مشروع "وادي الجوز"... معاناة فلسطينيين في القدس مع إخطارات الهدم

12 سبتمبر 2023
إخطارات جديدة بالهدم والإزالة في وادي الجوز (فايز أبو رملة/الأناضول)
+ الخط -

يرفض الفلسطيني عبد الكريم صلاح تنفيذ أوامر هدم أصدرتها بلدية الاحتلال الإسرائيلي في القدس، لصالح محاولة إنشاء مشروع "وادي السيليكون" على أنقاض مصدر رزق أسرته منذ أكثر من 40 عاماً، ومصادر رزق كثيرين في حي وادي الجوز
وزعت بلدية الاحتلال خلال شهر واحد عشرات الإخطارات بالهدم والإزالة لمنشآت صناعية يعيش منها مئات من المقدسيين، أضيفت إلى أوامر هدم أخرى وزعت قبل نحو عامين يقدّر عددها بنحو 200، والمنشآت تضم كراجات لتصليح سيارات اتهم أصحابها باستخدامها بشكل مخالف للقانون على مدى عقود زمنية.
ويعتبر مشروع "وادي السيليكون" جزءاً من مبادرة لحكومة الاحتلال تمتد خمس سنوات بقيمة 2.1 مليار شيكل (677 مليون دولار)، ويهدف بحسب ما تقول البلدية إلى "تقليل الفجوات بين القدس اليهودية والفلسطينية"، علماً أنه واحد من مشاريع عدة روّجها رئيس بلدية الاحتلال في القدس، موشيه ليون، حين تسلم منصبه.
ويلحظ مخطط المشروع نقل المستأجرين وأصحاب المحال إلى مناطق أُخرى، مثل العيسوية وأم طوبا، لا تضم مناطق صناعية ولا كراجات للسيارات مثل واد الجوز، وتحويل المنطقة إلى منطقة صناعية وسياحية وتجارية، والعمل لـ"تطوير" طرق المواصلات مع التركيز على الدراجات الهوائية وممرات المشاة، وقد يمتد القطار الخفيف إلى المنطقة، مع إقامة حديقة.
ويؤكد محمد الكرد، وهو صاحب ورشة لكهرباء السيارات، في حديثه لـ"العربي الجديد"، أن "هدم المنطقة الصناعية برمتها في وادي الجوز سيشكل انتكاسة كبيرة ليس فقط للعائلات التي تعتاش منها، بل لعموم القدس التي تتعرض لعملية تهويد وتكثيف الاستيطان". يتابع: "نملك جميعاً تصاريح مزاولة قانونية، وما تزعمه بلدية الاحتلال في القدس لا يعنينا ولا يهمنا".

المنشآت الصناعية هدف رئيسي للمخطط الإسرائيلي (أحمد غرابلة/ فرانس برس)
المنشآت الصناعية هدف رئيسي للمخطط الإسرائيلي (أحمد غرابلة/فرانس برس)

وقد أغضبت إجراءات بلدية الاحتلال في القدس أصحاب هذه المنشآت، وأصابتهم بالهلع، ما دفعهم إلى الشروع في اتخاذ إجراءات قانونية لمحاولة وقف استهداف بلدية الاحتلال مصدر رزقهم، مؤكدين رفضهم الانتقال إلى منطقة بديلة. يقول ناصر التميمي، وهو أحد المتضررين، لـ"العربي الجديد": "لا نثق ببلدية الاحتلال التي تريد وضع يدها على كل المنطقة لتعزيز سيطرتها، وتثبيت الوجود الاستيطاني فيها خاصة في حي الشيخ جراح، حيث مقر وزارة داخلية الاحتلال، وعدد من البؤر الاستيطانية".
ويقول الخبير في شؤون الاستيطان، خليل تفكجي، لـ"العربي الجديد": "تحاول بلدية الاحتلال الإسرائيلي في القدس تنفيذ مشروعين استيطانيين كبيرين على أنقاض 200 منشأة، الأول سيكون امتداداً لمشروع مركز مدينة القدس الشرقية، والثاني وادي السيليكون. تبلغ مساحة الأراضي المحددة لإقامة مشروع (وادي السيليكون) نحو 30 دونماً، أما الأرض التي تعتزم البلدية ضمها إلى مشروع مركز مدينة القدس الشرقية فتبلغ مساحتها 5 دونمات، وتتبع لوقف عائلة الخطيب، ويفترض أن تُبنى عليها مساكن، علماً أن هذه المساحة تتضمن مصالح تجارية، ما يؤكد تجاهل الاستخدام الحالي للمكان بشكل كامل".

تستمر محاولة تحويل الوجود الفلسطيني في وادي الجوز إلى هامشي (أحمد غرابلة/ فرانس برس)
محاولات لتهميش الوجود الفلسطيني في وادي الجوز (أحمد غرابلة/فرانس برس)

وتوضح بلدية الاحتلال في القدس أن "مشروع وادي السيليكون سيُخصص مساحة 200 ألف متر مربع لشركات تكنولوجية، و50 ألف متر مربع لبناء فنادق و50 ألف متر مربع للمساحات التجارية". وكل هذه المشاريع ضمن وادي الجوز. وحين يكتمل المشروع، سيكون حجمه ضعف حجم محطة "غراند سنترال" في نيويورك، مع زيادة وسائل نقل عام ومساحات خضراء، وكلية تقنية جديدة تتولى تدريب "آلاف المقدسيين الشرقيين على التكنولوجيا المتقدمة، وتقديم حوافز لزيادة اندماج النساء في القوى العاملة شرق مدينة القدس".
يتولى المحامي مهند جبارة، الدفاع عن أصحاب المشاغل في وادي الجوز، ويصف مشروع "وادي السيليكون" بأنه "خطير جداً، ويهدف إلى إزالة حي واد الجوز الذي يضم أعداداً كبيرة من المشاغل والمنشآت الصناعية والمحال التجارية، ومنع البناء الفلسطيني في المنطقة الحيوية الواقعة شمال البلدة القديمة من القدس".
يضيف جبارة لـ"العربي الجديد": "يريدون مخططاً خيالياً يلغي بالكامل أية إمكانية لتوفير بناء سكني يمكن أن يستفيد منه المقدسيون. يريدون تنفيذ ترانسفير قانوني من خلال تصنيف أراضي الحي منطقةً لصناعات التكنولوجيا على حساب المشاغل والورش الصناعية القائمة حالياً، وحرمان أصحابها من مصادر رزقهم. اعترضنا على المخطط أمام المحاكم التي ما زالت تنظر في تفاصيله، علماً أن المخطط لم يأخذ رأي الأهالي، ولم يراعِ مصالحهم".

أما الخطر الآخر من المخطط فيتمثل في ربط القدس الشرقية بالقدس الغربية من خلال شارع عثمان بن عفان الذي يؤدي إلى حي الجاعوني، حيث جرى تهديد عائلات مقدسية بتنفيذ إخلاء، وتحويل المنطقة إلى طريق "أوتوستراد" تخترق حي وادي الجوز، تمهيداً لنقل مركبات من غربي القدس إلى خارجها نحو مستوطنة معاليه أدوميم المشيّدة شرقي القدس المحتلة.
ويعني ذلك تحويل المنطقة إلى بوابة جديدة للقدس، وتكملة لمشروع "إي ون" الذي يربط مستوطنة "معاليه أدوميم" بشرق القدس، وذلك بهدف تحويلها إلى "مترولبين" (شركة نقل عام ضخمة)، وجعل الوجود الفلسطيني في المنطقة هامشياً.

المساهمون