لجأ رجل، فجر الأربعاء، إلى أحد مساجد بيروت، عند موعد صلاة الفجر، للاستفادة من توفّر الكهرباء من أجل تشغيل آلة أكسجين يحتاجها جرّاء إصابته بمرض الربو، وسط تقنين قاسٍ في ساعات التغذية بالتيار يتخطى 20 ساعة يومياً، في خضم انهيار اقتصادي غير مسبوق.
ويشهد لبنان الغارق في أزمة اقتصادية متمادية، رجّح البنك الدولي الشهر الماضي أن تكون من بين أسوأ ثلاث أزمات في العالم منذ عام 1850، شحاً في الفيول الضروري لتشغيل معامل إنتاج الكهرباء وفي المازوت المستخدم لتشغيل المولدات الخاصة، مع نضوب احتياطي الدولار لدى مصرف لبنان وتأخّره في فتح اعتمادات للاستيراد. ونشر إمام وخطيب جامع الإمام علي بن أبي طالب في بيروت، الشيخ حسن مرعب، صورة على حسابه على تويتر يُظهر فيها رجلاً غزا الشيب ذقنه وهو يجلس على عتبة داخل المسجد يقرأ القرآن، بينما أنبوب التنفس مثبّت على أنفه وموصول بآلة أكسجين أمامه. وأرفق الصورة بتعليق "أحد المصلّين مصاب بمرض الربو.. لجأ إلى المسجد فجراً لتشغيل آلة الأكسجين ليستفيد من فترة تشغيل مولد المسجد (مما اضطرنا لعدم إطفائه بعد انتهاء الصلاة من أجله)، وذلك لعدم توفر الكهرباء ولا اشتراك المولدات في منزله". وأضاف: "ألا لعنة الله على من أوصلنا إلى هذا الحال".
أحد المصلين مصاب بمرض الربو (عافانا الله وإياكم وشفاه) لجأ إلى المسجد فجراً لتشغيل آلة الأوكسجين ليستفيد من فترة تشغيل مولد المسجد (مما اضطرنا لعدم إطفائه بعد انتهاء الصلاة من أجله) وذلك لعدم توفر الكهرباء ولا اشتراك المولدات في منزله
— د. حسن مرعب (@DrHassanMoraib) July 7, 2021
ألا لعنة الله على من أوصلنا إلى هذا الحال pic.twitter.com/WNnKT4L27Q
ويواجه لبنان منذ ثلاثة عقود على الأقل مشكلة متفاقمة في قطاع الكهرباء ذي المعامل المتداعية، ما يجبر غالبية المواطنين على دفع فاتورتين، واحدة للدولة وأخرى مرتفعة لأصحاب المولدات الخاصة، التي تعوّض نقص إمدادات الدولة. وتراجعت تدريجاً خلال الأشهر الماضية قدرة مؤسسة كهرباء لبنان على توفير التغذية، ما أدى إلى رفع ساعات التقنين لتتجاوز 22 ساعة يومياً في بعض المناطق. ولم تعد المولدات الخاصة، على وقع شحّ الوقود، قادرة على تأمين المازوت اللازم لتغطية ساعات انقطاع الكهرباء، ما اضطرها بدورها إلى اتباع تقنين. وتغرق المناطق كافة في ظلام دامس. وتنتشر بشكل شبه دوري مقاطع فيديو وصور لأشخاص يناشدون المعنيين التدخّل لتوفير الكهرباء من أجل تشغيل ماكينات الأكسجين لأطفالهم أو أفراد عائلاتهم، خصوصاً في مناطق لا تتوفر فيها المولدات الخاصة.
وكانت استغاثة رجل نهاية الشهر الماضي، في مدينة طرابلس (شمال)، لإنقاذ طفلته المصابة بالربو، قد أشعلت تحركات احتجاجية في الشارع. وعلى وقع تدهور سعر صرف الليرة التي خسرت أكثر من تسعين في المائة من قيمتها أمام الدولار، ورفع السلطات لأسعار الوقود الأسبوع الماضي، لم يعد كثر قادرين على تحمّل تكلفة فاتورة المولّد الكهربائي، ما ينذر بتفاقم الوضع. ويُعد قطاع الكهرباء الأسوأ بين مرافق البنى التحتية المهترئة أساساً، ويُشكّل إصلاحه أحد مطالب المجتمع الدولي الرئيسية لدعم لبنان. وقد كبّد خزينة الدولة أكثر من 40 مليار دولار منذ انتهاء الحرب الأهلية.
(فرانس برس)