مبادرات فلسطينية لإبهاج المعوزين في عيد الفطر
قبل أيام قليلة من عيد الفطر، يحاول فريق حملة "فرحهم بكسوة عيد" رسم بسمة على وجوه مئات الأطفال الفلسطينيين من خلال توفير ملابس جديدة لهم، في ظلّ عجز عائلاتهم عن ذلك نظراً إلى الظروف المادية الصعبة التي تمرّ بها.
وتأتي هذه الحملة ضمن مبادرات عديدة في المجتمع الفلسطيني تسعى إلى إسعاد الناس المعوزين، خصوصاً الأطفال من بينهم، في العيد وسط أوضاع اقتصادية صعبة.
والحملة التي تتجدّد للعام التاسع على التوالي، يشارك فيها شبّان وشابات من مختلف محافظات الضفة الغربية المحتلة، تهدف إلى "رسم أكبر عدد ممكن من الابتسامات لدى الأطفال في عيد الفطر"، بحسب ما تفيد الصحافية فيحاء خنفر، من مدينة طولكرم، شمالي الضفة الغربية، وهي من الأشخاص القائمين على الحملة.
وتوضح خنفر لـ"العربي الجديد"، أنّهم في الحملة يحرصون على "ألا يشعر الأطفال بأنّ ذويهم غير قادرين على شراء الكسوة لهم، بل نطبّق آلية تجعلهم يختارون ملابسهم مع عائلاتهم ويتسوّقون بطريقة طبيعية". تضيف أنّ القائمين على الحملة "يملكون قوائم بأسماء عائلات تمّ التأكد من ظروفها في كلّ منطقة مشمولة بها"، لافتة إلى أنّه "يُصار إلى التواصل معهم في كلّ موسم وتزويدهم بقسائم شرائية تمكّنهم من اختيار الملابس بأنفسهم من محال مشاركة في الحملة".
وتتابع خنفر أنّه يمكن للمتبرّع التواصل مع صاحب المحل التجاري ودفع ثمن الكسوة لطفل أو لمجموعة منهم، فيحصل بالتالي على كوبونات (قسائم شرائية) يسلّمها بدوره إلى أفراد الفريق الذي يتكفّل بإيصالها إلى العائلات المستهدفة. كما بإمكان المتبرّع تسليم مبلغ 100 شيقل (الدولار الأميركي يساوي 3.6 شيقلات)، أو أيّ مبلغ يرغب فيه إلى الفريق أو المحلّ المتعاقد معه، فيُصار إلى إبلاغ المستفيدين وتوجيههم إلى المحل المشار إليه لشراء ما يحتاجونه. وتؤكد خنفر أنّ "الأطفال يفرحون بالتوجّه إلى الأسواق والتجوّل فيها وشراء حاجياتهم وبحسب أذواقهم، بدلاً من أن تُفرَض عليهم موديلات أو ألوان معيّنة".
في سياق متصل، اتّفق الشاب وائل إعمر، وهو موظف في أحد المصارف الفلسطينية، مع زملاء له على توفير كعك العيد أو المعمول للأسر المحتاجة. ويقول إعمر لـ"العربي الجديد"، إنّ "استجابة الزملاء أتت فوق المتوقّع. ومن كان يفكّر في التكفّل بثمن علبة معمول تزن كيلوغراماً واحداً، دفع ثمن خمس علب أو حتى عشر. بالتالي، بعدما كانت الخطة تقضي بتوزيع خمسين علبة، فإنّنا سوف نخصّص علبتَين بدلاً من واحدة لكلّ عائلة مستفيدة، ونحن نتحدّث عن أكثر من 200 كيلوغرام".
ويشير إعمر، وهو من إحدى البلدات التابعة لنابلس، شمالي الضفة الغربية المحتلة، إلى أنّ "الحملة ضربت عصفورَين بحجر واحد. فقد اتّفقنا مع نساء صنعنَ المعمول في بيوتهنّ، وبالتالي بات هذا العمل مصدر رزق إضافي لهنّ". يضيف أنّ "الكلفة أتت أقلّ من تلك التي يستوجبها المعمول الجاهز أو المستورد. وقد تمكّنا من توفير المعمول بأقلّ من سعر السوق بنحو 25 في المائة"، موضحاً أنّ "كلّ واحد منّا ساهم بمبلغ 70 شيقلاً (نحو 20 دولاراً)، لكلّ حصة من المعمول تزن كيلوغرامَين".
لكنّ ثمّة شروطاً للحملة، ويشرح إعمر أنّه "لا بدّ من أن يكون معمول العيد مصنوعاً من منتجات فلسطينية، لا من صنع الاحتلال ومستوطناته. وقد أبدت النساء اللواتي أعددنَ المعمول استعدادهنّ المطلق للالتزام بذلك، وتمّ الاتفاق مع تجّار على توفير الكميات المطلوبة".
وفي مبادرة مميّزة، عمدت امرأة من مدينة نابلس تكتفي بالتعريف عن نفسها بالاسم الأوّل إيمان، إلى جمع مبلغ من المال لسداد ديون أشخاص معوزين. وتقول إيمان لـ"العربي الجديد": "استمعتُ إلى موعظة في أحد المساجد خلال صلاة تراويح عن باب الغارمين في الزكاة، وهم الأشخاص الذين اثقلتهم الديون ولا يستطيعون سدادها، والأصعب أنّهم قد يُسجنون بسبب ذلك".
وهكذا، اتفقت إيمان مع عدد من النساء المشاركات في الصلوات على جمع مبلغ من المال، وتواصلنَ من خلال بعض المعارف مع جهاز الشرطة الفلسطينية لسداد المبالغ المتوجّبة على مجموعة من الأشخاص، والإسراع في الإجراءات حتى يتمكّنون من قضاء العيد بين ذويهم".
وتلفت إيمان إلى أنّ "ثمّة أزمات متتالية أتت لتثقل كاهل المواطنين، وقد أدّت إلى فقدان أشخاص منهم مصادر رزقهم، الأمر الذي اضطرّهم إلى الاستدانة. وثمّة أشخاص آخرون عمدوا إلى تحرير شيكات، وعندما حان موعد صرفها لم يتمكّنوا من توفير المال اللازم، علماً أنّ المبالغ بسيطة غير أنّ الأوضاع المالية صعبة جداً".