كشفت منظمة "هيومن رايتس ووتش"، اليوم الخميس، أن حرس الحدود التركي يعذّب ويطلق النار عشوائياً على طالبي اللجوء والمهاجرين السوريين الذين يحاولون العبور إلى تركيا، داعية أنقرة إلى فتح تحقيق ومحاسبة المتورطين في هذه الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان.
وقالت المنظمة في تقريرها إنّ "حرس الحدود التركي يُطلق النار عشوائيا على المدنيين السوريين على الحدود مع سورية، ويُعذّب ويستخدم القوّة المفرطة ضدّ طالبي اللجوء والمهاجرين الذين يحاولون العبور إلى تركيا".
حرس الحدود التركي يُعذّب ويقتل السوريين https://t.co/SlaS7nMCn6
— هيومن رايتس ووتش (@hrw_ar) April 27, 2023
وأضافت: "ينبغي على الحكومة التركيّة فتح تحقيق ومحاسبة حرس الحدود المتورط في هذه الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، بما في ذلك عمليات القتل غير القانونية، ووضع حدّ للإفلات من العقاب عن هذه الانتهاكات القائم منذ فترة طويلة".
ووفقاً للمصدر نفسه، ففي 11 مارس/آذار، ضرب حرس الحدود التركي بوحشية مجموعة من ثمانية سوريين وعذّبهم أثناء محاولتهم العبور بطريقة غير قانونية إلى تركيا. توفي رجل وصبي في الحجز التركي، بينما أصيب الآخرون إصابات خطيرة. يخضع ستة حرّاس للتحقيق من قبل السلطات التركية بسبب دورهم المزعوم في هذا الهجوم.
وفي 13 مارس/آذار، أطلق عنصر من حرس الحدود النار، فقتل رجلا سوريا (59 عاما) بينما كان يحرث أرضه في منطقة متاخمة للحدود. لم تتوفر أي معلومات عن فتح تحقيق في عملية القتل هذه. راسلت هيومن رايتس ووتش وزراء العدل والداخلية والدفاع في تركيا في 20 إبريل/نيسان 2023، لطلب الحصول على مستجدات بخصوص الحادثتين.
وقال مدير أوروبا وآسيا الوسطى لدى المنظمة هيو ويليامسون، إن "عناصر الدرك والقوات المسلحة التركية المسؤولين عن مراقبة الحدود يعتدون روتينيا على السوريين ويُطلقون النار عشوائيا عليهم على طول الحدود السورية التركية، ما أدى إلى سقوط مئات القتلى والمصابين في السنوات الأخيرة". وأضاف: "عمليّات القتل التعسفي للسوريين هي الأكثر فظاعة، وهي جزء من نمط وحشي ينتهجه حرس الحدود التركي دون أن تتصدّى له الحكومة أو تحقق فيه بشكل فعّال".
منذ مطلع 2023، سجّل "المرصد السوري لحقوق الإنسان" 11 وفاة و20 إصابة على الحدود السورية التركية على يد حرس الحدود التركي. وثّقت المنظمة بشكل مستقلّ حادثتين من تلك الحوادث وتحققت منهما.
وقالت "هيومن رايتس ووتش"، إنها حصلت في أوائل مارس/آذار 2023 على بيانات غير شاملة من منظمة تراقب الأعمال العدائية في سورية والتي وثقت 277 حادثة فردية بين أكتوبر/تشرين الأول 2015 وإبريل/نيسان 2023. سجّل المراقبون ما لا يقلّ عن 234 وفاة و231 إصابة، وقعت الغالبيّة العظمى منها بينما كان الضحايا يحاولون عبور الحدود. شملت 26 حادثة أطفالا، حيث قُتل ما لا يقل عن 20 طفلا وأصيب 15 آخرون. من المُلفِت أنّ ستّة أشخاص على الأقل قتلوا وستة آخرين أصيبوا ولم يكونوا يحاولون عبور الحدود. طلبت المنظمة عدم ذكر اسمها، خشية أن يتأثر عملها الإنساني سلبيا على يد السلطات التركية.
ومنذ اندلاع النزاع في سورية قبل 12 عاماً، تدفّق السوريون إلى تركيا، حيث يعيش قرابة 3,5 ملايين منهم حالياً، ويستفيد كثر منهم من خدمات أساسية وحماية قانونية.
إلا أنّ "الاستضافة السخيّة لأعداد كبيرة من السوريين لا تُعفي تركيا من التزاماتها باحترام حقوق الساعين إلى الحماية على حدودها"، وفقاً للمنظمة.
وأضافت: "رغم أنّه يحقّ لتركيا تأمين حدودها مع سورية، إلا أنّه يتعيّن عليها فعل ذلك بما يتماشى مع القانون الدولي، لا سيما التزاماتها في مجال حقوق الإنسان، بما في ذلك احترام الحق في الحياة والحرمة الجسديّة، والحظر المطلق للتعذيب أو المعاملة اللاإنسانية أو المهينة".
ودعت المنظمة السلطات التركية إلى أن "تُصدر بشكل عاجل تعليمات موحّدة لحرس الحدود كله تُشدّد فيها على أنّ الأسلحة النارية تُستخدم فقط عند الضرورة القصوى وكملاذ أخير للردّ على تهديد للحياة". كما طالبتها بـ"إجراء مراجعة شاملة بشكل عاجل لسياساتها الأمنية على الحدود".
وقال ويليامسون: "العنف الذي يمارسه حرس الحدود التركي ضدّ السوريين على طول الحدود هو مشكلة قديمة لم تُعالج بمعظمها بعد. ينبغي على الحكومة التركيّة اتخاذ إجراءات عاجلة وفعالة لوضع حدّ لعمليات القتل والتعذيب غير القانونية بحق طالبي اللجوء والمهاجرين على حدودها، وتحقيق العدالة عن انتهاكات الماضي".