يؤكد رئيس الاتحاد العربي للعمل التطوعي، يوسف الكاظم، أنّ الاتحاد الذي تأسس قبل 20 عاماً، مبادرة قطرية خالصة، ويضم 19 دولة، كما يحظى بدعم كبير من جامعة الدول العربية، لكنه لا يعمل تحت مظلتها، مشيراً في مقابلة مع "العربي الجديد" إلى أن الاتحاد بدأ العمل مع الأمم المتحدة منذ عام 2010.
* حدثنا عن فكرة تأسيس الاتحاد العربي للعمل التطوعي، وأهدافه وتمويله؟
تأسس الاتحاد العربي للعمل التطوعي في 3 ديسمبر/ كانون الأول 2003، واليوم العالمي للتطوع موعده في 5 ديسمبر من كل عام، ومقر الاتحاد في الدوحة، ويعتمد الاتحاد في ميزانيته على التمويل من دولة قطر، ويكاد يكون الوحيد من نوعه الذي لا يفرض اشتراكات مالية على الجمعيات والمراكز الأعضاء. انطلقت الفكرة عندما أرسلنا إلى جامعة الدول العربية طلب دعوة للمهتمين بالعمل التطوعي، واستجابت الأمانة العامة، وأرسلت تعميماً إلى الدول الأعضاء، فردت دول عربية عدة بالإيجاب، لتشارك في التأسيس 16 دولة، وفي مطلع 2014، بدأ الاتحاد وضع النظام الداخلي الذي استغرق إنجازه نحو ثلاث سنوات، وكانت مدة طويلة نظراً لامتداد المساحة الجغرافية العربية، وما يناسب دولة يكون محل خلاف في قوانين دولة أخرى.
نجح الاتحاد في تكييف النظام الأساسي حتى يتوافق مع كل الدول، وخلال السنوات الثلاث التي أعقبت إنجاز النظام، كان التركيز كبيراً على كيفية نشر ثقافة العمل التطوعي، فأجرينا زيارات إلى العديد من الدول العربية لتعزيز دور العمل التطوعي. استجاب المسؤولون العرب للفكرة، واقترحنا على كل جمعية أو مركز أو منظمة ستنضم إلينا أن تضمّن اسمها كلمة "التطوع"، على غرار مركز السودان للعمل التطوعي، وجمعية لبنان للعمل التطوعي، وعقدت دورات لتدريب القيادات، كما أقيمت معسكرات عمل للشباب، وبداية من عام 2010، أقام الاتحاد عدة مراكز تدريب، أحدها لمنطقة آسيا، وآخر لأفريقيا، كما دشن أكاديمية، ونظم عدداً من الدورات، وقام بتسيير قافلة طبية بمشاركة أطباء من عدد كبير من الدول، توجهت إلى لبنان، وإلى مصر، والسودان، والمغرب، وقامت بتقديم العلاج للمرضى، وتدريب الكوادر من الصيادلة والأطباء والممرضين وفنيي المختبرات.
بعد 2014، بات عدد أعضاء الاتحاد 19 دولة، ولعب دوراً كبيراً في نشر ثقافة التطوع عربياً، وبدأ ضم جمعيات ومنظمات جديدة، ولا تُقبل أي جمعية إلا بشروط ومعايير وضعها الاتحاد، ومن خلال مراكز التدريب، أصبحنا نمنح رخصة اسمها "الرخصة الدولية للعمل التطوعي"، وتعتبر من أقوى المناهج المتبعة في مراكز التدريب، وأقام الاتحاد عشرات الدورات التدريبية في السودان، والسعودية، والمغرب، ولبنان، ومصر، والكويت، والإمارات، والبحرين، والأردن.
* ما الأهداف التي يسعى الاتحاد إلى تحقيقها عربياً؟
حدد الاتحاد في نظامه الأساسي عشرة أهداف تشمل بناء وتطوير قدرات وإمكانات منظمات العمل التطوعي للقيام بدورها في عمليات التنمية بكل أشكالها، وتنمية الموارد البشرية وتطويرها واستثمارها في إنجاز الأعمال التطوعية بما يسهم في تطوير المجتمع، إضافة إلى المساهمة في بناء الشباب بكافة مراحلهم العمرية بما ينسجم مع تطلعات المجتمع من خلال ممارستهم للأعمال التطوعية التي تؤدي بدورها إلى ترسيخ القيم الإنسانية النبيلة، وربط مسارات التنمية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية بالعمل التطوعي، واعتماده محوراً في تخطيط وتطوير المجتمع، والنهوض بالعمل التطوعي في المجتمع العربي من خلال مساندة المنظمات والهيئات والمراكز التطوعية العربية، وتعميق الروابط وتوطيد العلاقات بين المتطوعين العرب ومنظماتهم، وتنمية قدرات العاطلين من العمل وتزويدهم بالخبرات من خلال مشاركتهم بالأعمال التطوعية بما يمكنهم من إدارة مشاريع، أو الحصول على فرص عمل ليكونوا قادرين على أداء دورهم في المجتمع.
