تكرر السلطات المعنية في مصر حديثها عن استقبال المصابين والمرضى الفلسطينيين من قطاع غزة للعلاج في مستشفيات سيناء في ظل استهداف الاحتلال الإسرائيلي للمنظومة الصحية في القطاع منذ بداية الحرب في السابع من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، إلا أن الظروف التي تحيط بالمرضى الذين يتم استقبالهم لا تشير إلى الاهتمام الذي يجري الحديث عنه في الإعلام المحلي المصري.
وفي التفاصيل، يقول أحد المرضى المحولين للعلاج في أحد مستشفيات محافظة شمال سيناء شرقي مصر، لـ "العربي الجديد"، إن المريض أو المصاب لا يعرف المستشفى المحول إليه إلا بعد الخروج من قطاع غزة عبر معبر رفح البري الذي يصل بين قطاع غزة ومصر. وفور الوصول إلى المستشفى المصري، يتم إيداع جواز السفر أو وثيقة السفر لدى الأمن في المستشفى، ويمنع من الخروج من المستشفى. وفي حال رغبة أي شخص في مصر زيارته، يتم ذلك في إطار ضيق داخل أروقة المستشفى، بما يضمن عدم تنقل المصابين والمرضى إلى أي مكان داخل مصر.
يضيف أن القدرات العلاجية للمستشفيات في محافظة شمال سيناء ضعيفة، إذ إن عدداً من المرضى والجرحى عادوا إلى قطاع غزة دون استكمال العلاج ولم يشعروا بالتحسن أو الاهتمام، فيما عاد جزء آخر لعدم توفر الأدوية والعلاجات لمرض السرطان، على عكس الذين غادروا للعلاج في الإمارات وتركيا وقطر وتونس. وباتت عائلات المرشحين للتحويلات الطبية إلى الخارج تسأل عن مكان العلاج. ففي حال كانت الوجهة مصر، يفضلون الانتظار في قطاع غزة بدلاً من العلاج في مستشفيات شمال سيناء.
إلى ذلك، يقول مصدر طبي في محافظة شمال سيناء لـ "العربي الجديد"، إنه لا يمكن فهم تعمد نقل مرضى غزة وجرحاها إلى مستشفيات محافظة شمال سيناء بينما هناك عشرات المستشفيات الضخمة، سواء التابعة لوزارة الصحة المصرية أو القوات المسلحة المصرية في كافة محافظات مصر، مشيراً إلى أن مستشفيات شمال سيناء بالكاد تخدم سكان المحافظة وليس فيها متخصصون لعلاج المصابين الفلسطينيين، علماً أن غالبية الجرحى في حاجة ماسة لجراحات وعناية فائقة.
يضيف: "هناك تشديدات أمنية غير مسبوقة على الحالات الفلسطينية والمرافقين لهم، وتم إبلاغ إدارات المستشفيات بالقرارات الأمنية المتعلقة بالمرضى والمصابين الفلسطينيين ومرافقيهم، وتشمل عدم تحركهم خارج حرم المستشفى وعدم زيارتهم من قبل أي مواطن مصري. وفي حال رغبة أحد من أقربائهم المتواجدين في مصر زيارتهم، تتم في إطار ضيق ومرات محدودة وبعد تسجيل بياناتهم بشكل مفصل".
ويكشف أنه بعد انتهاء علاج المصاب أو المريض، ينقل إلى معبر رفح ويعاد إلى قطاع غزة مجدداً، رغم خطورة الوضع الأمني هناك، والخطر على صحة المصابين والمرضى في حال حدوث أية مضاعفات، في ظل ضعف المنظومة الصحية في قطاع غزة، داعياً إلى نقل الحالات الفلسطينية إلى المستشفيات الكبرى في القاهرة لتلقي أفضل الخدمات الصحية.
وبحسب الإحصاءات المصرية، فإن مصر استقبلت منذ بداية الحرب على غزة أكثر من 1200 مصاب ومريض، بالإضافة إلى تسهيل سفر المئات إلى دول تونس والإمارات وقطر وتركيا، فيما عملت مصر على بناء مستشفيات ميدانية بدائية في مدينة الشيخ زويد والعريش لاستقبال الحالات المرضية الفلسطينية، إلا أنه لم يجر العمل بها نتيجة صعوبة الحالات المرضية القادمة من قطاع غزة سواء كانوا مصابين أو مرضى بالسرطان والفشل الكلوي.
وكان المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان قد دعا إلى تسريع نقل الحالات المرضية والإصابات من قطاع غزة إلى مصر عبر معبر رفح نتيجة تردي الأوضاع الصحية في القطاع مع استمرار الحرب الإسرائيلية التي استهدفت المنظومة الصحية بشكل مباشر ومتعمد، ما أدى إلى ضعف الخدمات الصحية المقدمة للمواطنين في القطاع منذ بداية الحرب.
من جهته، يكشف مصدر مصري مسؤول في معبر رفح البري أن آلية نقل المصابين والمرضى تتم كما المسافرين العاديين، من خلال إرسال الكشوفات من وزارة الصحة الفلسطينية إلى وزارة الصحة المصرية لاختيار الحالات، ثم تسليم الكشوفات إلى الجهات الأمنية لإرسال الأسماء إلى الاحتلال الإسرائيلي لأخذ الموافقة على سفرهم. وهناك عشرات الأسماء التي تم رفض دخولها عبر معبر رفح، ولا يسافر أكثر من 20 مريضاً أو مصاباً يومياً عبر المعبر.
يشار إلى أن الاحتلال الإسرائيلي يتعمد إبقاء المنظومة الصحية في حالة انهيار مستمر، ويتحكم في حجم ونوعية المساعدات الطبية.