هذا تأثير السدود والبحيرات والبرك الاصطناعية على الحيوانات والطيور

19 ابريل 2022
تمثّل هذه البركة استراحة لطيور مائية مهاجرة مثل البلاشين (جوزيف عيد/ فرانس برس)
+ الخط -

لا بحيرات طبيعية واسعة النطاق في لبنان، لكنّ ثمّة ستّ بحيرات اصطناعية، أكبرها بحيرة القرعون (شرق) التي تمتدّ على مساحة 852 كيلومتراً مربّعاً وتشكّل 65.3 في المائة من مساحة البحيرات، وهي تتّسع لـ225 مليون متر مكعّب من المياه أو ما يشكّل 93.2 في المائة من مجموع مياه البحيرات.
وثمّة 2750 بحيرة وبركة اصطناعية هضبية بحسب ما جاء في خرائط المجلس الوطني للبحوث العلمية، تمّ تعدادها من خلال الكشف الميداني. وتبلغ مساحة بحيرات الهضاب مجتمعة نحو 4.25 كيلومترات مربّعة بسعة تخزين تبلغ 3.1 ملايين متر مكعّب. ومن المثير للاهتمام أنّ بحيرات الهضاب تمثل 33 في المائة من مساحة بحيرات لبنان، لكنّها لا تمثل إلا 5.4 في المائة من سعة تخزينها.
والبحيرات التي تنتشر على مساحة لبنان، تُضاف إليها المستنقعات في عمّيق وعنجر وكفرزبد وعيون أرغش والمناطق الرطبة مثل محمية جزر النخل وشاطئ صور ورأس الشقعة وغيرها. وهذه المساحات مجتمعة توفّر ملاذاً أو استراحة لمئات آلاف الطيور المائية المهاجرة مثل البجع والبلاشين والدريجات والبط وغيرها، خصوصاً بحيرات الهضاب التي لا تنتهي بسدود، كالبرك الكبيرة التي تتكون بين التلال وتستمدّ مياهها من الثلوج الذائبة ومن مياه الأمطار وروافد بعض الأنهر، شريطة أن تكون جوانبها أو ضفافها غير شديدة الانحدار كي لا يقع فيها ثعلب أو نمس أو ابن آوى أو ماعز أو شيهم أبو شوك وغيرها، وشريطة أن تتوفّر تهوية لقاعها بهدف منع نموّ أو انفلاش البكتيريا السامة التي تقتل الحيوان والطير والسمك. كذلك يُفضَّل توفّر حجارة على ضفافها لمنع الحيوانات من الانزلاق إلى البرك، وأن تتوفّر جزر صغيرة عائمة تلجأ إليها حيوانات عدّة قبل أن تغرق أو تعشّش فيها الطيور بعيداً عن خطر الإنسان.
أمّا البحيرات التي تنتهي بسدود على الأنهر فخطرها يكمن في منع التواصل ما بين الحيوانات والطيور والأسماك التي تقطن مياه ما قبل السدّ وتلك التي تقطن مياه ما بعد السدّ. هذه الحيوانات مثل ثعلب الماء تحتاج إلى التوجّه صعوداً نحو مصادر المياه في الصيف وكذلك يفعل شحرور الماء وهو طائر يبحث عن طعامه سابحاً في قاع الأنهر الجارية، فيما تتوجّه أنواع الأسماك من البحر إلى الأنهر لتبيض فيها وتتوجّه أعداد أخرى من الأسماك إلى البحر ليبيض فيها. فإذا قطع النهر في السدّ، فإنّ هذه الدورة الحياتية سوف تتوقّف وتنقرض معها الأنواع المهاجرة في الأنهر صعوداً ونزولاً.

موقف
التحديثات الحية

وبما أنّ لبنان هو من الأطراف التي وقّعت اتفاقية التنوع البيولوجي وملزمة بالحفاظ على هذا التنوّع وإكثاره وحماية الأنواع المهدّدة بالانقراض، فإنّه يتوجّب عليه وضع الحلول للمشكلات التي تسبّبها السدود. فيقوم مثلاً بفتح سواقٍ جانبية تصل الجزء الأعلى من النهر بالجزء الأسفل منه عند طرفَي السدّ وتسمح للأسماك والطيور والحيوانات بالتنقّل مثلما كانت تفعل قبل إقامة السدّ وتؤدّي واجبها أو دورها في خدمة الأجهزة البيئية النهرية.
أمّا في البحيرات التي تحدّها السدود، فيجب التفكير دوماً بإزالة المواد العضوية قبل غمرها بالمياه حتى لا تتحوّل إلى ترسّبات عضوية قاتلة وتستهلك الأوكسجين في المياه. وحتى لو تحوّلت المواد العضوية المغمورة أو تلك التي يأتي بها النهر إلى ترسّبات، فيجب فتح بعض أبواب السدّ لتسريب بعض الترسّبات إلى الجزء السفلي من النهر، وكذلك لا بدّ من تهوية قاع البحيرة من وقت إلى آخر حفاظاً على جودة المياه وصلاحيتها، إمّا للشرب وإمّا للزراعة، ويتمّ ذلك عبر ضخّ الهواء إلى قاع البحيرة من خلال ثقوب في أنبوب كبير.
وفي ما يتعلّق بالبرك التي تكون في العادة أصغر وكلفتها أقل وتخدم أصحابها في المجتمعات المحلية، فإنّ الشروط تقضي بألا يتعدّى عمقها ستة أمتار أو يتعدّى مخزونها 30 إلى 50 ألف متر مكعّب، ذلك لأنّ التربة لا تحتمل وزناً أكبر قد يفجّر البركة إذا تحركت التربة غير الثابتة. والقانون يمنع إقامة برك على التربة غير الثابتة، لكنّ كثيرين من أصحاب الأراضي الخاصة يقيمون بركهم على نوعية غير مناسبة من التربة، فتنتهي بالتسبّب في أضرار على الأهالي والبنى التحتية. يُذكر أنّ من المفترض أن تُغطّى كلّ بركة بغشاء من البلاستك مثل الغشاء الأرضي (الاصطناعي) القوي الذي يمنع التسرّب، وإن لم يفعل ذلك صاحب البركة فإنّها سوف تنفجر بسبب تسرّب المياه إلى التربة التي تتشقّق بعدها في موسم الجفاف. وعندما يعود المطر، تمتصّه التربة العطشى التي تتمدّد ثمّ تهدّد الخزان أو البركة.
(متخصص في علم الطيور البرية)