وتفرض الأجهزة الأمنية حظراً مشدداً على هذا المربع، وتمنع أي مواطن من الدخول أو الخروج إلا لحالات الطوارئ، ولا يقتصر اهتمام لجان الطوارئ التطوعية على خدمة الأسر المحجورة بل على كافة الأسر والعائلات التي تسكن المربع دون تمييز.
ويوضح اللبان أنّ اللجان تركز في عملها على تفقد الخدمات الأساسية للمواطنين كالماء والمواد الغذائية وغيرها من المستلزمات الأساسية، ويبين أنها تحاول عبر مبادرات ومؤسسات خيرية تقديم مياه الشرب لكافة البيوت بشكل دائم، كما تركز على تلبية احتياجات العائلات التي تضم عدداً من المرضى أو أصحاب الأمراض المزمنة والذين يحتاجون بعض الأدوية أو المستلزمات الطبية لشرائها من الصيدليات القريبة أو محاولة الاتصال بجهات الاختصاص لتوفيرها دون تأخير.
ويفيد عبد الرحمن الغرة؛ أحد سكان المربع الموبوء في حي الصبرة، بأنّ هذه اللجان التطوعية لا تتأخر في تقديم الخدمة للناس بكل "محبة وتعاون"، ويؤكّد لـ"العربي الجديد" أنّ هذه اللجان تعزز روح التكافل والتعاون في المجتمع في ظل جائحة كورونا.
ويضيف: "وفرت عليّ اللجنة عناء المخاطرة بنفسي أو بأحد بأفراد أسرتي للخروج من البيت وقدّمت كل ما يلزم من احتياجات بلا تردد، وقمت بإعطائهم مبلغاً ماليا ًوقائمة مشتريات وبالفعل قاموا بشرائها لي من السوبر ماركت القريب وأوصلوها في الحال".
وتهتم بعض المؤسسات والمبادرات المحلية بتقديم الخدمات للأسر التي طاولها الحجر، خاصة في ظل تشديد الإجراءات الناجمة عن تزايد الإصابات.
في الأثناء، يسعى الشاب جهاد مصبح، المسؤول عن إحدى المبادرات الخيرية في حي الصبرة، للتخفيف عن بعض العائلات التي بها مصابون بفيروس كورونا في ظل الأوضاع الصعبة.
ويشير إلى أنّ مبادرتهم كانت تتركز قبل تفشي الفيروس على الأسر التي تعطلت مصالح أربابها بسبب الحظر والإغلاق، ولكن الآن بعد تفشي الفيروس وتزايد عدد الإصابات في المجتمع، صار الاهتمام والتركيز على الأسر التي يوجد بينها عدد من الإصابات والمفروض عليها حجر إجباري من قبل الجهات المختصة.
ويضيف مصبح: "نسعى لتوفير كل المستلزمات والتي تتركز بشكل أساسي على الغذاء والماء والعلاج لكبار السن والأطفال وأصحاب الأمراض المزمنة"، مبيناً أنّ مبادرته تحاول التشبيك مع المؤسسات الإغاثية والرسمية من أجل توفير ما يحتاجه الناس خاصة في المناطق الموبوءة والمغلقة.