كل ما تتمناه عائلة الأسير الفلسطيني، ناصر أبو حميد (49 عاماً)، المريض بالسرطان والذي دخل بغيبوبة بسبب وضعه الصحي، أن يعالج وهو حر طليق في أحد المستشفيات الفلسطينية أو الأردنية أو المصرية، وأن تكون والدته الحاجة لطيفة أبو حميد بجانبه إن وافته المنيّة في أثناء العلاج.
ولا يزال التفاعل متواصلاً في الشارع الفلسطيني مع ناصر الذي يأخذ اهتماماً خاصاً، لما كان له من دور في تأسيس "كتائب شهداء الأقصى"، الذراع العسكرية لحركة "فتح" في انتفاضة الأقصى الثانية عام 2000، وأسس ما عُرف بمجموعات الأسد المقنع، لكنه اليوم يقبع في مستشفى برزلاي الإسرائيلي، غائباً عن الوعي، وعلى أجهزة التنفس الاصطناعي بسبب تطورات مرض السرطان، وما تؤكده عائلته من الإهمال الطبي.
من دوار المنارة وسط رام الله، وسط الضفة الغربية، خرجت مسيرة مطالبة بالإفراج عن أبو حميد، حيث استجاب المشاركون لدعوة من حركة "فتح" لنصرة أبو حميد، وحملوا صوره.
يقول ناجي، شقيق ناصر أبو حميد، لـ"العربي الجديد": "إن الأخبار الواردة من المستشفى سيئة للغاية"، مؤكداً وجود طلب مقدم من السلطة الفلسطينية لإطلاق سراحه، وتابع: "المقصود أن يُنقَل إلى مستشفى فلسطيني أو أردني أو مصري، لا يهم أين، المهم أن يلقى العلاج اللائق، وإذا قُدِّر له الموت أن تكون والدتي بقربه".
وأضاف أبو حميد، مطالباً باستمرار الحراك الشعبي مع شقيقه: "إذا ما أريد لتلك الاتصالات أن تنجح، فنجاحه مرهون بنبض الشارع الفلسطيني، الهبّة الجماهيرية في فلسطين من رفح إلى جنين هبّة مشرفة، وإذا ما استمرت ستشكل عامل ضغط مهم جداً لكي يرضخ الاحتلال ويستجيب لمطلبنا".
وعن وضعه الصحي، يؤكد ناجي ما يقوله الأطباء عن أن شقيقه ناصر أصيب أخيراً بتلوث جرثومي أدى إلى التهاب حاد وخطر جداً في الكبد، ودخل فيما بعد بغيبوبة، وسبّب الأمر تكسّراً لديه في كريات الدم البيضاء، ما يعني ضعفاً كبيراً في المناعة، وما يفتح الاحتمالات على الأسوأ، وهو الوفاة، ويؤكد ناجي أن العائلة لا تخاف إلا من أن يموت ناصر غريباً داخل المستشفى وعائلته، وخاصة أنّ والدته ليست بجانبه.
وكانت والدة ناصر وشقيقه باسل قد زاراه أمس الجمعة، في المستشفى لمدة قصيرة بعد أن أصدرت سلطات الاحتلال تصاريح لزيارته، وقال شقيقه باسل لـ"العربي الجديد" عن تلك الزيارة: "أنا متأكد أن هذه التصاريح كانت محاولة لإظهار إسرائيل أنها جهة قانونية تلتزم حقوق الإنسان وتسمح للعائلات بزيارة الأسرى، ورسالتنا أن ناصر بحاجة للوقوف معه في كل المحافظات، ومع كل الأسرى المرضى، فهو جزء من كوكبة من الأسرى المرضى الذين تجب المطالبة بالتسريع بعلاجهم وإخراجهم من السجون".
وتابع باسل، حول ظروف الزيارة: فوجئنا بوجود قوات معززة من مصلحة السجون، ليتحول المستشفى إلى ثكنة عسكرية، وبعد مماطلة لأكثر من ساعتين بحجة أنه غير موجود، وبعد تدخل من الصليب الأحمر دخلت والدة ناصر إلى الغرفة بعد تفتيش دقيق، مع فرض وجود مسافة بينهما وبين ناصر المغطى بالأجهزة الذي بالكاد تتضح معالم وجهه".
من جانبه، قال الأسير المحرر خضر عدنان لـ"العربي الجديد": "وقفتنا اليوم هي قبل أن نقول استشهد أبو حميد ولم نفعل لتحريره وحريته شيئاً، ودعوة للمقاومة الفلسطينية بأن تقول للخالدة أم ناصر أبو حميد إنّ أبناءك الخمسة المحكومون بالمؤبدات هم الأولى بالتحرير، كما قالت لأبطال النفق الستة، أن يكون هناك ميثاق شرف فلسطيني لتحرير الأسرى المرضى أولاً".
وحول إبقاء أبو حميد وغيره من الأسرى المرضى قيد الاعتقال، قال عدنان: "إنّ الاحتلال يحاول إهانة الفلسطينيين وإهانة المقاومة بإعدام أبو حميد"، مؤكداً أن ما يحصل إعدام، وليس إهمالاً طبياً، متسائلاً عمّن أدخل الجرثومة المميتة إلى جسد أبو حميد في المستشفيات الأكثر تحصيناً.
ووجه عدنان رسالة إلى كل المؤسسات الدولية والحقوقية بالقول: "إنّ كل من يصمت عن جرح ناصر أبو حميد شريك في قتله، من منظمات دولية وأمم متحدة واتحاد أوروبي، عليهم أن يرفعوا الصوت، فالأخ ناصر فقد أهليته ولا يستطيع أن ينفع نفسه أو يضرّ غيره، وهو ليس مضراً لأحد، لكن الاحتلال يهيننا ويجثم على صدرنا للإبقاء عليه رغم كل هذا الظرف الصحي".
في الأثناء، تواصلت الفعاليات المساندة في عدة مناطق من الضفة للمطالبة بالإفراج عن أبو حميد وتوفير ما يلزم له من علاج، حيث نظمت مسيرات لمساندته في مخيم الجلزون، شماليّ رام الله، وفي مدينة نابلس وجنين.