على الرغم من المجتمع المدني الناشط والقائمة الطويلة من المنظمات الدولية العاملة في لبنان، إلا أن الوقائع محزنة في مجال الإعاقة ولا تختلف كثيراً عن الدول العربية الأخرى. في عام 2000، أصدر المجلس النيابي اللبناني قانوناً يتعلق بحقوق المعوّقين. مع أنه مليء بالثغرات، إلا أنه كان بمثابة خطوة إلى الأمام قياساً بالفراغ التشريعي السابق. فراغ قانوني أضيف إلى العُرف الاجتماعي الذي درج عليه اللبنانيون كما سواهم، والقاضي بعدم الاعتراف بحقوق المعوّق وإنكار العائلات معاناة أي من أفرادها من الإعاقة. لذا كان المعوّقون معزولين عن الحياة العامة في مختلف مناحيها.
القانون كثير الثغرات، لم يجد طريقه للتطبيق لا في القطاع العام ولا في الخاص. ونسبة 3% التي خصصها للأشخاص المعوّقين في الوظائف، لم تجد من يحرص على تأمينها، فضاعت. بالتأكيد، السبب الأساس هو غياب الإرادة السياسية اللازمة لتطبيقه. لذا، غابت التسهيلات التي يفرضها القانون في مختلف المجالات مع استثناءات بسيطة وتفصيلية. استثناءات لا تساعد في المحصلة المعوقين لا في عملهم ولا دراستهم ولا ترفيههم، بالتالي إدماجهم في المجتمع. وعليه، فإن التعهد الذي تضمنه القانون بتجهيز المباني الحكومية في غضون ست سنوات، لم يحقق أي تقدم على الرغم من مرور 16 عاماً على صدوره.
عن أعداد المعوّقين، يشير المسؤولون إلى أقل من 10% من عدد السكان. وبحساب بسيط على أساس أن سكان لبنان أربعة ملايين، يكون لدينا 400 ألف معوق. البعض يشير إلى نسبة أقل، لكن رئيسة اتحاد المقعدين اللبنانيين سيلفانا اللقيس تتحدث عن 15% استناداً إلى المسح الأخير للبنك الدولي بالتعاون مع منظمة الصحة العالمية. ومتى تذكرنا 15 سنة متواصلة من الحرب (1975 – 1990) يبدو رقم اللقيس الأقرب الى الواقع. إلى ذلك، لم يوقف الاحتلال الإسرائيلي اعتداءاته، وآخر ما عاشه اللبنانيون كان في عام 2006. كذلك شهدنا انفجارات متلاحقة أصيب فيها المئات. بالتالي، فإن اللبنانيين يتعرضون للإعاقة بفعل الحروب، بالإضافة إلى الأسباب الصحية العادية وحوادث العمل والطرقات وما شابه.
في لبنان، وزارة للصحة وأخرى للشؤون الاجتماعية، ولكل منهما مسؤولياتها. لكن المعوّقين يعانون وسط نظام طائفي يزداد مذهبية ومحاصصة بين مكوناته في الوظائف العامة والخدمات، وما إليها من تقديمات. لكن المعوقين ليسوا طائفة كبيرة ولا صغيرة لها حقوق، بل الاعتراف بهم نظرياً فقط. والواقع أن المعوّقين إلى أي طائفة انتموا، يعانون من التمييز ويكادون يشبهون طائفة المنبوذين في الهند، تتنكر لهم الدولة ونظام الطوائف وقواها السياسية. والحصيلة أنهم يعيشون على الهامش الضيق المتاح، الذي تساعدهم على احتماله 70 مؤسسة رعاية.
*أستاذ في كلية التربية - الجامعة اللبنانية
اقرأ أيضاً: المحنة السورية