تسعى عدة منظمات محلية ونشطاء مجتمع مدني في عدة مناطق سورية إلى تقديم الدعم والمساندة للأطفال المشردين ومن يفتقدون المأوى، وخاصة في مناطق النزاعات حيث يكثر التسول وعمالة الأطفال والتشرد وزواج القاصرات.
ويعدّ مركز "شلير" في ريف محافظة الحسكة شمال شرق سورية بالقرب من مدينة القامشلي، واحداً من المؤسسات التي تقدم الرعاية والتأهيل للأطفال المشردين والذين يتعرضون للاستغلال دون سنّ 18.
المركز منذ افتتاحه منذ حوالي 8 أشهر، قدّم خدماته لحوالي 900 طفل في المنطقة، معظمهم عانوا من الفقر والتفكك الأسري والاستغلال، وتشرف عليه لجنة الأطفال شلير، كما بينت جوليا خلو، عضو اللجنة لـ"العربي الجديد".
وقالت جوليا خلو: "لجنة الأطفال شلير هي لجنة مجتمعية تربوية تسعى لحماية الطفل من جميع النواحي، وخلال السنوات العشر الأخيرة تم التركيز على مناطق شمال وشرق سورية". ولفتت إلى أن المنطقة تتعرض لهجمات ونزاعات وتكثر فيها ظاهرة التسول وعمالة الأطفال والتشرد وزواج القاصرات، وفي الفترة الأخيرة لاحظنا انتشاراً كبيراً لظاهرة التسول".
وتابعت "هذه ظاهرة غير حضارية ولها تأثير سلبي على الطفل من عدة جوانب، كالجانب الصحي حيث يتعرض لأمراض ويتم استغلاله وإبعاده عن التعليم وهذا ينعكس بشكل سلبي على المجتمع". وشددت المتحدثة على أهمية القضاء على هذه الظاهرة، "لذلك نحن في لجنة حماية الطفل وهيئة الإدارة المحلية والبيئة قمنا بهذه الخطوة، بالاشتراك مع عدة مراكز أخرى".
وأوضحت خلو أنّ "للمركز نظام داخلي وشروط أساسية لإيواء الأطفال، فمن غير المعقول إيواء من لديه عائلة هي المسؤولة عن حمايته ورعايته ومنعه من التسول، وفي حال حضور الطفل إلى مركز الإيواء، نقوم بكتابة تعهد خطي بالوالدين لكي لا تتكرر هذه الحالة وفي حال تكرارها، نقوم بإيواء الطفل لمدة أطول لتعليمه كيفية الاندماج في المجتمع، وتوعيته بالآثار السلبية لهذه الظاهرة وأيضا إعادته إلى مقاعد الدراسة، ثم إلى أسرته".
بدورها، قالت آريا محمد من رئاسة مكتب رعاية الطفولة التابعة لهيئة الإدارة المحلية والبيئة، لـ"العربي الجديد"، إن المركز الذي يقع في قرية خزنة على أطراف مدينة القامشلي، وافتتح بتاريخ 1 سبتمبر/ أيلول 2022، قادر على استيعاب ما بين 45 و50 طفلاً.
وتتم آلية عمل المركز بالتنسيق مع ضابطة البلدية، وفق ما أشارت محمد، حيث إن الضابطة تقوم بجولات مستمرة وتنقل الأطفال الذين يكونون في حالة تسول أو نبش في النفايات، أو من يفتقدون للمأوى إلى مركز الاستقبال وهناك تتم كتابة تعهد خطي بيننا وبين ذوي الطفل إن وجدوا حيث يتعهدون بحماية أطفالهم من هذه الظواهر التي يتعرضون لها. أما في المرة الثالثة فيتم نقل الطفل إلى دار الرعاية في قرية خزنة بسبب مخالفة ذوي الطفل للتعهد.
وأشارت إلى أن عدد الأطفال الذين تمت إحالتهم من قبل الضابطة منذ افتتاح المركز إلى اليوم تراوح بين 800 و900 طفل تقريباً وهم من أعمار الخامسة إلى الثامنة عشر.
وذكرت محمد أن هؤلاء الأطفال هم ضحايا الحرب والفقر والتفكك الأسري، أما الأطفال المقيمون في المركز بشكل دائم فعددهم ستة أطفال، إذ لم يراجعنا أحد بخصوصهم، بالنسبة لهم يتم تعليمهم الكتابة والقراءة في الوقت الحالي كونهم لا يجيدون الأحرف ولم يلتحقوا بالمدرسة، كما تتم تنمية مهاراتهم عن طريق الرسم والرياضة ونشاطات أخرى من قبل المشرفين عليهم، ونسعى لتأهيلهم من جميع النواحي ثم سنرسلهم إلى المدارس ليتعلموا حتى بلوغهم سن 18 واعتمادهم على أنفسهم.
وتابعت "في النهاية نسعى إلى تحقيق هدف المركز وهو أن نعيد للأطفال طفولتهم وحقوقهم، إلى جانب المساهمة في الحد من ظاهرة التسول ونبش النفايات".
وتنتشر ظاهرة التسول وعمالة الأطفال في مدينتي الحسكة والقامشلي، ولها أسباب كثيرة مجتمعية واقتصادية، وفق ما أوضح الناشط الإعلامي مدين عليان لـ"العربي الجديد"، مشيراً إلى أن معالجتها لن تكون إلا بتضافر جهود العمل بين المؤسسات المحلية في المنطقة والمنظمات الدولية.
وشدد عليان على أهمية معالجة أسباب هذه الظواهر المجتمعية، جراء "عدم وجود تكافؤ الفرص في المجتمعات والبيئة اللاسلمية و الحروب خلال السنوات السابقة".
ورغم الخطوات التي تتخذها "الإدارة الذاتية" كسلطة أمر واقع شمال شرق سورية، إلا أن الأطفال في المنطقة يعانون من مشاكل كثيرة أبرزها التجنيد الإجباري، وهي ظاهرة تبنت "الإدارة الذاتية" إيقافها لكن دون اتخاذ خطوات فعالة على أرض الواقع مع ضلوع "الشبيبة الثورية" بعمليات التجنيد.