لبنانيون يفرّون من الحرب إلى كربلاء في العراق

09 أكتوبر 2024
عائلة لبنانية فارة من الحرب إلى كربلاء، 7 أكتوبر2024 (مرتضى السوداني/ الأناضول)
+ الخط -
اظهر الملخص
- فرّت العديد من العائلات اللبنانية إلى كربلاء بالعراق بسبب القصف الإسرائيلي، حيث استقبلتهم مدينة سيد الأوصياء بكرم الضيافة، وفتحت العائلات العراقية منازلها للوافدين.
- استجابة للأزمة، خصصت الحكومة العراقية ثلاثة مليارات دينار لتقديم الخدمات للبنانيين، ونظمت جهود إغاثة وأرسلت مساعدات طبية وغذائية إلى لبنان.
- دخل آلاف اللبنانيين إلى العراق عبر مطارات بغداد والنجف ومنفذ القائم، واستضافت مدينة سيد الأوصياء أكثر من 500 شخص، مع إعلان العتبة الحسينية حالة تأهب في مستشفياتها.

في مدينة سيد الأوصياء التي تستقبل عادة زوار مدينة كربلاء المقدّسة في وسط العراق، وصلت عائلات لبنانية فرّت من القصف الإسرائيلي المتواصل منذ أيام، وبينها من خسر أقارب ومنازل.

ويزور آلاف الحجاج اللبنانيين سنويا كربلاء لإحياء ذكرى أربعين مقتل الإمام الحسين، حفيد النبي محمد. ويفتح العراقيون منازلهم للزوّار في هذه الفترة ويقدّمون لهم الطعام. بين الذين فرّوا حاليا، كامل صفي الدين الذي قال إنه اختار المجيء إلى كربلاء هربا من الحرب في جنوب لبنان، بعدما كان زارها في وقت سابق هذه السنة، "ولمستُ فيها حسن الضيافة والخدمات الجيدة خلال ذكرى الأربعين".

كربلاء: منازل مفتوحة للوافدين من لبنان

ويقول الشاب الذي كان يعمل محاسبا في شركة لبيع الكهربائيات "وصلت قبل أسبوع إلى كربلاء بعدما سمعت أن الناس هنا فتحوا منازلهم مجددا أمام الزوار". ويضيف: "لم أعد أتحمّل القصف في لبنان، والفرار إلى سورية ليس آمنا لأن الأوضاع غير مستقرة هناك أيضا".

ويوسِّع جيش الاحتلال في الأيام الماضية عدوانه على الأراضي اللبنانية، ما أدى إلى ارتفاع عدد الشهداء منذ بدء الحرب في 8 أكتوبر/ تشرين الأول 2023 إلى أكثر من ألفي شهيد ونحو 10 آلاف جريح، إلى جانب تسجيل نزوح ما يزيد على مليون ومائتي ألف نازح، مع دمار شامل وكبير لحق بالبنى التحتية في البقاع والجنوب والضاحية الجنوبية لبيروت ومناطق في جبل لبنان.

وقرّرت الحكومة العراقية، الثلاثاء، تخصيص ثلاثة مليارات دينار (2,3 مليون دولار تقريبا) "لتقديم الخدمة" للبنانيين الوافدين إلى العراق. ونظّمت كذلك جهود إغاثة وأرسلت مساعدات طبية وغذائية للبنان. بدورها، شكّلت العتبة الحسينية لجنة عليا "لإغاثة الشعب اللبناني" وتقديم المساعدات وبدأت تنسّق مع جهات محلية لتأمين سفر لبنانيين معرّضين لخطر القصف.

ويقول الأربعيني جلال عاصي الذي فرّ من جنوب لبنان بعد خمسة أيام من غارات إسرائيلية متواصلة "وصل القصف قرب بيتنا، إلى منزل جيراننا الملاصق لمنزلنا. عندها قررنا أن نرحل". ويضيف الرجل في إحدى باحات المجمّع المزروعة بالأشجار "استهدف القصف المعادي بيوت مدنيين وحصلت مجازر وسقط شهداء في بلدتنا". ونزح عاصي في مرحلة أولى مع أسرته إلى بيروت التي لم تسلم من القصف. ويقول: "حين لم نجد مكانا آخر، قررنا السفر إلى العراق" الذي يقدّم "تسهيلات لسفر اللبنانيين". ويتابع عاصي: "نتمنى أن تهدأ الأمور في بلدنا ويعود الأمن والأمان لنتمكّن من العودة".

 "كأننا أيتام" 

في 26 سبتمبر/ أيلول، أعلنت العتبة الحسينية أن كلّ مستشفياتها في "حالة تأهب لاستقبال" إصابات من لبنان، "تنفيذا للبيان الصادر عن المرجعية الدينية العليا". وكان المرجع الشيعي الأعلى في العراق آية الله علي السيستاني دعا قبل ثلاثة أيام "المؤمنين إلى القيام بما يساهم في تخفيف معاناة" اللبنانيين "وتأمين احتياجاتهم الإنسانية".

ودخل نحو 5700 لبناني إلى العراق عبر مطارَي بغداد والنجف الدوليَين ومنفذ القائم الحدودي، وفق ما أعلنته السبت وزارة الداخلية العراقية. ومن بين هؤلاء أكثر من 500 شخص تستضيفهم حاليا مدينة سيد الأوصياء التابعة للعتبة الحسينية، في ستّة مجمعات فندقية، بحسب مسؤول الإعلام فيها علي الحسيني (35 عاما). ووصلت أول دفعة منهم قبل 12 يوما وتصل دفعة "جديدة يوميا" من بينهم عائلات مرضى يتلقون العلاج في مستشفيات العتبة الحسينية، وفق قوله.

وتروي رشا نصر الدين كيف تهجّرت أولا من مدينة النبطية الجنوبية إلى الضاحية الجنوبية لبيروت حيث لاحقها القصف وانعدام الكهرباء والمياه، ثمّ إلى العراق. وتقول المرأة التي خسرت سبعة من أفراد عائلتها في غارات إسرائيلية، مجهشة بالبكاء "نشعر كأننا أيتام حاليا". وتوضح أن اغتيال الأمين العام لحزب الله حسن نصرالله في قصف إسرائيلي على الضاحية الجنوبية لبيروت في 27 سبتمبر/ أيلول، جعل الوضع "صعبا جدا". وتضيف: "لا ندري ماذا سنفعل بأنفسنا، لا ندري كيف سنعيش في لبنان عندما نعود إليه".

(فرانس برس، العربي الجديد)

المساهمون