متطوعون مغاربة يغامرون بأرواحهم من أجل إنقاذ الطفل ريان.. وعملية انتشاله مستمرة
فيما تسابق فرق الإنقاذ الزمن لإنقاذ الطفل المغربي ريان (5 سنوات)، الذي لا يزال عالقاً منذ أكثر من 43 ساعة داخل بئر عميقة في قرية إغران بإقليم (محافظة) شفشاون (شماليّ البلاد)، برزت من رحم المأساة جهود مجموعة من المتطوعين الذين غامروا بأرواحهم أو أعلنوا استعدادهم لذلك.
وبدا لافتاً، خلال الساعات الماضية، خوض متطوعين لمغامرة استثنائية في أكبر عملية إنقاذ تعرفها البلاد، من أجل الوصول إلى الطفل الموجود في بئر قطره ضيق لا يتجاوز 30 سنتمتراً، علماً بأنه يزداد ضيقاً عند النزول.
وكان من أبرز المتطوعين عضو الهلال الأحمر المغربي والمتخصص في الاستغوار، عماد فهمي، الذي تمكّن بالفعل من الوصول إلى عمق 28 متراً حتى صار بإمكانه سماع أنين الطفل وبكائه، لكنه لم يستطع مواصلة عملية الإنقاذ.
ويحكي المتطوع المغربي عن تجربته، في حديث مع "العربي الجديد" بالقول: "تطوعي لإنقاذ ريان كان استجابة لنداء الواجب ولمبادئ المتطوعين في المغرب وسائر البلدان، وفي مقدمتها نكران الذات. وقد حاولت مرتين الوصول إليه، لكن، مع كامل الأسف، لم أتمكن من تحقيق ذلك جراء صعوبات عدة".
ويؤكد المتطوع أنه حاول في أول نزول له إلى البئر العميق الوصول إلى مكان الطفل ريان، وأنه سمع بكاءه، ما يؤكد أنه لا يزال حياً، مشيراً إلى أن التقنيات المستعملة لم تسعفه في تحقيق مرامه، ليعود إلى السطح.
ويتابع في حديثه لـ"العربي الجديد": "بعد أخذ استراحة قصيرة، كررت المحاولة باستعمال تقنية جديدة، وتمكنت من بلوغ مسافة 28 متراً، وفي وقت لم تعد تفصلني عن الطفل ريان سوى أربعة أمتار، اضطررت إلى مطالبة فريق الإنقاذ بإعادتي إلى السطح جراء استهلاك مخزوني من الأوكسجين ومجهودي العضلي الكبير"، مشيراً إلى أن "العملية لم تكن سهلة بعد أن واجهت صعوبات عدة في أثناء الصعود، إلى درجة أنه أصبت بالإغماء في العشرة أمتار الأخيرة".
وتقول فرق الإنقاذ إنّ الطفل عالق عند عمق 32 متراً في البئر البالغ عمقها 60 متراً تقريباً.
وفي وقت سابق، تمكنت فرق الإنقاذ من إدخال كاميرا إلى البئر لتتبع حالة الطفل، الذي أبدى تفاعلاً بتحريك إحدى يديه في أولى العلامات على أنه ما زال على قيد الحياة، بعد ساعات طويلة من سقوطه في البئر.
كذلك، يجري إنزال الأكسجين ومياه وأكل إلى الطفل، لكن لا دلائل على تناوله أي شيء منذ سقوطه في البئر.
ودفع فشل محاولة المتطوع فهمي السلطات المحلية إلى توقيف محاولات المتطوعين لانتشال الطفل، وعودة الجرافات للحفر على مقربة من البئر إلى عمق يتيح لفرق الإنقاذ الوصول إلى طفل عبر نفق بطول مترين.
وإلى جانب المتطوع فهمي، تمكن محمد، وهو أحد أبناء المنطقة، في وقت سابق من النزول إلى عمق 30 متراً، دون أن يتمكن من الوصول إلى الطفل ريان بسبب مخاوف السلطات من تعرضه للخطر.
وفي ظل أجواء تضامن المغاربة بمختلف فئاتهم مع الطفل ريان وأسرته، بدا لافتاً للانتباه إبداء عدد من الأطفال المغاربة استعدادهم لتقديم المساعدة بخوض مغامرة إنقاذ الطفل ريان بالنزول إلى البئر، وهو ما لم تستجب له السلطات، جراء الأخطار المحدقة بالعملية.
ويأتي ذلك في وقت قال مصطفى بايتاس، الوزير المنتدب المكلف العلاقات مع البرلمان، الناطق الرسمي باسم الحكومة، خلال مؤتمر صحافي عقده عقب انتهاء المجلس الحكومي، اليوم الخميس، إنّ لجان الإنقاذ المحلية وضعت مجموعة من السيناريوهات، وبتتبع مباشر من قبل وزير الداخلية ووزير الصحة، وبإشراف من رئيس الحكومة.
وأوضح المسؤول المغربي أن "السيناريو الأول كان إمكانية توسيع قطر الثقب المائي الذي سقط داخله الطفل ريان، لكن الأمر يمكن أن يشكل خطراً عبر انهيار الأحجار والتربة"، مشيراً إلى أن الخيار الثاني كان إمكانية إنزال عضو في لجان الإنقاذ، إلا أن كل المحاولات باءت بالفشل.
وبحسب بيتاس، فإن الخيار الثالث هو "الحفر بشكل موازٍ للوصول إلى مكان تواجد الطفل".