نظّمت إحدى المؤسسات الإنسانية العاملة في الشمال السوري الخارج عن سيطرة قوات النظام، نشاطاً كروياً للمكفوفين، وذلك بمناسبة اليوم العالمي لذوي الاحتياجات الخاصة، الذي يصادف الثالث من شهر ديسمبر/ كانون الأول، وتمّ اعتماده من قبل الجمعية العامة للأمم المتحدة، لتعزيز حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة وتمكينهم من المشاركة في تنمية مجتمعاتهم.
وشارك في النشاط الذي نظّمه مركز "مكاني" المجتمعي في مدينة إدلب، شمال غربي البلاد، 24 لاعباً من فاقدي البصر، وحارسان مبتورا الأيدي، بعد تدريب من قبل المختصين استمرّ لمدة ثلاثة أشهر.
يقول محمد جبرة وهو أحد منظمي النشاط لـ"العربي الجديد": واجهتنا العديد من الصعوبات منها نقل المكفوفين خلال فترة التدريبات لاختلاف أماكن إقامتهم، ولم نستطع تأمين كرات خاصة تحوي جرساً، فلجأنا إلى صناعتها يدوياً، وهذا أخذ وقتاً إضافياً.
ويضيف أن اللاعبين كانوا يشعرون بالإحباط في البداية، لأنهم لم يكونوا قادرين على لعب الكرة، فركّزنا على العامل النفسي وبدأ التحسن لديهم، وواجهنا صعوبات تتمحور حول أن كرة القدم مبنية على المشاركة والتشاركية.
وبدوره يقول عبد القادر أحد المشاركين باللعبة لـ"العربي الجديد": في بداية التمرين لم أكن أعرف أي شيء عن هذه اللعبة، ولم يخطر ببالي أنني سأشارك في لعبة كرة القدم، ولكن بجهود المدربين تحدينا الصعوبات، وتعرفنا على مصطلحات اللعبة وجميع حركاتها.
ويعاني ذوو الاحتياجات الخاصة في إدلب من ضعف الرعاية الصحية، ونقص مراكز العلاج والأطباء المتخصصين، إلى جانب انعدام أبسط الخدمات اليومية وتردي أحوالهم المعيشية وصعوبة المشاركة في أسواق العمل.
الشاب عبد الحميد الديوب (29 عاماً) من مدينة أريحا، فقد القدرة على المشي، ويحتاج لمبلغ 1000 دولار أميركي للحصول على طرف صناعي سفلي، ويستعين بعكازين في الحركة والتنقل بعد أن فقد ساقه اليمنى بشظية قذيفة منذ سنتين، وأكثر ما يؤلمه أن يجد نفسه مختلفاً، إلى جانب نظرة الشفقة في عيون الآخرين، يقول لـ "العربي الجديد" كنت في طريق عودتي من العمل حين سقطت قذيفة هاون في الشارع، وتسببت بمقتل شخص، فيما فقدت قدمي، وفقدت معها كل أمل لي في هذه الحياة".
ويؤكد أنه حصل منذ ستة أشهر على طرف صناعي محلي الصنع ومنخفض الجودة من جمعية خيرية، لكنه لم يساعده على المشي والحركة، ولم يتلاءم مع حالة البتر.
أما جمال الحميدي (35 عاماً) نازح من مدينة معرة النعمان بريف إدلب الجنوبي إلى مخيم في بلدة كللي شمالي إدلب، مصاب بشظية قذيفة في ظهره عام 2018، أفقدته القدرة على المشي، وجعلته يستخدم كرسياً متحركاً في التنقل، فيقول لـ "العربي الجديد" أكثر ما يسبب لي الحزن هو عدم قدرتي على إعالة أسرتي المكونة من سبعة أفراد، ما دفع أولادي لترك مدارسهم والتوجه نحو العمل رغم صغر سنهم لتأمين مصروفنا اليومي.
تقول سميحة الفيلوني مرشدة نفسية وموظفة في مركز لرعاية ذوي الاحتياجات الخاصة لـ"العربي الجديد" يعاني ذوو الاحتياجات الخاصة في إدلب من وضع مأساوي، بسبب التهميش، وغياب الرعاية الطبية والنفسية والتعليمية، في وقت هم بأمس الحاجة لمن يهتم بهم، ويساعدهم على التحرر من أثقال احتياجاتهم التي تحد من قدراتهم، وتطمس إمكاناتهم".
وتشير إلى أن الإعاقة تجعل صاحبها مع حاجته للعون الخارجي يشعر بالخيبة والإحباط والدونية، كما يعاني من الضغوطات النفسية التي تتمثل بالاكتئاب والقلق وفقدان الثقة بالنفس.
وتنصح بضرورة تقديم برامج إرشاد ودعم نفسي للأشخاص ذوي الاعاقة، والعمل على توفير فرص عمل وتنمية المهارات الحرفية لديهم وتطويرها، وتحويلها إلى مرحلة الإنتاج، ودمج هذه الفئة بالمجتمع، وإنشاء منصة تمثلهم رسمياً وتوصل صوتهم ليستطيعوا من خلالها متابعة احتياجاتهم، والوصول لحقوقهم ."
ويقدّر عدد ذوي الاحتياجات الخاصة في مناطق شمال غربي سورية بنحو 200 ألف شخص، وفقاً لإحصائية التركيبة السكانية التي أجراها فريق "منسقو استجابة سورية" نهاية عام 2020.