عمدت كوريا الشمالية، اليوم الأحد، إلى خطوة جديدة نحو مزيد من الانفتاح بعد عزلة صارمة فرضتها على خلفية أزمة كورونا الوبائية، وذلك من خلال السماح لمواطنيها المقيمين في الخارج بدخول البلاد.
وكانت كوريا الشمالية قد أغلقت حدودها أمام الآتين من الخارج، في أوائل عام 2020، لمواجهة كوفيد-19 وسط انتشار فيروس كورونا الجديد (سارس-كوف-2)، لكنّ ثمّة مؤشّرات في الأسابيع الماضية رجّحت التوجه إلى إعادة فتحها بصورة متزايدة.
وأفاد تقرير لوكالة الأنباء المركزية الكورية الشمالية، نشرته اليوم الأحد، بأنّ المركز الرئيسي للوقاية من الأوبئة في حالات الطوارئ أعلن أنّه "سُمح للمواطنين في الخارج بالعودة إلى ديارهم". وأوضح أنّ "العائدين سوف يوضعون تحت مراقبة طبية مناسبة في أجنحة الحجر الصحي لمدّة أسبوع"، مضيفاً أنّ القرار اتُّخذ في ضوء "تراجع الوضع الوبائي في كلّ أنحاء العالم".
وقال الباحث في معهد سيغونغ في كوريا الجنوبية شونغ سونغ-تشانغ لوكالة فرانس برس إنّ القرار الجديد يؤشّر إلى أنّ كوريا الشمالية تعتزم تعديل قيودها الصارمة لمكافحة كوفيد-19 وتخفيف إجراءات العزل بصورة تدريجية. وتابع أنّه "مع هذا الإعلان، يُتوقَّع تسجيل عودة واسعة للكوريين الشماليين عن طريق البرّ كذلك".
ويُضاف القرار إلى سلسلة خطوات اتّخذتها بيونغ يانغ في الآونة الأخيرة في إطار فتح الحدود أمام المسافرين. وقد حضر مسؤولون صينيون وروس عرضاً عسكرياً في العاصمة الكورية الشمالية، في شهر يوليو/ تموز الماضي، وكانوا أوائل المسؤولين الأجانب الذين يزورون البلاد منذ سنوات.
كذلك، سُمح لوفد من الرياضيين الكوريين الشماليين، في الأسبوع الماضي، بالسفر إلى كازاخستان للمشاركة في مسابقة للتايكوندو.
وبعدما وصلت رحلة تابعة لشركة "إير كوريو" رقم "جي إس 151" إلى بكين، يوم الثلاثاء الماضي، شاهد مراسلو وكالة فرانس برس في المطار راكبَين فقط من الطائرة الكورية الشمالية يخرجان من بوابة الوافدين. وتمكّن الصحافيون من التعرّف إليهما بفضل شارات تحمل صورتَي الزعيمَين السابقَين كيم إيل سونغ وكيم جونغ إيل.
وقبل ذلك، يوم الاثنين الماضي، أكّد المتحدث باسم الخارجية الصينية وانغ ونبين عودة الرحلات التجارية بين الصين وكوريا الشمالية. وقال للصحافيين إنّ "الجانب الصيني وافق على خطط رحلات شركة إير كوريو الكورية الشمالية لخطَّي بيونغ يانغ-بكين وبكين-بيونغ يانغ".
وبحسب موقع "إن كاي نيوز"، فإنّ شركة "إير كوريو" تخطّط كذلك لتسيير رحلتَين بين فلاديفوستوك (أقصى شرق روسيا) وبيونغ يانغ.
وعلى الرغم من المؤشّرات إلى الانفتاح مجدداً، رجّح محللون أن تُبقي كوريا الشمالية على بعض القيود الحدودية. وقال الباحث في معهد كوريا للتوحيد الوطني في سيول تشو هان-بوم: "بداية، يجب على الكوريين الشماليين التزوّد باللقاح" المضاد لكوفيد-19. ورأى أنّ معاناة النظام الصحي في الصين مع الإصابات بكوفيد-19، في أعقاب رفع بكين قيودها في ديسمبر/ كانون الأول 2022، تثير قلق بيونغ يانغ.
وقد رفعت بكين، في أواخر عام 2022، بصورة غير متوقعة، القيود الصارمة التي كانت فرضتها لثلاث سنوات من أجل السيطرة على الوباء في إطار سياسة "صفر كوفيد"، الأمر الذي أدّى إلى زيادة في عدد الإصابات، لا سيّما تلك التي تتطلّب الاستشفاء. وبحسب دراسات، وصل عدد الذين توفّوا من جرّاء إصابتهم بكوفيد-19 في الأسابيع اللاحقة إلى مليونَي شخص.
ويُعَدّ النظام الصحي في كوريا الشمالية، الخاضعة لعقوبات دولية، من الأسوأ في العالم. ورجّح الباحث تشو أن تكون انعكاسات رفع القيود كاملة في بيونغ يانغ، أسوأ ممّا كانت عليه في الصين، في حال تسجيل زيادة كبيرة في الإصابات.
في سياق متصل، رأى الأستاذ في جامعة "إيهوا" في كوريا الجنوبية ليف-إريك إيزلي أنّ "الرحلات المحدودة جداً" إلى الصين وروسيا التي سوف تتيح عودة الكوريين الشماليين من الخارج "لا تعني فتحاً كاملاً للحدود". من جهته، قال الباحث شونغ أنّ إبقاء العائدين في الحجر الصحي لمدّة أسبوع يعني عملياً أنّ الزيارات السياحية الى كوريا الشمالية لن تُستأنَف قريباً.
(فرانس برس)