على مشارف انطلاق الانتخابات النيابية في لبنان بعد غدٍ الأحد، انتشرت تعاميم صادرة عن محافظة النبطية (جنوباً) وعددٍ من البلديات، لا سيّما في البقاع والجنوب، تمنع تجوّل اللاجئين السوريين منعاً باتاً، بدءاً من مساء يوم السبت (غداً) وحتى صباح يوم الإثنين المقبل، وسط تفاوت في التوقيت بين بلدة وأخرى. ووردت عبارة "إلا لحالات الضرورة" في تعميمٍ واحدٍ فحسب.
ويستنكر رئيس "المركز اللبناني لحقوق الإنسان" وديع الأسمر، في حديثه لـ"العربي الجديد"، هذه التعاميم، واصفاً إياها بـ"التعاميم العنصريّة المخالفة للقانون". يضيف: "ندرس الإجراءات القانونية الممكن اتّخاذها على وجه السرعة، غير الإخبار. للأسف، صدرت هذه التعاميم في اللحظات الأخيرة كي ينتفي أيّ إجراء قانوني، لكنّنا سنتقدّم بشكوى لوزير الداخلية والبلديات اللبناني بسام مولوي، وسنتابع مع المحامين الآليات الممكنة لإلغاء هذه القرارات".
وكان المركز اللبناني لحقوق الإنسان، قد أعلن، عبر صفحته على "تويتر"، أنّ "وضع القيود على حركة اللاجئين السوريّين يعد انتهاكاً لحقوق الإنسان والمعاهدات الدولية".
من جهته، يقول المدير التنفيذي لمركز "وصول لحقوق الإنسان" (ACHR) محمد حسن، إنّ "السلطات اللبنانية تمارس التمييز بحق اللاجئين السوريين بشكلٍ روتينيّ، فهي تمارس الترهيب باستمرار بسبب رهاب وجودهم على الأراضي اللبنانية". يتابع في حديثه لـ"العربي الجديد": "بات لزاماً على الحكومة اللبنانية البحث بجدية لدحض خطابات الكراهية التي تتسبّب بتهويل الأخبار حول ما يمثّله وجود اللاجئين من خطورةٍ على لبنان. ويجب أن تصحح معلوماتها ومفاهيمها حول ملف اللاجئين بشكلٍ دقيق".
بدوره، يوضح محافظ النبطية بالتكليف حسن فقيه، في حديثه لـ"العربي الجديد"، أنّ "التعميم لا يعدو كونه إجراءً احتياطيّاً فحسب، تفادياً للاكتظاظ ووقوع أيّ خلافات أو مشاكل، وهو ليس قراراً عنصريّاً"، كما يقول. يضيف: "عقدتُ بصفتي رئيساً لمجلس الأمن الفرعي اجتماعاً لكلّ الأجهزة والقيادات الأمنية في المحافظة، وطرحنا مجمل القضايا الواجب بحثها قبل الانتخابات النيابية، وخلصنا إلى هذا التعميم. لكنّ العتب الذي وردنا من مستشار وزير الداخلية والبلديات كان حول كلمة (يُمنع) التي أوردتها بلديّة حبوش ضمن نطاق محافظتنا، وأكّد لنا أنّه كان من الأفضل اعتماد الصيغة الآتية: نأمل من الإخوة السوريّين".
ويقول إنّه "من أكثر الحريصين على حقوق النازحين السوريّين وكرامتهم"، مضيفاً: "لم نحجز حريّة أحدٍ، وأعتذر إن ورد في التعميم أيّ إساءة، لكنّ محافظة النبطية وحدها تضمّ نحو 125 ألف نازح سوري، وتتألّف من أربعة أقضية متنوّعة طائفيًاً ومذهبيّاً. لذلك، وجب أخذ الحيطة والحذر، وهو فقط يوم واحد، وعمّمنا على البلديات ضرورة تأمين حاجيات النازحين من طعامٍ وشرابٍ ودواء. كما تركنا لهم حريّة الخروج عند الحالات الطارئة والضرورات الصحية".
وفي تعميمها، طلبت محافظة النبطية من البلديات "إبلاغ النازحين السوريين بعدم الخروج من منازلهم ابتداءً من الساعة السادسة مساء من يوم السبت (غداً) حتى الساعة الثامنة من صباح يوم الإثنين (16 مايو/أيار الحالي)، إلا لحالات الضرورة".
كما تم تداول تعاميم أخرى، بينها إعلان بلدية مجدل عنجر (البقاع) "حظر التجوّل لإخواننا السوريّين، ابتداءً من السبت (غداً) الساعة الثامنة مساءً لغاية الإثنين الساعة الثامنة صباحاً، حفاظاً على سلامتهم الشخصية خلال عملية الانتخابات النيابية".
كذلك أصدرت بلدية المرج البقاعية بياناً أوضحت فيه أنّه "بناءً على بيان قيادة الجيش اللبناني، وبما أنّ استحقاق الانتخابات النيابية سيجري يوم الأحد (بعد غدٍ) وحفاظاً على السلامة العامة وسلامة الإخوة النازحين السوريين بشكل خاص، يُمنع منعاً باتاً على جميع النازحين السوريين، سواء أكانوا قاطنين في المخيّمات أم الشقق السكنية، التجوّل داخل شوارع وأحياء بلدة المرج، من الساعة الثامنة من مساء يوم السبت (غداً) وحتى السادسة من صباح يوم الإثنين تحت طائلة المسؤولية".
وفي بيانٍ آخر، ورد أنّه "وبسبب إجراء العملية الانتخابية في لبنان، تبلّغت البلديات وبلدية غزة (البقاع) من الجهات الأمنية، بأنّه يُمنع منعاً باتاً تجوّل الإخوة السوريّين المقيمين على الأراضي اللبنانية والخروج من المنزل، وذلك من الساعة الثامنة مساء السبت (غداً) وحتى الثامنة صباح الإثنين المقبل، تحت طائلة المسؤولية، إذ إنّ الدولة أصدرت هذا البيان كي يتسنّى للجميع تأمين مستلزماتهم قبل مساء السبت، وكلّ مَن يخرج من منزله بعد دخول الفترة المحدّدة، سيُلاحق من قبل السلطات المختصّة".
وجاء كذلك إعلان بلدية البيسارية (جنوباً)، "منع تجوّل جميع النازحين السوريّين دون استثناء (مشاة ودراجات نارية وسيارات) اعتباراً من الساعة السادسة من مساء السبت (غداً) حتى صباح يوم الإثنين المقبل ضمناً". وحمّل البيان "كامل المسؤولية القانونية لكلّ من يخالف القرار...حفاظاً على الأمن والسلامة العامة داخل البلدة".
واستقبل لبنان 1.5 مليون لاجئ سوري، أي ما يمثل نحو ربع سكانه وفقاً لتقديرات رسمية، معظمهم يعانون من تأثيرات الأزمة الاقتصادية والاجتماعية والصحية التي يشهدها لبنان، إذ إنّ تسعة من أصل كل 10 لاجئين سوريين لا يزالون يعيشون اليوم في فقر مدقع، بحسب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين.