تنتهي أطول موجة حرّ عاشتها ليبيا منذ سنوات منتصف الأسبوع الجاري، بعدما كانت درجات الحرارة قد سجلت أعلى معدلاتها منتصف الأسبوع الماضي وقد وصلت إلى 48 درجة مئوية، بحسب المركز الوطني للأرصاد الجوية. وتسبّبت موجة الحرارة في اندلاع حرائق في أكثر من منطقة، في وقت قررت وزارة التربية والتعليم تعليق الدراسة في كلّ أنحاء البلاد، طوال نهاية الأسبوع الماضي، وأواخر الأسبوع الذي سبقه.
وقال المركز الوطني للأرصاد الجوية، في بيان نشره على صفحته الرسمية، إنّ درجات الحرارة ستبقى مرتفعة خلال بداية الأسبوع الجاري، وخصوصاً في مدن الغرب حيث تتجاوز درجات الحرارة 40 درجة مئوية، على أن تبدأ بالانخفاض في منتصف الأسبوع الجاري، خصوصاً في الشمال الشرقي للبلاد الذي سيشهد اعتدالاً في درجات الحرارة أسرع من مناطق الغرب.
وتسببت موجة الحرارة العالية التي شهدتها البلاد في اندلاع عدة حرائق في مناطق مختلفة، أولها حريق شبّ في مشروع زراعي قرب مدينة غات، جنوب غربي البلاد، لم تتمكن فرق الإطفاء من السيطرة عليه إلّا بعد تسع ساعات من العمل المتواصل على مكافحته، بحسب المكتب الإعلامي للمجلس البلدي لمدينة غات. وأكد المجلس البلدي للمدينة حدوث خسائر مادية بعد احتراق عدد كبير من أشجار النخيل في المشروع، داعياً المواطنين إلى توخّي الحيطة والحذر وعدم الإهمال حرصاً على سلامتهم، نظراً لارتفاع درجات الحرارة وعدم توفر الإمكانات لدى فرق هيئة السلامة الوطنية.
وشهدت مدينة بني وليد، جنوب غربي طرابلس، الأربعاء الماضي، نشوب حريق واسع في مستشفى المدينة من جراء انفجار لوحة التحكم الكهربائية. وأكّد المكتب الإعلامي للمستشفى أنّ الانفجار سببه "الحرارة المرتفعة جداً"، مضيفاً أنّه تسبب في اشتعال النار في القسم خلال وجود عدد من النزلاء داخله، مؤكداً النجاح في السيطرة على الحريق من دون وقوع خسائر بشرية. يتابع أنّ ارتفاع درجات الحرارة ساعد على انتشار الحريق، الأمر الذي صعّب السيطرة عليه من قبل فرق الإطفاء من دون مساندة أهالي المدينة.
وفي شرق البلاد، تمكنت فرق الإطفاء التابعة لهيئة السلامة الوطنية من إخماد حريق نشب في غابة عين مارة، شرقي البلاد، بعد أكثر من يومين من العمل على مكافحته. ونقلت وزارة الداخلية بالحكومة، عن بيان لهيئة السلامة الوطنية قبل أيام، ما مفاده بأنّه على الرغم من ارتفاع درجات الحرارة وصعوبة المنطقة الوعرة التي توجد فيها الغابة واتساع رقعتها، فإنّ رجال الإطفاء في فرع المنطقة الشرقية لم يتوانوا عن بذل أقصى ما في طاقتهم لإخماد الحريق، مشيراً إلى أنّ عمليات التبريد ما زالت مستمرة في موقع الحريق.
وتؤكد وزارة الداخلية أنّها وفرت كلّ الإمكانات البشرية والمادية "من أجل حماية الأرواح والممتلكات حفاظاً على حياة المدنيين ومقدرات البلاد الطبيعية والتقليل من الخسائر"، شاكراً العاملين في هيئة السلامة الوطنية لتمكنهم من تطويق خطر الحريق والوصول إلى المناطق السكنية المجاورة للغابات. رئيس حكومة الوحدة الوطنية، عبد الحميد الدبيبة، أعرب بدوره عن شكره وتقديره لهيئة السلامة الوطنية والعاملين فيها لجهودهم في إخماد حريق غابة عين مارة. كذلك شكر وزير الزارعة والثروة الحيوانية، حمد عبد الرازق المريمي، ووزير الداخلية خالد مازن، لاستجابتهما السريعة والعمل على إخماد حريق غابة عين مارة، في الجبل الأخضر.
من جهته، يوضح المسؤول في إدارة الإطفاء والسيطرة، في هيئة السلامة الوطنية، عبد السلام الصغير، أنّ حريق غابة عين مارة يعدّ أحد أكبر الحرائق التي تسببت فيها موجة الحرّ التي شهدتها البلاد مؤخراً، مؤكداً أنّ عملية السيطرة على الحرائق استغرقت ثلاثة أيام. ويشير في حديثه لـ"العربي الجديد" إلى أنّ مناطق مختلفة من البلاد شهدت حرائق، قائلاً: "مع بدء موجة الحرارة، شهدت غابات منطقة الخمس، شرقي طرابلس، حرائق مختلفة تمت السيطرة عليها من دون أن تؤدي إلى خسائر بشرية". وعن أسبابها، يوضح أنّها نتجت غالباً عن "إهمال المواطنين؛ إذ يشعل البعض النار بقصد التخلص من القمامة داخل الغابات، ما يؤدي إلى اشتعال حرائق وتوسعها لتصبح كارثة يتوجب مواجهتها". ويشير الصغير إلى أنّ أحد المواطنين رمى بسيجارة مشتعلة فوق عشب جاف، الأمر الذي أدى إلى اشتعال حريق، حاوط عدة منازل ومقر الشركة العامة للمياه والصرف الصحي في العاصمة طرابلس، الأربعاء الماضي. وكانت السيطرة عليه صعبة على الرغم من الجهود الكبيرة التي بذلت.