نازحو سورية لا يملكون وسائل تدفئة لمواجهة الشتاء

25 نوفمبر 2023
خيام النازحين لا تقيهم البرد والمطر (عدنان الإمام)
+ الخط -

يعاني النازحون في مخيمات شمال غربي سورية من أوضاع صعبة بسبب ندرة وسائل التدفئة مع حلول فصل الشتاء، ليعيشوا في دوامة البرد والحلول المؤقتة في الخيام الممزقة أو البيوت المسقوفة بالشوادر البلاستيكية التي لا تقيهم من مياه الأمطار.

يقدر عدد مخيمات النزوح في مناطق شمال غربي سورية بنحو 1873 مخيماً وفق إحصائيات فريق "منسقو استجابة سورية"، وتقدر أعداد النازحين المقيمين في تلك المخيمات بنحو مليوني نازح، وجميعهم يعانون من الفقر والبطالة ولا يملكون المال اللازم لتوفير مستلزمات التدفئة أو بقية احتياجات الشتاء الأساسية.
في مخيم التوينة القريب من مدينة الدّانا في الريف الشمالي لمحافظة إدلب، يقيم عاشق شحادة الخليف في خيمة ممزقة قد لا تصمد حتى نهاية الشتاء، ويقول لـ"العربي الجديد": "نجمع النايلون ونشعله للتدفئة، فليس هناك مساعدات أو مال، وليس لدينا سوى الخبز والماء، ونطالب المنظمات الإغاثية أن تساعدنا في فصل الشتاء".
وتقول زوجته دلال الخليف: "ليس لدينا أي مواد تدفئة تقليدية مثل الحطب أو المازوت، ونستخدم أكياس النايلون وما نجمعه من مواد قابلة للاشتعال من الحاويات والشوارع للطبخ والتدفئة. نحن 10 أشخاص، ولا نملك أي شيء في الوقت الحالي".
يتشارك معظم سكّان المخيمات طرق التدفئة ذاتها، إذ يجمعون النفايات البلاستيكية والمواد القابلة للاشتعال مثل الكرتون من الأراضي المحيطة بمخيماتهم. تقول النازحة منى مصطفى لـ"العربي الجديد": "لا نملك تجهيز أي شيء لفصل الشتاء، في كل عام نحصل على قدر من مواد التدفئة من المنظمات، لكن لم نحصل على شيء حتى الآن، ويقوم الأطفال بجمع بقايا الأقمشة والأعواد".

يجمع النازحون كل ما يمكن إحراقه للتدفئة (عدنان الإمام)
يجمع النازحون كل ما يمكن إحراقه للتدفئة (عدنان الإمام)

وكلفة الحصول على مدفأة ليست سهلة على من يقيم في المخيمات معتمداً على المساعدات الإنسانية الشحيحة. ويوضح النازح فؤاد محمد في حديث لـ"العربي الجديد": "نحن بحاجة إلى شوادر ودفايات. مصاريف العائلة اليومية بحدود 100 ليرة (3.47 دولارات)، وليس هناك عمل، والمدفأة سعرها ما بين 11 و25 دولاراً، ولم أجهز أي شيء لفصل الشتاء، وأفكر في الاستدانة لشراء مدفأة".
تقيم النازحة سارة عبد الرحمن في أحد مخيمات قاح مع خمسة أبناء، وهي تشكو من شعورهم بالبرد القارس في حين يندر وصول المساعدات الإنسانية، وتؤكد لـ"العربي الجديد"، أنها لم تتمكن من تأمين أي وسائل لتدفئة أبنائها، وتتوقع الأسوأ إن لم تتدارك المنظمات الإنسانية الوضع المأساوي وتعمل على تأمين وسائل تدفئة للنازحين الفقراء الذين يفتقدون كل مقومات الحياة.

يمتلك بعض النازحين دفايات لكن لا وقود لتشغيلها (عدنان الإمام)
يمتلك بعض النازحين دفايات لكن لا وقود لتشغيلها (عدنان الإمام)

ويجمع النازحون إلى مخيمات شمالي إدلب النايلون والأقمشة وصناديق الخضار التالفة من مكبات النفايات للاعتماد عليها في التدفئة مع بداية موسم البرد، ويقومون بنقلها إلى الخيام لحرقها في المدافئ في ظل الارتفاع الكبير لأسعار مواد التدفئة بكافة أنواعها، كما يتجه البعض إلى جمع الحطب من الغابات الحراجية، أو جمع أغصان الزيتون المتساقطة على الأرض بعد انتهاء موسم جني المحصول.
يقيم النازح أحمد العمر في مخيمات دير حسان، ويقول لـ"العربي الجديد": "المخيمات كلها شوادر، وليس فيها تدفئة، ومواد التدفئة غالية. نجمع الكرتون والنايلون أينما نجدها، فليس لدينا القدرة على شراء الحطب". 
بدوره، يقول النازح مسعف العمر، المقيم في مخيم التوينة: "نواجه في كل عام الأمر ذاته، فلا توجد مساعدات، والشوادر مهترئة، وسعر الشادر ما بين 60 و70 دولاراً، والبرد في المخيمات قارس بكل معنى الكلمة، ونضطر إلى تدبر الأمر بما يتاح لنا".

ويقول عبد الله المحمود لـ"العربي الجديد": "أنا مُهجر من مدينة معرة النعمان بريف إدلب الجنوبي، وأقيم منذ أسابيع في مخيم الكمونة بريف إدلب الشمالي بعد التصعيد الأخير على مدينة إدلب ومحيطها. هذا الشتاء سيكون الأقسى على النازحين والمهجرين لعدة أسباب، أبرزها غلاء المحروقات، وقلة فرص العمل، وعدم تمكن النازحين من شراء مستلزمات التدفئة مثل الحطب والمازوت. معظمهم يعتمدون على القمامة والنايلون، وقسم ضئيل منهم يعتمدون على الحطب، والمنظمات الإنسانية تراجع عملها في المنطقة بسبب نقص المساعدات المقدمة من المجتمع الدولي".
يتابع المحمود: "لو افترضنا أنني أريد شراء طن حطب لتأمين مستلزمات عائلتي المؤلفة من 6 أشخاص، فأنا أحتاج إلى العمل لمدة شهر ونصف الشهر حتى أستطيع تأمين المال، وذلك من دون شراء الطعام والشراب، كما أنني لن أستطيع شراء ملابس شتوية للأطفال بسبب الغلاء والوضع المعيشي السيئ، وبعض أقاربنا يرسلون لنا ألبسة قديمة. هذا الوضع مستمر منذ 4 سنوات".

المساهمون