يبدي طلاب ليبيون عادوا من أوكرانيا خشيتهم من مستقبل دراستهم، مع استمرار التصعيد في أوكرانيا وعدم وضوح الأوضاع فيها، ما يجعل مصير عودتهم لاستئناف دراستهم غامضاً.
وقد ساهمت السلطات في إعادة حوالى 280 مواطناً، بحسب ما أعلنته وزارة الخارجية في حكومة الوحدة الوطنية، في وقت يتحدث مسؤولون ليبيون، بينهم السفير الليبي في كييف، بأن أفراد الجالية في أوكرانيا يتجاوزون 1500. أما رئيس لجنة أزمة العالقين الليبيين في أوكرانيا، مراد حميمة، فأعلن نزوح 1200 من أبناء البلاد إلى دول بولندا وسلوفاكيا ورومانيا، موضحاً أن غالبيتهم كانوا يقيمون في مدن كييف وأوديسا وخاركيف وأورايا.
لكن ميلاد الصالحي، وهو تاجر ليبي لا يزال عالقاً في أوكرانيا، يشير في حديثه لـ"العربي الجديد" إلى أن أعداداً كبيرة من الليبيين لم يعودوا الى وطنهم، وقرروا لدى وصولهم الى سلوفاكيا ورومانيا وبولندا البقاء فيها، أو المغادرة الى بلدان أخرى من أجل البحث عن فرص مناسبة للإقامة والعيش، خصوصاً أولئك الذين كانوا هاجروا من ليبيا هرباً من الظروف القاسية للحرب والانفلات الأمني السائد منذ سنوات.
وبين أسباب رغبة طلاب ليبيين في البقاء في أوروبا هو مواصلة تعليمهم. ويؤكد الصالحي رغبة طلاب ليبيين كُثر في البحث عن فرص لاستكمال دراستهم في جامعات ببلدان أوروبية، وأن بعضهم يعتقدون بأن الحرب في أوكرانيا لن تطول، ما سيسمح بعودتهم.
ويشير الصالحي إلى أنّ "مدن كييف وأوديسا وخاركوف وأورايا التي تتواجد فيها غالبية الرعايا الليبيين تضم أشهر الجامعات والمعاهد في أوكرانيا، ما يعكس واقع أنهم طلاب جامعات" علماً أنّ أوكرانيا تتصدر قائمة الدول التي يفضل الليبيون الهجرة إليها بسبب انخفاض تكاليف العيش، ورسوم الدراسة في الجامعات التي تعتمد إجراءات قبول سهلة، وتأتي بعدها ماليزيا ومصر وصربيا.
واللافت أنّ السلطات الليبية لم توضح أوضاع الطلاب العائدين من أوكرانيا، واكتفت بمطالبتهم بالمغادرة ووجهتهم في رحلاتهم، علماً أن قسماً كبيراً من الطلاب لم يستطيعوا إحضار وثائق شـهاداتهم الخاصة بتحصيلهم العلمي واختصاصاتهم، وبات من الضروري أن يسجلوا أسماءهم في إدارة الشؤون القنصلية بديوان وزارة الخارجية التي ستتولى، بحسب بيان رسمي "مهمة التواصل مع السلطات الأوكرانية، وبذل كل الجهود اللازمة للحصول على شهاداتهم، وتسليمها لهم".
لكن الطالب في السنة الأخيرة بأكاديمية الطيران بأوكرانيا فراس بن دخيل لم يتوقع أن يحقق التواصل مع السلطات الأوكرانية أي نتيجة مفيدة، مشيراً إلى أن كل الدول حرصت على إعلان إجراءات لضمان قبول طلابها العائدين من أوكرانيا في الجامعات المحلية، أو حوّلت مسار طلابها إلى بلدان أخرى. ويقول لـ"العربي الجديد": "لم أملك إلا خيار الانضمام إلى أفواج العائدين إلى ليبيا، لأنني موفد للدراسة بقرار حكومي يلزم الدولة أن تبحث لي عن أي مخرج لإنهاء دراستي" وهو ما حصل سابقاً مع طلاب ليبيين كانوا أوفدوا إلى سورية حين اندلعت الأزمة فيها عام 2011، والذين جرى تحويلهم إلى جامعات أخرى في مصر ولبنان لاستكمال دراستهم".
ويعتبر بن دخيل أنّ إعلان وزارة الخارجية أنّها سجلت الطلاب في منظومة خاصة كي تستطيع مراسلة السلطات الأوكرانية للحصول على شهاداتهم، جاء بعدما قدمنا احتجاجات. ويقول: "اتصلنا بعد رجوعنا بالجهات المعنية بأوضاعنا، لكننا واجهنا أسئلة بينها: هل الجامعات التي ندرس فيها معتمدة في ليبيا، وما الوثائق التي تثبت مستوانا الدراسي، والتي تتضمنها بيانات قديمة لم تخضع لتحديث من أجل مواكبة وضعنا الاستثنائي المستجد، علماً أن غالبية الطلاب خرجوا من دون أن يستطيعوا حمل وثائق تتعلق بدراستهم".
وعن أسباب عدم حصول الطلاب العائدين من أوكرانيا على وثائق دراستهم، تقول هبة بن صوفية التي تدرس الطب في جامعة أوديسا الوطنية، لـ"العربي الجديد": "كثفت السلطات الأوكرانية التصريحات الإعلامية لمسؤوليها من أجل تكذيب الأنباء عن الغزو الروسي المحتمل، فيما هددت الجامعات بطرد الطلاب الأجانب وتحميلهم مسؤوليات غيابهم عن الدراسة. من هنا لم أستطع المجازفة بالمغادرة، خصوصاً أنني موفدة من الحكومة، وأقيم منذ سنوات في صحبة زوجي للدراسة، كما أنّ من طلب أوراقاً من الجامعة تحدد مستواه الدراسي، أو أراد الحصول على شهادة آخر فصل دراسي، أصبح موضع شبهة من الجامعة وتعرقلت إجراءاته. وفي كلمات مختصرة، عدنا بعد سنوات من العناء من دون أن نجني أي فائدة".
وفيما لم تحدد السلطات عدد الطلاب العائدين من أوكرانيا، تعتبر بن صوفية أن "مطالبة وزارة الخارجية الطلاب التسجيل في منظومة خاصة تمهد لمراسلة السلطات الأوكرانية تهدف إلى إسكاتنا فقط، ونسأل في أي ظرف ستراسل السلطات أوكرانيا، في وقت لا تزال الحرب في أوجها، وكيف سترد سلطات الأخيرة وسط الحرب الدائرة".
وتبدي بن صوفية استياءها الكبير من إهمال السلطات الليبية طلاباً أوفدتهم للدارسة في الخارج، ولا تعمل لتسوية أوضاعهم من أجل ضمان استمرار دراستهم في أي بلد.