شهد عدد من المحافظات المصرية، خاصة محافظات الوجه البحري، اختفاء عدد كبير من الأدوية من الصيدليات، من بينها أدوية لأمراض خطيرة، الأمر الذي أثار ردود أفعال غاضبة لدى المرضى، والذين قاموا بالبحث عن تلك الأدوية من دون جدوى، بينما انتشرت في السوق السوداء بمبالغ تفوق قدرة الفقراء على شرائها.
ومن بين الأدوية المفقودة، أدوية القلب والكبد والسكر وأنواع عديدة من قطرات العين، وضغط الدم والجلطات والأمراض العصبية والنفسية، بالإضافة إلى أمراض الصدر والحساسية.
وفسّر عدد كبير من أصحاب شركات الأدوية، اختفاء تلك الأدوية بعدة أسباب، من بينها حدوث تعديل في أسعار بعض تلك الأدوية وزيادة أسعارها، خاصة بعدما طالبت غرفة صناعة الأدوية في اتحاد الصناعات، خلال اجتماع مؤخر لها، بضرورة تحريك أسعار بعض أصناف الأدوية، بحجة الحفاظ على استمرار الشركات الوطنية في إنتاج عدد من الأدوية، والتي تتكبد خسائر فادحة.
واتهم بعضهم موسم الحج بأنه وراء تلك الأزمة في سحب عدد كبير من الحجاج لعدد من تلك الأدوية من الصيدليات، بينما يرى آخرون أن انخفاض قيمة الجنيه المصري أمام الدولار، وعزوف بعض أصحاب الشركات عن إنتاج عدد من الأصناف غير المربحة وراء اختفاء ما يقرب من 450 صنفاً من الأدوية في الأسواق.
وشن عدد من أصحاب الصيدليات في مصر هجوماً عنيفاً على الحكومة بالكامل، وحمّلوها المسؤولية باختفاء أكثر من 40 في المائة من أصناف الدواء في الصيدليات خلال الأيام الماضية، مؤكدين أن مسلسل اختفاء الأدوية عرض مستمر وأزمة متجددة كل عدة أشهر.
واتهم الصيادلة وزير الصحة عادل العدوي، بالعجز عن توفير أبسط حقوق المواطنين في الحصول على الدواء، و"ترك الحبل على الغارب" لشركات الأدوية لتتلاعب في صناعة الدواء.
من جانبه أكد صاحب إحدى شركات الأدوية أن هناك بعض الشركات التي قامت متعمدة بوقف خطوط إنتاجها لصناعة بعض الأدوية، "لتعطيش السوق" ورفع أسعار تلك المنتجات من دون الحاجة لذلك، بحجة أن الأسعار مرتفعة عالمياً، وأن انخفاض قيمة الجنيه أمام العملات الأجنبية كان سبباً لتحريك الأسعار، نافياً أن يكون موسم الحج وراء اختفاء الأدوية، ومؤكداً أن تلك الرواية يقدمها بعض الأهالي أو الصيادلة.
وطالب صاحب الشركة، والذي رفض ذكر اسمه، في تصريحه لـ"العربي الجديد" بضرورة إحالة تلك الشركات إلى المحاكمة وإغلاقها، لكون توافر العلاج قضية "أمن قومي"، كذلك طالب بضرورة فرض مراقبة صارمة على كل شركات الأدوية من جانب وزارة الصحة، محذراً من خطورة اختفاء الأدوية من الصيدليات خلال الفترة، مؤكداً أن البلاد مقبلة على أزمة حقيقية بسبب اختفاء بعض الأدوية، خاصة أدوية التخدير ومشتقات الدم والعقاقير الخاصة بالرعاية المركزة.
اقرأ أيضاً مصر: خطط حكومية لرفع أسعار أدوية الأمراض المزمنة
واستطلع "العربي الجديد" رأي بعض الصيادلة في اختفاء بعض من أنواع الأدوية، وفي هذا الصدد قال ياسر نصير: "إن هناك قائمة طويلة بأدوية عديدة اختفت من الصيدليات وأدوية أخرى تكاد تختفي من الأسواق، على الرغم من فاعليتها الشديدة وحاجة الناس إليها، متهماً تجار السوق السوداء الذين يستولون على الأدوية ويقومون ببيعها لصيدليات بعينها، بهدف زيادة الربح على حساب المرضى الذين لا حول لهم ولا قوة".
واتهم إسماعيل أحمد "صيدلي" الحكومةَ بأنها وراء اختفاء الأدوية من الصيدليات، بسبب عدم مراقبتها للشركات التي تنتج الأدوية، مؤكداً أن هناك أدوية خاصة بالأطفال وعلاجاً خاصاً بهشاشة العظام لدى السيدات غير موجودة في الصيدليات، نظراً لانخفاض سعرها وسحبها من الأسواق دليل على نية رفع سعرها.
موضحاً أن هناك أدوية ارتفع ثمنها، كانت في الماضي عنصراً أساسياً لعلاج الفقراء وارتفعت بنسبة أكثر من 100 في المائة، مثل "الريفو" الذي ظل لسنوات طويلة بخمسين قرشاً، ويباع الآن بـ 75 قرشاً، و"الأنتوسيد" أقراص، ارتفع من جنيهين إلى 4 جنيهات، و"السنتربتوكين" ارتفع من جنيهين إلى 4 جنيهات للشريط.
وأرجع محمد العبد "صيدلي" اختفاء الأدوية إلى قيام عدد من شركات الأدوية بتصدير عدد من منتجاتها إلى الخارج، لرفع أسعار الأدوية على المرضى داخل البلاد، مطالباً الحكومة متمثلة في وزارة الصحة بضرورة توفير هذه الأدوية، لأنها تؤثر على صحة المرضى وتفشّي الأمراض بين المواطنين.
اقرأ أيضاً: أدوية منتهية الصلاحية بنصف مليار جنيه في مصر