أعلنت جامعة بنسلفانيا الأميركية أنها نجحت في استخدام كبد خنزير معدَّل وراثياً لعلاج حالة متقدمة من فشل الكبد التام عند البشر، في تجربة تعد الأولى من نوعها في هذا النوع من العلاج. وأجريت التجربة على مريض متوفى دماغياً بسبب إصابته بفشل تام في الكبد، إذ تم توصيل كبد الخنزير المعدل بجسده خارجياً، ونجح هذا الكبد في تصفية الدم لمدة 72 ساعة، قبل أن يتم بعدها وقف التجربة المعملية.
أُجريت التجربة العلمية في مستشفى جامعة بنسلفانيا قبل نحو شهر، وكشفت الجامعة عنها يوم 18 يناير/كانون الثاني 2024، وحسب بيان الجامعة بهذا الشأن، نجح كبد الخنزير المعدَّل وراثيّاً، والذي تم وصله بأوعية دموية في جسم المريض الميت دماغيّاً بعد الحصول على موافقة خطية من أهله، في القيام بمهمة الكبد البشري رغم تركه خارج جسم المريض، وسَجّلت التحاليل الدموية قيامه بعمله بشكل جيد طوال فترة الدراسة التي استمرت لمدة 72 ساعة، ومن دون تسجيل إشارات رَفض مناعيّ في جسم المريض أو في الكبد المعدل وراثياً.
ولا يتوفر حتى الآن أي علاج ناجع للتعامل مع فشل الكبد التام عند الإنسان، ولم تنجح محاولات سابقة لإنتاج كبد صناعية، على غرار النجاح في صنع كلية صناعية منذ خمسينيات القرن العشرين، لكن هناك محاولات مستمرة لتصميم الكبد الصناعية، وربما تنجح المحاولات في المستقبل وصولاً إلى هدف المحافظة على حياة المصابين بمرض الفشل الكبدي.
وما زال زرع الكبد هو العلاج الوحيد المتاح للمصابين بفشل الكبد، لكن هناك صعوبات كبيرة في الحصول على متبرعين، وعادة لا يتوفّر متبرع مناسب لإجراء عملية زرع الكبد، إذ لا يمكن نقل جزء من الكبد، بل ينبغي نقله بالكامل، في حين يملك الإنسان كبداً واحداً، ولا يستطيع العيش من دونه، ويقدَّر وجود أكثر من 10 آلاف مريض كبد في لائحة الانتظار للحصول على كبد لعملية الزراعة.
وتوجد تجارب متكررة لزراعة أعضاء معدَّلة وراثيّاً من الخنازير في أجساد البشر، ويعمل العلماء باجتهاد للوصول إلى مرحلة تفادي الرفض المناعيّ لدى البشر، أو تأخير رفض الجسم البشري لتلك الأعضاء إلى أطول فترة ممكنة، ريثما يتوفّر عضو مناسب لعملية الزراعة.
وحول استخدام أعضاء الخنازير علاجياً، يقول أستاذ جراحة القلب والصدر، عامر شيخوني، إن هذه ليست المرة الأولى التي تُستخدم فيها أعضاء خنزير لعلاج البشر، فمنذ الستينيات، يجري استخدام أجزاء من أجساد الخنازير في علاج بعض الأمراض. مضيفاً لـ"العربي الجديد": "نجح استخدام جلد الخنزير في تغطية المناطق التي تعرضت لحروق شديدة بمثابة ضماد حيوي مؤقت، كما استُخدمت صمامات قلب الخنزير لاستبدال صمامات القلب المريضة عند البشر بعد معالجتها لمنع أو تأخير رفضها مناعياً، وعرفنا خلال السنة الماضية محاولتَين لزرع كلية خنزير معدَّلة وراثيّاً لعلاج مريضَين مصابَين بالفشل الكلوي، ولا تزال التجارب مستمرة، كما جرت محاولات للحصول على خلايا من بعض أعضاء الخنزير، مثل الكبد والكلية، وتم العمل على تطويرها، ثم زراعتها لتكون بمثابة شرائح من الخلايا الحية للمساعدة في علاج فشل بعض الأعضاء عند البشر، خاصة الكلى".
وبخصوص تجربة زراعة كبد الخنزير، يوضح شيخوني: "لا تزال هذه التجربة الأولى، ونحتاج إلى تجارب أخرى إضافية، وإذا انتهت بالنجاح، ربما يصبح زرع كبد الخنزير المعدَّل وراثيّاً عملية جراحية رائجة تتيح لمئات المرضى فرصة تحسّن حالتهم المرَضية ريثما تتوفّر الكبد البشرية المناسبة، وربما أمكَن أيضاً استخدام شرائح أو صفائح من خلايا كبد الخنزير المعدَّل وراثيّاً في صنع كبد صناعية تمنح المرضى فرصة البقاء على قيد الحياة، أو تتيح لهم القدرة على الانتظار ريثما يتوفّر المتبرع بالكبد المناسبة لعملية الزرع".
وتدرس الهيئة الأميركية لمراقبة الأغذية والأدوية في الوقت الحالي فكرة السماح بإجراء عدد صغير من عمليات زرع الكبد أو القلب من خنزير معدَّل وراثيّاً إلى البشر، مثلما سمحت في السابق بإجراء عدد من عمليات زرع كلية منقولة من الخنزير إلى الإنسان.