- السلطات المغربية لم تعلق، بينما طالبت البرلمانية فاطمة التامني بالكشف عن الإجراءات المتخذة لمعالجة المأساة، وأكدت سفارة تايلاند بالرباط أن التحقيقات مستمرة لتحديد حجم الضحايا.
- تحذيرات من مختلف الجهات بضرورة توعية الشباب المغربي من مخاطر الوقوع في فخ شبكات الاتجار بالبشر والجريمة الإلكترونية، مع دعوات لفتح تحقيق دقيق وتدخل وزارة الخارجية لحماية المواطنين المغاربة.
كشف شاب مغربي عن مأساة عشرات المغاربة الواقعين في قبضة شبكات العبودية في تايلاند. إذ روى الشاب المغربي يوسف من مدينة أزيلال في فيديو نشره على "إنستغرام" قصة احتجاز شبان مغاربة من قبل جماعات مسلحة وعصابات للاتجار بالبشر، وإجبارهم على العمل في تايلاند ضمن شبكات احتيال إلكترونية. وقال "لا أطلب نقوداً وإنما أن تشاركوا (هذا الفيديو) حتى يصل صوتنا إلى المسؤولين. أتواجد هنا بمعية شبان مغاربة في وضع مزر لا نعرف حتى أين نحن. الله يرحم الوالدين شاركوا الفيديو. كنت أقصد تايلاند قبل أن أجد نفسي هنا".
الفيديو أثار صدمة واسعة فقد كشف عن مأساة عشرات الشابات والشبان المغاربة الذين وجدوا أنفسهم محتجزين في أماكن مغلقة، ومجبرين على العمل من دون مقابل، بعدما وقعوا في فخ شبكات الاحتيال. وسائل الإعلام المحلية نقلت تفاصيل هذه المأساة، حيث أكد أحد الضحايا أن عملية الاختطاف جرت بطريقة مدروسة عبر وسائل التواصل الاجتماعي. وبعد أشهر من الانقطاع، تمكنت شقيقة أحد الضحايا من العلم بمكان وجودهم وتعرّضهم لتعذيب شديد، بما في ذلك الصعق بالكهرباء والتعليق لساعات طويلة. وبينما تترقب أسر عشرات الشابات والشبان المغاربة المحتجزين في المناطق الحدودية بين تايلاند وميانمار، بخوف وقلق بالغين مصير أبنائها دون أن يفقدوا الأمل في أن تنتهي مأساة فلذات أكبادهم، لم يصدر عن السلطات المغربية إلى حد الساعة أي تعليق رسمي.
وكانت البرلمانية عن حزب "فيدرالية اليسار" المعارض، فاطمة التامني، قد كشفت في سؤال كتابي وجهته، أول من أمس السبت، إلى وزير الخارجية ناصر بوريطة، أن المعطيات المتوفرة تفيد بأن هؤلاء الشباب جرى اختطافهم واحتجازهم في مجمعات سكنية على الحدود مع ميانمار، حيث يجبرون على العمل في شبكات للاحتيال الإلكتروني في ظروف لا إنسانية.
وقالت إن "هؤلاء الشباب يتعرضون للاستغلال حيث يجبرون على العمل يومياً لمدة لا تقل عن 17 ساعة أمام الحواسيب، ويحرمون من الراحة والنوم الكافيين، كما يتعرّضون للتعذيب من قبل أفراد المليشيات عند محاولتهم التواصل مع عائلاتهم". وطالبت التامني وزير الخارجية بالكشف عن الخطوات التي اتخذتها الحكومة المغربية لمعالجة هذه القضية، وهل جرى التواصل مع السلطات التايلاندية والميانمارية من أجل اتخاذ الإجراءات اللازمة لإنقاذ هؤلاء الشباب من محنتهم.
وكانت سفارة تايلاند في الرباط قد اعتبرت، في بيان، أول من أمس، أن "حادثة استدراج الشبكات الإجرامية الدولية بعض الرعايا الأفارقة إلى بعض المناطق في جنوب شرق آسيا ظاهرة حديثة نسبياً تخص مواطنين من العديد من دول العالم"، منبهة من "وقوع مواطنين من مختلف البلدان الأفريقية، وليس فقط من المغرب، ضحايا لمثل هذه العصابات الدولية للاتجار بالبشر وعصابات الجريمة الإلكترونية". واعتبرت أنه من "الصعب التحقق من العدد الدقيق لهؤلاء الضحايا المحتملين وجنسياتهم وأماكن وجودهم، وأن التحقيقات التي تجريها وكالات إنفاذ القانون الوطنية والدولية لا تزال جارية".
من جهة ثانية، أوضح رئيس "مرصد التواصل والهجرة بأمستردام" (غير حكومي)، جمال الدين ريان، أن "البطالة في المغرب وانسداد الآفاق جعل هؤلاء الشبان رغم مستواهم التعليمي العالي ينساقون بسرعة إلى المغامرة دون معرفة العواقب"، لافتاً إلى أن "غياب التوعية والبحث عن المعلومة الصحيحة يعمي البصيرة". وقال ريان، في حديث مع "العربي الجديد"، إن "هؤلاء المغاربة وقعوا ضحايا للشبكات الإجرامية الدولية وعمليات الاتجار بالبشر التي تقيم منشآت بشكل غير قانوني وماكر في المناطق الحدودية النائية في جنوب شرق آسيا".
وأردف بالقول إن "العديد من الشبان عادة ما يتقدمون بطلبات للحصول على التأشيرات عن طيب خاطر، بدافع تحقيق مكاسب مالية من خلال المعلومات المضللة التي يتلقونها من شبكات الاتجار الدولية. كما يقومون في بعض الأحيان بتقديم معلومات كاذبة للسفارات، متذرعين بالسياحة أو غيرها من الأغراض المشروعة باعتبارها سبباً لسفرهم". وأوضح أنه "على الشباب الذين يريدون أن ينشطوا في التجارة الإلكترونية عدم التفكير بالسفر إلى الدول الآسيوية، لأن هذا النوع من التجارة يمكن القيام به من المنزل دون مخاطر أمنية". وشدد على أنه "على الدولة والأسر القيام بتوعية هؤلاء الشبان حتى لا يقوم بائعو الوهم بالانتصار عليهم، كما على الآباء مراقبة أبنائهم والمواقع التي يزورونها بالإنترنت، ووضع برامج على الحاسوب لحماية المتصفح من الوقوع في مصيدة شبكات الاتجار بالبشر".
إلى ذلك، دعا رئيس "الرابطة المغربية للمواطنة وحقوق الإنسان" (غير حكومية)، إدريس السدراوي، رئاسة النيابة العامة إلى إعطاء التعليمات للفرقة الوطنية للشرطة من أجل فتح تحقيق دقيق، وذلك لمواجهة هذا الصنف من الجرائم، من خلال تفكيك المؤسسات الإجرامية التي تتاجر بالأشخاص وإدانة الجناة الرئيسيين والشركاء المحتملين من داخل المغرب. وقال: "نؤكد ضرورة تدخل وزارة الخارجية قصد حماية المواطنين المغاربة المحتجزين من سوء المعاملة أو الاستغلال أو حتى الموت"، داعياً "الإعلام العمومي إلى ضرورة التفاعل مع مثل هذه القضايا وأخذها بالجدية اللازمة، عبر إنتاج برامج ووصلات إشهارية لتوعية الشباب وتحذيره من المغامرة والوقوع في شبكات تتاجر بالبشر أو شبكات تربطها علاقة بمنظمات إرهابية، سواء بدول جنوب شرق آسيا أو تركيا وقبرص وغيرها".