يحلّ شهر رمضان هذا العام بينما تدفع المرأة الفلسطينية فاتورة باهظة الثمن جراء الحرب الإسرائيلية المتواصلة على غزة منذ أكثر من 5 أشهر، والتي أصابت نساء غزة في أولادهنّ وأزواجهنّ، وفي أنفسهنّ أحياناً أخرى.
وتقف نساء القطاع منهَكات أمام القتل والنزوح والاعتقال، ذلك الثالوث الذي لم يجدن مفراً منه، حيث استشهدت نحو 9 آلاف امرأة منذ بدء الحرب في 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، فيما بلغت نسبة الجرحى من النساء 75 بالمئة من الإجمالي، وشكلت النساء والأطفال ما نسبته 70 بالمئة من المفقودين، وفق تقرير صادر عن جهاز الإحصاء المركزي الفلسطيني.
نساء من غزة على وشك الانهيار
الفلسطينية فاطمة أبو عصر، النازحة من حيّ الشجاعية شرقيّ مدينة غزة إلى مستشفى شهداء الأقصى شرقيّ دير البلح وسط القطاع، تواجه ظروفًا معيشية صعبة للغاية، في ظل استمرار الحرب المدمرة.
وتعرضت أبو عصر وعائلتها لإطلاق نار من الجنود الإسرائيليين خلال رحلة النزوح الصعبة التي استمرت 5 أيام مشيًا على الأقدام عبر شارع الرشيد، بحثًا عن مأوى آمن ومناسب في المنطقة الوسطى.
وتقول أبو عصر: "نحن كفلسطينيات مرهقات جسديًا وروحيًا للغاية، ونحاول البقاء على قيد الحياة في ظروف صعبة لا يمكن تصورها"، مضيفة أن حالتها النفسية على وشك الانهيار، جراء اضطرارها إلى طلب المساعدة من الناس، بعد أن كانت قبل الحرب في وضع مختلف عن الوضع الحالي.
وتعاني أبو عصر من مشاكل صحية ونفسية صعبة، ولا تقوى على الحركة كالسابق، نظرًا لحاجتها إلى إجراء عمليات جراحية في المفاصل. وتستذكر حياتها قبل الحرب بالقول: "كنا في بحبوحة من العيش ونلهو مع أطفالنا، لكنني اليوم متعبة جدًا، وأريد العودة إلى منزلي في غزة".
نساء رهن الاعتقال في غزة
وترى إيمان أبو جلهوم، العاملة في مستشفى "كمال عدوان" شماليّ قطاع غزة، أن النساء الغزيات تحمّلن ظروف الحرب القاهرة وتداعياتها، مثنيةً على جميع النساء الفلسطينيات في غزة، مشيدةً بصبرهنّ وتحملهنّ لظروف الحياة الصعبة.
وأكدت أبو جلهوم أن رسالتها للعالم هي "رفع حق المرأة الفلسطينية وتعزيز شأنها وتقديم كامل الحقوق لها كي تحيا بسلام وأمان"، مشيرة إلى اعتقال قوات إسرائيلية نساء فلسطينيات في قطاع غزة، وتعذيبهنّ والتنكيل بهنّ.
وتساءلت باستهجان: "لماذا تُعتقَل المرأة؟ لماذا يُنتهَك حق المرأة الفلسطينية وتُذَلّ هنا؟ لماذا لا يعلو صوت العالم لتعزيز وتوفير الحقوق للمرأة الفلسطينية؟"، مطالبة بوقف الحرب الإسرائيلية المدمرة وإنقاذ قطاع غزة، وإغاثة السكان، وبالأخصّ المرأة الفلسطينية التي تعاني ويلات الحرب.
وختمت حديثها بالقول: "كم من امرأة بُترت ساقها! وكم من امرأة بُترت يدها! وكم من امرأة تعاني من شلل نصفي أو شلل كامل!".
في 12 يناير/ كانون الثاني الماضي، قال نادي الأسير الفلسطيني (غير حكومي) إن السلطات الإسرائيلية "أفرجت عن 8 أسيرات من قطاع غزة عبر حاجز (كرم أبو سالم)، إلى جانب الإفراج عن معتقلين آخرين من القطاع"، موضحاً أن جميع الأسيرات المفرج عنهن احتُجزن في سجن الدامون الإسرائيلي بمدينة حيفا شماليّ إسرائيل.
ولفت النادي إلى أنّ عدد أسيرات غزة في سجن الدامون وصل إلى أكثر من 50 أسيرة، أكبرهنّ تبلغ 82 عامًا، وأصغرهن 15 عامًا، مشيراً إلى أن "عدد أسيرات غزة أعلى من هذا العدد، إلا أنّ هذا هو المعطى الواضح في ما يتعلق بالأسيرات اللواتي احتُجزن في سجن الدامون، وذلك في ظل استمرار الاحتلال بتنفيذ جريمة الإخفاء القسري بحقّهم".
وكان جيش الاحتلال الإسرائيلي قد اعتقل مئات الفلسطينيين، بينهم نساء، خلال العملية البرية التي بدأها بقطاع غزة في 27 أكتوبر/ تشرين الأول 2023.
ومنذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، تشنّ إسرائيل حرباً مدمرة على قطاع غزة، خلّفت عشرات آلاف الضحايا معظمهم أطفال ونساء، إلى جانب كارثة إنسانية غير مسبوقة، ما أدى إلى مثول تل أبيب أمام محكمة العدل الدولية بتهمة "الإبادة الجماعية".
(الأناضول، العربي الجديد)