عبّر عدد من المودعين وجوبياً بمستشفى الرازي للأمراض النفسية والعقلية في تونس، عن عالمهم الخاص وهم يسلكون طريقاً طويلة نحو الشفاء، ليتوج عملهم بأول معرض فني تضمن أكثر من 60 رسماً ومنحوتة خزفية أنتجها المرضى في ورش العلاج.
ويساهم الرسم في إخراج المصابين بأمراض نفسية وعقلية من عوالهم المغلقة المحاصرة بالوصم الاجتماعي إلى العالم الخارجي، ليعرضوا ولأول مرة أعمالهم تحت عنوان "نفس الفن".
وتقول الدكتورة نسرين براهم التي ترأس قسم الطب النفسي الشرعي بمستشفى الرازي للأمراض العقلية إن "رحلة شفاء المرضى في قسم الطب النفسي الشرعي غالباً ما تكون طويلة جداً وتستغرق سنوات، وهو ما تطلّب علاجات تكميلية من بينها الرسم، بالإضافة إلى العلاج بالأدوية".
وتضيف براهم في تصريح لـ"العربي الجديد " أنه جرى اختيار عنوان "نفس الفن" لأول معرض للوحات المرضى لإظهار قدرتهم على إنتاج أعمال فنية قريبة أو مماثلة لما ينتجه الأسوياء"، مؤكدة أن "هؤلاء المرضى الذي ارتكبوا أفعالاً أو جرائم استوجبت إيداعهم المستشفى، يعانون عادة من الوصم وهو ما يزيد من معاناتهم".
وقالت إن "اللوحات والأعمال الخزفية التي أنتجها المرضى كانت تحت تأطير وإشراف متخصصين في الفنون الجميلة"، مشيرة إلى أن "الورش والأنشطة الرياضية علاجات تكميلية يتلقاها المرضى لتحسين وضعهم وتأهيلهم لمواصلة حياتهم مع أسرهم أو داخل المجتمع بشكل عادي" .
وأكدت براهم أن "العائدات المالية للمعرض ستخصص لتحسين ظروف إقامة المرضى داخل المستشفى، خاصة أن مدة علاجهم تستغرق سنوات في بعض الأحيان يقضونها في عزلة تامة عن العالم الخارجي".
وتعتبر رئيسة قسم الطب النفسي الشرعي أن "الفن والرسوم من أحسن قنوات التواصل التي يمكن التعويل عليها لربط الصلة تدريجياً بين المرضى المصابين بأمراض عقلية والمجتمع".
والإيواء الوجوبي للمرضى المصابين بأمراض عقلية يجري وفق القانون عدد 83 لسنة 1992 المتعلق بالصحة العقلية، وبشروط الإيواء في المستشفى، بسبب اضطرابات عقلية.
وتنص المادة الأولى من هذا القانون على أن إيواء الأشخاص في المستشفى بسبب اضطرابات عقلية يكون في دائرة احترام الحريات الفردية، وفي ظروف تضمن الكرامة البشرية.
كما يكفل القانون لهؤلاء المرضى الحق في دائرة الإمكان في التعليم والتكوين وإعادة التأهيل، لمساعدتهم على تنمية قدراتهم ومؤهلاتهم، كما لهم أيضاً الحق في القيام بعمل منتج، وفي ممارسة أي نشاط آخر.
لكن قرار الإيواء الوجوبي بالمستشفى من اختصاص قضائي بحت، حيث يأذن رئيس المحكمة بالإيواء الوجوبي بمؤسسة استشفائية عمومية يعيّنها لذلك الغرض، للأشخاص الذين تشكّل اضطراباتهم العقلية خطراً على سلامتهم أو على سلامة الآخرين.