تشهد مخيمات إدلب، شمال غربي سورية، تزايداً في حالات السرقة التي تعدت الأموال والآليات، وباتت تطال حتى كابلات الإنترنت والنواشر (أجهزة لتوزيع واستقبال الإنترنت وتقويته)، مما تسبّب في حرمان الكثيرين من استخدام شبكة الإنترنت، بالتزامن مع غياب المحاسبة، والتساهل مع الفاعلين من قبل الأجهزة الأمنية.
وقال عبد الرحمن الفهد (29 عاماً)، وهو نازح يقيم في مخيمات قاح شمال إدلب، إن جرائم السرقة باتت لا تحتمل، خاصة بعد أن طالت حتى كابلات ونواشر الإنترنت التي يضطر النازحون لوضعها في الخارج ما يجعلها في متناول اللصوص الذين لا يجدون صعوبة في سرقتها.
وأضاف أن الأمر تكرر بشكل ملحوظ حتى تجاوز الثلاث سرقات في اليوم الواحد على مستوى مخميهم وحده، عدا عن السرقات المماثلة في المخيمات المجاورة.
وأشار إلى أنه تعرّض للسرقة الثالثة على التوالي خلال شهر واحد، ما أفقده الثقة بجدوى شراء كابلات وناشر الإنترنت، ووضعها على باب خيمته خوفاً من سرقتها، والاشتراك بالشبكة مع جاره ما أدى لوصول شبكة ضعيفة إلى خيمته، وبالرغم من تقديم بلاغ وقيام الشرطة بتفقد مواقع السرقة، وإجراء التحقيقات، فإنهم لم يعلنوا القبض على الجناة حتى اليوم.
مخيمات إدلب تعاني من حوادث السرقة والنهب
وأوضح أن السرقة والنهب أصبحت ظاهرة منتشرة، بحيث تشمل أهداف ممتهنيها كل ما تقع عليه أعينهم، سواء الأسلاك الكهربائية، وألواح الطاقة الشمسية، ونواشر الإنترنت، وبطاريات السيارات، والدراجات النارية، ونشل حقائب السيدات، وحتى الأحذية من أمام أبواب الجوامع.
أما حسام العلوش (33 عاماً)، وهو أيضاً نازح مقيم في مخيمات كفر جالس على مقربة من إدلب، فيقول إنه كاد يتهور ويردي أحد اللصوص قتيلاً حين تسلل الى خيمته ليلاً، مستغلاً موسم البرد وانقطاع الحركة في أرجاء المخيم، بعد غياب الشمس، ليعمد لمحاولة سرقة الناشر والكابلات التي يضعها أمام الخيمة.
يقول العلوش: "شعرت بحركة غريبة أمام الخيمة ولدى خروجي بسلاحي وهي بارودة اشتريتها للدفاع عن نفسي وعائلتي من اللصوص، خاصة أننا نقيم في خيمة تسهل سرقتها، وجدت أحد اللصوص يحاول تقطيع الكابلات وحين رآني ولى هارباً، بعد أن أطلقت النار في السماء بقصد تخويفه".
من جانبها، قالت مريم الداني (37 عاماً)، وهي إحدى نازحات مخيمات تل الكرامة شمال إدلب، إنها تعرّضت لسرقة كابلات الإنترنت والنواشر وكابلات ألواح الطاقة الكهربائية الشمسية عدة مرات، دون أن تتمكن من استعادتها أو معرفة الجناة.
وتشكو مريم تلك العمليات الممنهجة التي حرمتها مصدر رزقها الوحيد، حيث كانت تعمل على برامج الربح عبر الإنترنت كالياهو واللودو وغيرها، وتجمع في نهاية كل شهر ما تنفقه على أطفالها الأربعة، غير أن السرقات حرمتها حتى مصدر الرزق البسيط ذاك.
وتعتقد مريم أن الجناة هم عبارة عن مراهقين ويافعين، نظراً لقلة قيمة المسروقات المادية، ولسرعة عملية السرقة، فجميع ما سرق لها لا تتجاوز قيمته 200 دولار أميركي، لكنها تشكل مبلغاً كبيراً بالنسبة لها، خاصة أنها أرملة بلا معيل أو سند أو حتى مصدر للدخل، بعد يأسها من شراء معدات بديلة.
ولم تستفد مريم شيئاً حتى اليوم من جميع البلاغات التي قدمتها لقسم الشرطة في مدنية الدانا القريبة من المخيم، معبرة عن حزنها جراء قلة الأمان والحماية التي راحت تسود مخيماتهم، مضيفة أعباء ومعاناة جديدة إلى معاناتهم المستمرة، محمّلة المسؤولية كاملة للجهات الأمنية التي تسيطر على المنطقة، وتتساهل مع السارقين، حيث لم تتخذ أي إجراءات صارمة وحازمة للتخفيف، أو ردع تلك السرقات.
وارتفعت نسبة جرائم السرقة في مناطق عدة بسورية خلال الفترة الأخيرة، في ظل الفوضى وتردي الأوضاع الأمنية والمعيشية والاقتصادية، ولاقت هذه الحوادث المتكررة حالة من الاستياء والغضب الشعبي بين المدنيين حول تردي الواقع الأمني، مطالبين بإنزال أقصى أنواع العقوبات على من يقوم بمثل هذه الجرائم التي أصبحت يومية.