صدر قبل أيام قانون جديد للإيجارات في المناطق الخاضعة لسيطرة النظام السوري، أعدّه مجلس الشعب السوري في الرابع من شهر نوفمبر/تشرين الثاني الجاري. ويحاول النظام من خلال القانون الجديد تنظيم حالة الفوضى التي يشهدها سوق العقارات في سورية، على خلفية موجات النزوح الداخلي المستمر والطلب الكبير على السكن في المدن التي لا تشهد مواجهات عسكرية حالية.
يرى مراقبون أن هذا القانون الجديد يأتي بعيداً عن أي حل للمشاكل الأساسية التي يعانيها سوق إيجار العقارات في سورية، والتي تشهد ارتفاعاً مستمراً في بدلات الإيجارات حتى باتت تفوق الإمكانات المادية للسوريين. يُذكر أن القانون الجديد لم يحدد سقفاً لها وترك مهمّة تقديرها للمتعاقدين، من دون إقرار قواعد لهذا التقدير.
ويوضح المحامي السوري عبد الحميد الظلي أن أبرز عيوب القانون الجديد هو أنه "لم يحلّ المشكلة الرئيسية التي يعاني منها معظم المستأجرين، إذ يقدّر متوسط بدل إيجار منزل يصلح لعائلة من أربعة أشخاص في دمشق بخمسين ألف ليرة سورية (نحو 132 دولاراً أميركياً) هو ضعفَي راتب الموظف السوري. وهو ما يدفع على أرض الواقع عائلتين أو أكثر للسكن في منزل واحد".
ويشير الظلي إلى أن القانون الجديد، وخلافاً لسابقه، "يحدد مدة عقود الإيجار بستة أشهر، لكنه يمنح المالك أحقية رفع قيمة الإيجار في كل عقد جديد، كذلك يشترط تسجيل العقد من قبل صاحب العقار شخصياً. ويتطرق إلى حالة المستأجر الذي يريد تسليم بيته خلال فترة إيجاره لمستأجر آخر، وهذا أمر شاع بشكل كبير في عديد من المدن بسبب السفر، وخصوصاً في ما يتعلق بالإيجارات القديمة الذي لا يريد المستأجر أن يخسرها. وهو ما أدّى إلى رفع دعاوى كثيرة ونشوب خلافات بين المستأجر والمالك". يضيف أن "القانون الحالي يفرض دفع 10% من قيمة العقار لصاحب المنزل في هذه الحالة، وهو أمر شبه مستحيل على أي مستأجر بسبب غلاء العقارات. إلى ذلك، يشترط القانون الجديد على المالك ألا يتقاضى إيجاراً مقدماً لأكثر من ثلاثة أشهر". ويلفت إلى أن "هذه التغييرات ستبقى نظرية. ما يحكم واقع السوريين ليس القانون إنما ظروف الحرب. وتغيير واقع السوريين لا يحتاج إلى تغيير قانون الإيجار، إنما إلى رفع المستوى الاقتصادي وتحسّن الأوضاع الأمنية".
اقرأ أيضاً: السوريون يراجعون الأمن لاستئجار البيوت
أحمد من حلب، يخبر أن "صاحب المنزل اشترط عليّ دفع بدل الإيجار بالدولار الأميركي، بحجة أنه لا يريد أن يخسر قيمته مع هبوط الليرة السورية. أبرمنا عقد الإيجار، لكنه حبر على ورق. لم يقبل أي من المكاتب العقارية تسجيل العقد قبل أن يقبضوا إيجار ستة أشهر كاملة، فيما لم يسجل في العقد القيمة الحقيقة التي طلبها للإيجار حتى لا يضطر إلى دفع ضريبة أكبر". يضيف: "أعيش مع عائلة أخي وأمي وأبي في هذا البيت، وأساهم في دفع ثلث المبلغ. صاحب المنزل لا يلتزم بأي إصلاحات، وفي كل مرة يهددنا بأنه سيجد عشرات المستأجرين بدلاً منا". ويلفت إلى أن "ما من قانون على أرض الواقع تتبع فيه قيمة الإيجار مدى خطورة المنطقة أو أمانها. وصاحب العقار برشوة بسيطة للشبيحة يستطيع أن يخرجنا بدقائق".
إلى ذلك، تتعدد الصعوبات التي يواجهها السوريون في استئجار منزل في مناطق سيطرة النظام أي المناطق التي تعد آمنة نسبياً. كذلك تتدخل قوى الأمن السوري في عمليات الإيجار في تلك المناطق، وتفرض مراجعات أمنية على طرفَي العقد، وعلى أساسها تمنحهم أو لا تمنحهم موافقة أمنية. والموافقة هي مستند مطلوب لتسجيل عقود الإيجار في البلديات التابعة للنظام. من جهة أخرى، تكثر حالات استغلال أصحاب العقارات للمستأجرين الذين لا يملكون إلا الضغط على أنفسهم وعلى عائلاتهم على حساب لقمة عيشهم، حتى يبقوا في المنزل.
أزمة سكن خانقة
يعاني السوريون في مناطق سيطرة النظام، أزمة سكن خانقة تتفاقم يومياً، بسبب حركة النزوح الداخلي المستمرة نحوها. وقد تبع ذلك ارتفاع متزايد في بدلات إيجار المساكن وتحكّم من قبل أصحاب العقارات في قطاع الإيجارات، ما خلق الكثير من الخلافات في المجتمع السوري. إلى ذلك، تبدو الأنظمة والقوانين ذات الصلة قاصرة عن إيجاد حلول وضبط السوق والبت في الدعاوى والخلافات العالقة في هذا القطاع.
اقرأ أيضاً: السوريون يراجعون الأمن لاستئجار البيوت
اقرأ أيضاً: السوريون يراجعون الأمن لاستئجار البيوت