تلجأ أمهات في إدلب، شمال غربي سورية، إلى استعمال مواد غير مرخصة طبياً وتُهدّد الصحة العامة كـالمبيدات الحشرية، بهدف علاج القمل لدى أبنائهن ومنع عدوى انتقاله، الأمر الذي يسبب مضاعفات غير محسوبة وعواقب قد تسبب الوفاة في حال تأخر التدخل الطبي.
وقمل الرأس مشكلة شائعة بين الأطفال، ويزيد انتشاره من خلال المخالطة أو مشاركة المتعلقات والأغراض الشخصية، غير أن علاجه بطرق عشوائية قد يعرض حياة الشخص للخطر الذي قد يصل إلى فقدان الحياة.
وأمس الخميس، سُجّلت حادثة لطفلة تبلغ من العمر عامين ونصف دخلت مستشفى العيس بمدينة الدانا بحالة إسعافية، وفق ما قالت الإعلامية يافا نواف التي كانت موجودة في المستشفى لـ"العربي الجديد"، موضحة أن الطفلة تعرضت لتوقف في عضلة القلب وكانت غير قادرة على التنفس، والسبب أن والدتها استخدمت مبيداً حشرياً لعلاج مشكلة قمل شعرها، الأمر الذي تسبب بوصولها إلى هذه الحالة، التي تدخل فيها الطبيب عبد القادر طعان، اختصاصي أمراض الأطفال، لإنقاذها، مضيفة أن الطفلة غادرت المستشفى اليوم بحالة جيدة.
وأوضحت نواف: "داخل المدارس، وخاصة في فصل الشتاء، يتعرض الأطفال للإصابة بعدوى القمل، وخاصة ضمن المخيمات، وليس للأمر علاقة بقلة النظافة الشخصية أو غياب الاهتمام، إنما بسبب قلة المياه وفي بعض الأحيان استخدام مياه ملوثة، ما يسهم في انتشار العدوى بين الطلاب، فتبدأ الأمهات بالبحث عن أسرع الطرق للتخلص من القمل".
وتابعت: "بعض المدارس تمنع دخول الطلاب المصابين بالقمل، وحتى لا يستبعد الطفل من المدرسة لمدة طويلة، تلجأ الأم لأسرع طريقة حتى وإن كانت غير آمنة عبر مواد خطيرة كالمبيدات الحشرية، وللأسف، هناك شامبو للتخلص من القمل لكنه من دون فعالية حسب آراء مجربيه".
وأضافت المتحدثة: "تستخدم بعض الأمهات مسحوق غسيل أو زيت القطن، وقطرات من مبيدات حشرية على فروة شعر أطفالهن للقضاء على حشرة القمل، والسبب إما لقلة الوعي أو لعدم وجود بدائل فعالة وبتكلفة مناسبة"، مشيرة إلى أهمية تنظيم حملات توعية بهذا الشأن في المدارس والمؤسسات التعليمية.
بدوره، قال الطبيب حسام قرة محمد، معاون مدير صحة إدلب، في حديث لـ"العربي الجديد"، إنّ "ما وقع للطفلة مأساوي ومؤلم، فقد دخلت في حالة قصور تنفسي حاد، وأصبحت بحاجة إلى جهاز تنفس اصطناعي، وهذا كله بسبب التثبيط الذي حدث للجهاز العصبي المركزي جراء المبيد الحشري، وهذه المبيدات أنواعها كثيرة".
وأضاف: "قديماً كان هناك استخدام لها في مقاومة الجرب والحشرات الصغيرة لمربي الأغنام، لكنها انقرضت تماماً".
وأردف: "إن الاستشارات الجلدية مهمة في بعض الحالات، وهناك أدوية حديثة وآمنة، ولهذا يجب توخي الحيطة والحذر، لأن الاستعمالات العشوائية لبعض المواد قد تنتهي بكارثة، خاصة لدى الصغار، يجب على الأمهات الابتعاد عن وسواس النظافة، والتعامل مع مشكلة القمل من دون مبالغة".
ويساهم نقص كميات المياه في المخيمات في انتشار الأمراض الجلدية وعدوى القمل. وقالت فاطمة العروب، المقيمة في تجمع للمخيمات قرب مدينة الدانا، لـ"العربي الجديد"، إنّ "هناك نوعاً من المبيدات الحشرية على شكل بودرة تستخدمه بعض الأمهات لمكافحة القمل"، مضيفة: "سمعنا بقصة الطفلة، وهي مخيفة، أحاول الالتزام بنظافة أطفالي بالوسائل المتاحة، هناك بعض الأدوية في الصيدلية تكون مجدية، أو وصفات طبيعية نلجأ لاستخدامها في بعض الأحيان، لكن المبيد الحشري مخيف صراحة".