نساء لبنان في حاجة إلى الحماية

25 نوفمبر 2021
من التظاهرات المناهضة للعنف ضد المرأة في لبنان (باتريك باز/ فرانس بر
+ الخط -

"إحدى أهم أولوياتي كامرأة لبنانية هي أن تحصل عائلتي على الغذاء، وتأمين الدواء الخاص بي الذي أصبح ثمنه باهظاً"، "نسينا أنفسنا في هذه الأوضاع، وأصبحنا نتجاهل أولوياتنا كنساء لأننا محطّمات نفسياً ونعاني عدم الاستقرار"، "ينعكس سوء الأوضاع الاقتصادية سلبياً داخل عائلتي بعدما زادت حدة العنف الذي أتعرض له أنا وأطفالي. أصبحنا نعاني جدياً صعوبة في تأمين الحاجات الأساسية لأطفالنا كالحليب أو الملبس، ما يسبب لنا شعوراً بالتوتر والضغط النفسي الدائم ويؤدي في بعض الأحيان إلى عنف متواصل".
هذه عينة من مقولات بعض النساء في لبنان اللواتي شاركن في دراسة محلية حول "أولويات الفتيات والنساء في لبنان اليوم ومدى شعورهن بالحاجة إلى الحماية" أعدتها منظمة "أبعاد". وشملت الدراسة 1800 امرأة من مختلف المناطق اللبنانية والفئات الاجتماعية وتم الاتصال بهن عبر الهاتف، وتراوحت أعمارهن بين 18 و55 عاماً. ولم تقتصر الدراسة على النساء اللبنانيات بل شملت السوريات والفلسطينيات اللواتي يعشن في لبنان (1200 امرأة لبنانية، 400 امرأة سورية، و400 امراة فلسطينية).
وترى نساء لبنان، وفق الدراسة، أن الحماية أولوية، فيما تؤكد 94.7 في المائة منهن أنهن بحاجة إلى الحماية خارج المنزل. وتعتبر 3 نساء من أصل خمس أن المشاكل الاقتصادية هي أبرز التحديات التي يواجهنها. وتشكّل التحديات الاقتصادية، وفق الدراسة، أبرز التحديات التي تواجهها النساء في لبنان، تليها التحديات الاجتماعية ثم النفسية. وتندرج الحماية في المرتبة الثانية بين أولويات الفتيات والنساء في لبنان فيما يحتل تأمين الغذاء والدخل المادي المرتبة الأولى. 
من جهة أخرى، تبيّن الدراسة إنخفاض نسبة التبليغ عن التعرض للعنف المنزلي أو اللفظي (أكثر أنواع العنف الذي تتعرض له النساء في لبنان) أو غيره لأسباب عدة، وهي انعدام الثقة بالتعامل بجدية من قبل المعنيين أو تحقيق نتيجة مرجوة، الخوف من رفض المجتمع، الخوف من ردة فعل الجاني، قلة المعرفة بالجهات المعنية بالمساعدة، الاستسلام للأمر الواقع، أو اعتبار أن الأمر ليس أولوية بسبب الأوضاع الصعبة التي يمر بها لبنان. على سبيل المثال، تشير أرقام الدراسة إلى أن تسع نساء من أصل عشر لم يبلغن عن العنف الذي تعرضن له، وأن امراة واحدة فقط من أصل عشر لجأت إلى الجهات الأمنية أو القضائية للتبليغ عن العنف.

صحة
التحديثات الحية

وتشمل الدراسة إحصائيات قوى الأمن الداخلي المرتبطة باتصالات شكاوى العنف الأسري الواردة إلى الخط الساخن 1745 في الفترة الزمنية الممتدة ما بين الأول من يناير/ كانون الثاني 2021 والتاسع من نوفمبر/ تشرين الثاني 2021. وبلغت عدد شكاوى العنف الأسري 1184، منها 1056 للتبليغ عن العنف الجسدي. وتقوم المرأة المعنفة بالتبليغ أو يقوم أحد أفراد الأسرة أو الجيران بذلك.
في هذا السياق، تؤكد مؤسسة ومديرة منظمة "أبعاد" غيدا عناني في حديثها لـ "العربي الجديد"، أن عينة الدراسة تمثيلية لكافة النساء المقيمات في لبنان، وأن الأزمات الاجتماعية والاقتصادية التي يمرّ بها لبنان انعكست بشكل كبير على أولويات الفتيات والنساء إذ لم يعدن يشعرن بالحماية داخل المنزل وخارجه، وأن الدولة اللبنانية تتجاهل واقع النساء والأطفال والمشاكل التي يواجهونها.  
تضيف عناني أن إقرار نسبة 94 في المائة من المشاركات في الدراسة بحاجتهن إلى الحماية خارج المنزل أمر خطير في ظل ارتفاع نسب العنف، وفقدان الشعور بالأمان. على سبيل المثال، تفتقد النساء الشعور بالأمان في الشوارع المظلمة غير المضاءة في لبنان، كما تجاهد المرأة، في الوقت الحالي، لتأمين معيشة أطفالها ودعم عائلتها ما يجعلها تهمل صحتها أو واقعها في ظل أولويات معيشية صعبة. 
من جهة أخرى، تكشف الدراسة نقصاً في مدى معرفة النساء في لبنان بجهات الحماية أو الأطر القانونية أو تقديمات المنظمات المعنية بحقوق المرأة وحمايتها.

وتعرف نسبة 17.7 في المائة فقط من النساء اللواتي شاركن في الدراسة بالخط الساخن 1745 التابع لقوى الأمن الداخلي، ونسبة 51.8 في المائة في الإطار القانون اللبناني الذي يجرم العنف المنزلي من دون أن تدرك نسبة 51.9 في المائة من عينة الدراسة أن منظمات حقوق المرأة في لبنان لديها تقديمات وخدمات مراكز إيواء آمنة وخطوط ساخنة لحماية الفتيات والنساء من العنف. 
وفي ظل هذه الوقائع والمعطيات، تطلق منظمة "أبعاد" اليوم حملة وطنية بعنوان "#دايماً_وقتها" خلال حملة الـ16 يوما العالمية التي تهدف إلى إنهاء العنف ضد النساء والفتيات. وترتكز الحملة على نشر نتائج الدراسة الوطنية حول واقع الفتيات والنساء في لبنان على منصات التواصل الاجتماعي لإبراز مدى حاجة النساء في لبنان للحماية والمساعدة، وعلى التواصل المباشر مع الفتيات والنساء في مختلف الأراضي اللبنانية بغية التعريف بخدمات "أبعاد" في مناصرة المرأة وتأمين الحماية لها بشكل آمن. وتهدف الحملة إلى توفير الاهتمام المطلوب لهذه القضية في ظل الأزمات المتتالية، وتشجيع الفتيات والنساء على الاتصال والتبليغ في حال التعرض للعنف وطلب المساعدة.