* ماذا عن نشاط الاتحاد إقليمياً ودولياً؟
وقّع الاتحاد العربي اتفاقية مع متطوعي الأمم المتحدة "يو إن في"، ودشن كتاباً بعنوان "حالة العمل التطوعي في العالم"، وبدأنا العمل مع الأمم المتحدة منذ 2010، وكنت العربي الوحيد المُقيّم في الأمم المتحدة ضمن 10 مُقيّمين على مستوى العالم لتقييم المشاريع التي كانت تقدم إلى الأمم المتحدة، كما وقع الاتحاد اتفاقية مع منظمة العالم الإسلامي للتربية والعلوم والثقافة "إيسيسكو"، والتي تضم 57 دولة مسلمة، وشارك في أكثر من فعالية أقيمت في مقر المنظمة في المغرب، وجرى تكريم قيادات وشخصيات تطوعية من العالم العربي في احتفال شهدته الصالة الرئيسية في مقر جامعة الدول العربية، وأستطيع القول إنه بعد عام 2015، ظهر الاهتمام بشكل أكبر، وبدأت الدول تتفاخر بالعمل التطوعي.
* مسيرة قطر في العمل التطوعي حافلة بالإنجازات، باعتبارك أحد قادة التطوع، كيف تقيّم ذلك؟
تقاس الدول المتقدمة بأعداد المتطوعين، ومدى الاهتمام بالعمل التطوعي، وفي قطر اهتمام واسع بهذا الحقل منذ أكثر من 20 عاماً، حينها كان العمل التطوعي غير مؤسسي، وعدد المتطوعين محدودا، لكن بعد تأسيس مركز قطر التطوعي في عام 2001، جرى التركيز على مأسسة العمل التطوعي، وجذب المتطوعين، ثم تدريبهم لتزويدهم بالمهارات اللازمة للقيام بالعمل على أكمل وجه، وبما يرسخ لديهم المشاركة الإيجابية في تقديم المساعدة، واستلهام روح العمل الجماعي. وحالياً يصل عدد المتطوعين في قطر إلى نحو 50 ألف متطوع من الجنسين.
* ما المقصود بـ "رواد العمل التطوعي"؟
ظهرت فكرة رواد العمل التطوعي بعد مشاركة مجموعة كبيرة من قيادات التطوع في دعم الجهات الرسمية خلال مواجهة جائحة كورونا، بعد أن جرى تدريبهم على التعامل مع الإجراءات الوقائية التي اتخذت لمواجهة الفيروس، ومع تقليص الإجراءات، بات كثير من المتطوعين يشكون الفراغ، وطالبوا بفريق يعملون من خلاله حتى يكون لهم دور مباشر في دعم المجتمع، وفي اليوم العالمي للتطوع، في 5 ديسمبر 2020، جرى تشكيل فريق الرواد تحت مظلة جمعية الكشافة والمرشدات القطرية، ولا يقتصر الفريق على فئة عمرية معينة، إذ يضم الفئة العمرية الصغيرة من 6 إلى17 سنة، وقد أطلقنا برنامج "المتطوع الصغير"، وشارك هؤلاء في أكثر من 35 فعالية خلال السنتين الأخيرتين، وهناك الفئة العمرية من 18 إلى 85 سنة، واليوم، يبلغ عدد الرواد المسجلين أكثر من 17 ألف متطوع.
