شُيّعت الطفلة لين عمر طالب، ابنة السادسة، إلى مثواها الأخير في بلدتها سفينة القيطع في قضاء عكار شمالي لبنان، اليوم الأحد، وسط غضبٍ عارمٍ بعد أن كشفت تقارير طبية تعرّضها لاعتداء جنسي متكرّر. فالطفلة التي كان من المفترض أن تقضي عطلة عيد الأضحى برفقة والدتها فارقت الحياة مساء الخميس الماضي بعدما وقعت ضحية إجرام وحشي.
يفيد عامر طالب أحد أقرباء الطفلة "العربي الجديد" بأنّ "والدَيها مطلقان منذ أكثر من سنة. وقد حظي الوالد وهو عامل مياوم بحقّ الحضانة بالتراضي، وكان يرسل الطفلة إلى والدتها من حين إلى آخر لقضاء بعض الوقت. وقبل عيد الأضحى، طلبت الوالدة أن تقضي لين معها عيد الأضحى، فاصطحبها والدها وسلّمها إليها وهي بأتمّ الصحة والعافية".
يضيف طالب أنّه "بعدما بقيت الطفلة ثمانية أيام مع والدتها، فوجئنا في اليوم الثاني من العيد باتصال من أقرباء الوالدة أُبلغنا فيه بوفاة الصغيرة. وصارت الروايات تتعدد... وعندما وصلنا إلى مستشفى المنية الحكومي (في قضاء المنية-الضنية شمالي لبنان)، علمنا أنّ لين فارقت الحياة قبل وصولها إلى المستشفى. وبعد كشف طبيبَين شرعيَّين، تبيّن أنّ الطفلة تعرّضت لاعتداء جنسي متكرّر. وبحسب التقرير الطبي الأخير، فإنّ سبب الوفاة الأساسي هو التهابات القوية ناجمة عن اعتداء جنسي وما رافقها من نزيف حاد".
ويشير طالب إلى أنّ "والدة الصغيرة نقلتها إلى قسم الطوارئ، لكنّها رفضت إدخالها إلى المستشفى بسبب الالتهابات القوية والحرارة المرتفعة، بحسب تقرير طبيب الأطفال. وبعدما توفيت الطفلة في منزل جدَّيها لوالدتها، حملتها الأخيرة مجدّداً إلى قسم الطوارئ، لتتركها وتغادر". ويتابع أنّ "اللافت أنّ عائلة الوالدة تمنّت عدم الاستعانة بطبيب شرعي، إذ إنّ لين طفلة وقد توفيت بطريقة طبيعية. كذلك فإنّ أقرباء الأم انسحبوا جميعاً عندما علموا بأنّ الطبيب الشرعي سوف يتولّى الكشف على الجثة"، لافتاً إلى أنّ "هذا دليل على تكتّمٍ واضحٍ ومحاولة لطمس الحقيقة وملابسات الجريمة".
الطفلة #لين_طالب عمرها ٦ سنين تمّ الاعتداء عليها جنسيًّا وماتت وفق تقريرين لطبيبين شرعيين. شو هالاجرام يا وحوش."لين"وصلت إلى المستشفى مصابة بفقر دم حادّ نتيجة النزيف،بعد تعرّضها لاعتداء جنسي متكرّر. مجتمع فاجر بيحمي المتحرشين والمغتصبين وقتلة النساء وعم يوصلنا لهون!!! #لبنان pic.twitter.com/dmDsR8H8vk
— alia awada (@AlyaAwada) July 1, 2023
ويوضح طالب أنّه "بعد إجراء تحقيقات مع الوالد والعمّ والوالدة والجدّ (للوالدة) أُخلي سبيلهم جميعاً، لكنّه لا بدّ من أن يأخذ القضاء مجراه لإحقاق العدالة وإنزال أشدّ العقوبات بالمتورّطين (بالجريمة) لأيّ جهة انتموا". ويشدّد على أنّ "الطفلة البريئة والذكية وسريعة البديهة، وحيدة أهلها، ذهبت ضحية إجرام فظيع، ولا يجوز أن يفلت المعتدي وكلّ متورّط من العقاب". وبحسب طالب، فإنّ التحقيقات سوف تُستكمل يوم غدٍ الاثنين، علماً أنّ الوالدة كشفت أنّ طفلتها كانت تنزف على مدى ثلاثة أيام".
من جهته، يقول مختار بلدة سفينة القيطع محمد عباس لـ"العربي الجديد" إنّ هذه "جريمة وحشية بحقّ الطفولة"، مطالباً "القضاء بتحقيق شفّاف وبإنزال أشدّ العقوبات بحقّ الجاني لأيّ جهة انتمى". ويشير إلى أنّ والدة لين تقيم مع أهلها في بلدة المحمّرة (شمال)، علماً أنّهم يتحدّرون من المنية.
وكان عباس قد أصدر، بصفته مختار المحلّة، بياناً استنكر فيه "الجريمة المروّعة" التي وصلت على أثرها الطفلة جثّة إلى المستشفى، مع "الاشتباه باغتصابها من قبل شاب لا يعرف الأخلاق ولا الكرامة ولا القيم الإنسانية".
وفي سياق متصل، أصدر المكتب الإعلامي في وزارة الصحة العامة في لبنان بياناً أوضح أنّ الوزارة "تتابع ظروف وفاة الطفلة التي نُقلت مرّتَين متتاليتَين في اليوم نفسه إلى مستشفى المنية الحكومي. وبتوجيهات من وزير الصحة العامة في حكومة تصريف الأعمال فراس الأبيض، باشرت مديرية العناية الطبية في الوزارة التحقيق اللازم في ظروف الوفاة مع المعنيّين لتبيان أسبابها". أضاف المكتب الإعلامي أنّ "وزارة الصحة العامة (سوف تودع) كلّ ما لديها من معطيات لدى القضاء المختص لإجراء المقتضى"، مبيّناً أنّ "النيابة العامة في الشمال أوفدت طبيبَين شرعيَّين لإجراء الكشف الطبي والفحوص الضرورية لوضع التقرير الذي يوضح تفاصيل الحال الصحية للطفلة التي أدّت إلى وفاتها".
تجدر الإشارة إلى أنّ هذه الحادثة المأساوية أثارت غضب ناشطين، لا سيّما على مواقع التواصل الاجتماعي، طالبوا بالاقتصاص من المجرمين ووضع حدّ للعنف المتمادي بحقّ النساء والأطفال في لبنان.