- الحكومة والنقابات شهدت تفاعلًا حول القانون الأساسي للمعلمين منذ 2021، مع دعوات لتقديم اقتراحات وجلسات عمل لتحسين الأوضاع المادية والمهنية للمعلمين.
- أربع نقابات مستقلة نفذت إضرابًا في أبريل الماضي مطالبة بإشراك المعلمين في صياغة القانون، مع التأكيد على ضرورة الحوار وتحسين الأوضاع الاجتماعية والمهنية للمعلمين.
خلال الانتخابات الرئاسية التي جرت في الجزائر في ديسمبر/ كانون الأول 2019، تعهد المرشح حينها الرئيس الحالي عبد المجيد تبون، بإعادة النظر في الأوضاع المهنية والاجتماعية للمعلمين من خلال إقرار قانون خاص يعيد إليهم قيمتهم المعنوية والرمزية في المجتمع. ومنذ خمس سنوات ينتظر المعلمون تحقيق هذا الوعد، في حين تقول الحكومة إنها تقترب من إنهاء صياغة القانون.
في الأول من مايو/ أيار الجاري، أكد تبون استمرار التزامه السياسي بإصدار القانون الأساسي للتربية الوطنية، وربط ذلك بـ"ضرورة أن يكون المعلم مربياً وليس موظفاً، وأن يُمنح حقوقه الكاملة على غرار الأشخاص الذين يبذلون جهوداً يومية لتربية أبناء الجزائر". وكشف أنه رفض في فبراير/ شباط الماضي مسودة أولية قدمتها الحكومة للقانون الأساسي للمعلم، "لأنها لا تلبي ما ينتظره المعلمون الذين يجب ألا نمنحهم هدايا مسمومة بل هداياً تنفعهم مقابل ما يقدمونه في مجال تربية الأجيال. كلّفت الحكومة بمراجعة القانون لتحسين مضمونه الأساسي، والنظام التعويضي للإدارات الخاصة بالتربية".
ويقول صادوقي عبد القادر الذي يدرّس مادة الرياضيات في ثانوية أحمر العين بمحافظة تيبازة، لـ"العربي الجديد": "يجب أن يُعيد القانون الأساسي للمعلمين تنظيم المجموعة التربوية، والإبقاء على نخبة المعلمين داخل القاعات عبر تلبية رغباتهم في الترقية، واستعادة أوضاعهم المادية الجيدة، وأن يعيد الاعتبار لقيمتهم كي يؤدوا واجباتهم على أحسن وجه في مجالات التربية والتدريس باعتبارها رسالة ذات أهمية اجتماعية كبيرة".
واستغرق إصدار القانون وقتاً طويلاً، واتخذت صياغته مسارات طويلة ومتشعبة شملت النقاشات بين النقابات والحكومة منذ عام 2021. وقبل عامين دعت وزارة التربية والتعليم النقابات إلى تقديم اقتراحات مكتوبة حول مسودة القانون الأساسي للمعلمين، ما مهّد لعقد جلسات عمل ثنائية وجماعية امتدت لنحو ستة أشهر بين مسؤولي الوزارة وممثلي النقابات، ما سمح بصياغة لجنة شكلتها الوزارة مسودة أولية.
ويؤكد المتحدث باسم المجلس الوطني المستقل لمديري الثانويات يزيد بو عنان، لـ"العربي الجديد"، الأهمية الكبيرة للقانون الأساسي لقطاع التربية لأنه يرسم مسارات الترقية لجميع الموظفين والمعلمين، ويحدد مهمات كل مديرية وسلك ورتبة، وتصنيفات وآفاق وشروط الترقيات من رتبة الى أخرى، كما ينظم ملف المنح والتعويضات والعلاوات، وهو على علاقة مباشرة بتحسين الأوضاع الاجتماعية لمنتسبي القطاع، وقد شاركت النقابة بفعّالية في العمل على إنجاز القانون، وطالبت بتسريع إصداره. وهي ترى أن تحسين مضامين القانون كي يكون في مستوى التطلعات لا يتطلب كل هذا الوقت.
ومع القيمة المعنوية المرتبطة بإعادة القانون مكانة المعلمين في المجتمع، يبدي كثيرون اهتمامهم بالشق المادي المرتبط بآلية تصنيفهم، ومسألة المنح والعلاوات التي لم تكشف أي تفاصيل عنها، إذ أعلنت وزارة التربية أنها تحتاج إلى مناقشة هيئات حكومية معنية بالمسألة، مثل مديرية التوظيف العمومي ووزارة المالية للتدقيق في التفاصيل المادية ومطابقتها للقوانين السارية.
وتؤكد نقابات التربية والتعليم أنها تنتظر إنجاز القانون الأساسي للمعلم قريباً، وتؤكد رغبتها في المشاركة في صياغته كي لا تنفرد الحكومة بذلك.
وفي إبريل/ نيسان الماضي، نفذت أربع نقابات مستقلة إضراباً عن العمل شلّ المدارس والمؤسسات التعليمية جزئياً للمطالبة باشراك المعلمين والنقابات التي تمثلهم في صياغة القانون الأساسي للمعلم. وقللت الحكومة من تأثير هذا الإضراب، في حين أكد رئيس المجلس الوطني لأساتذة التعليم للأطوار الثلاثة، النقابة الكبرى في مجال التعليم، مسعود بوذيبة، لـ"العربي الجديد" حينها، أن "الإضراب كان ناجحاً في مختلف المراحل التعليمية، وبلغت نسبة التوقف عن العمل في المرحلة الثانوية بين 70 إلى 90 في المائة، وفي المرحلة المتوسطة بين 50 إلى 65 في المائة، وفي المرحلة الابتدائية بين 30 إلى 45 في المائة".
وأشارت النقابات إلى أن "قرار الإضراب جاء لتسجيل موقف رافض لسياسة الرأي الأحادي والنظرة الضيّقة التي لا تأخذ في الاعتبار جهود المعلمين ومعاناتهم من السياسات التعليمية غير المدروسة التي أثّرت سلباً على قطاع التربية، ما زعزع أهداف المدرسة ومسّ بالمكانة الاجتماعية للمعلمين". ويؤكد مسعود أن النقابات ترفض سياسة التعنّت والإقصاء التي يريد مسؤولو وزارة التربية الوطنية أن يفرضوها. ويقول: "طالبنا بتسلم نسخة من مشروع القانون الأساسي الذي سيعرض على مجلس الوزراء، وعقد لقاءات أخرى لمناقشة النظام التعويضي للمعلمين".