* شارك 20 ألف متطوع في تنظيم فعاليات بطولة كأس العالم لكرة القدم التي استضافتها قطر. هل كان للاتحاد دور في ذلك؟
وقّع الاتحاد العربي للعمل التطوعي اتفاقية مع اللجنة العليا للمشاريع والإرث لاستقطاب متطوعين عرب، وفي نفس الوقت تدريب وإعداد المتطوعين وفق معايير ومواصفات الاتحاد الدولي لكرة القدم "فيفا"، وبدأت التجربة مع الراغبين في التطوع للمشاركة في المونديال خلال حفل افتتاح "ستاد الجنوب"، والذي شهد نهائي بطولة كأس الأمير في يوم 16مايو/ أيار 2019، وقد حضرها 40 ألف شخص، ثم في المونديال الذي أقيم لأول مرة على أرض عربية، شارك الاتحاد من خلال التنسيق مع "فيفا" عبر المتطوعين الموجودين في قطر.
نعمل في المرحلة المقبلة على بطولة كأس آسيا لكرة القدم 2023، والتي تستضيفها قطر، ومن المتوقع أن تُقام في الفترة بين 16يونيو/حزيران إلى 16 يوليو/تموز، وبمشاركة 24 منتخباً، وقد وضع الاتحاد دراسة متكاملة بالتعاون مع وزارة التربية والتعليم والتعليم العالي القطرية لكيفية التعامل مع طلبة المدارس، وتقسيمهم إلى ثلاث فئات عمرية، من 6 إلى 9 سنوات، ومن 10 إلى 13 سنة، ومن 14 إلى 17 سنة، وكل فئة عمرية لها منهج ترفيهي تعليمي خاص، وستبدأ هذه التجربة خلال الفترة المقبلة.
* تحدثت تقارير إعلامية عن مبادرة للاتحاد تتعلق بالمتقاعدين في قطر، ماذا عنها؟
يعتبر المتقاعدون ثروة وطنية، وللاستفادة من خبرات المتقاعدين الطويلة في مجالات مثل الهندسة، والمحاماة، والتعليم، والطب، والاقتصاد، والبيئة، والرياضة، والتكنولوجيا، والصناعة، جاءت مبادرة "المتطوع المتقاعد"، ومن المتوقع إطلاقها رسمياً في غضون ثلاثة أشهر، وسيجري تقسيم المتطوعين حسب الفئة العمرية، والمتطوعون فوق الثمانين سنة سيطلق عليهم "بيت الخبرة"، وينقسم المشاركون إلى 12 لجنة، من بينها اللجنة الفنية، وهي مسؤولة عن استقطاب المتقاعدين من ذوي الخبرات في المجالات الفنية والتشكيلية للمشاركة في الأنشطة والبرامج الفنية المختلفة، ونقل خبراتهم إلى الشباب، واللجنة الثقافية تستقطب المتطوعين المتقاعدين للمشاركة في البرامج المتعلقة بالحفاظ على الهوية والتراث، وتوعية الأجيال الشابة بأهمية الحفاظ على الموروثات والعادات، وتعريفهم بالتراث الوطني عبر زيارات إلى المدارس ومراكز الشباب. وهناك اللجنة الهندسية التي تستقطب المهندسين المتقاعدين لتقديم الاستشارات ونقل الخبرات، ومن ضمن المشروعات المقترحة إعادة ترميم بيوت الأسر المتعففة، ووضع لمسات هندسية فنية على المنازل والطرق.
وتستقطب اللجنة العلمية أصحاب الخبرات في الابتكار وريادة الأعمال، ومثلها اللجنة التكنولوجية التي تستقطب متخصصين في مجالات أمن المعلومات للتوعية بكيفية التعامل مع مواقع التواصل الاجتماعي، وتجنب المحتوى السيئ، وطرق الوقاية من الاختراق الإلكتروني، وأساليب التعامل مع الابتزاز الإلكتروني، وحماية الأجهزة، وغيرها.
إضافة إلى لجنة اقتصادية تضم عدداً من كبار رجال الأعمال وأصحاب الخبرات، وهؤلاء سيقدمون خلاصة خبراتهم لشباب المستثمرين، ويتولون إطلاق حملات لتوعية المستهلكين بحقوقهم، وبمواصفات المنتجات. أما اللجنة الرياضية فستكون وظيفتها استقطاب اللاعبين أو المدربين أو المسؤولين الرياضيين السابقين، وسيعملون على وضع خطط لتطوير البرامج التي تستهدف تشجيع كبار السن على ممارسة الرياضة، وإقناع الشباب بالاهتمام بممارسة الرياضة، واكتشاف المواهب الوطنية في مختلف الألعاب، وطرح أفكار لإثراء تنظيم اليوم الرياضي القطري.