وقام باطويل بنشر التهديدات التي وصلته، ليرد عليها بلغته الهادئة التي اعتادها رواد صفحته على "فيسبوك". وقد صارت كلماته الأخيرة شعاراً يتكرر في آلاف صفحات وحسابات مواقع التواصل الاجتماعي في طول اليمن وعرضه.
يوم الاثنين الماضي، وُجدت جثة الشاب باطويل، في حي التسعين بمديرية المنصورة التابعة لمدينة عدن (جنوب اليمن)، بعد اختطافه من جوار منزله في منطقة كريتر (عدن الصغرى). وأوضحت مصادر مقربة من أسرته أنه غادر المنزل، مساء الأحد، لشراء بعض الأغراض، وعندما تأخر تم الاتصال على هاتفه، فرد أحد المارة، مبلغاً إياهم بأن صاحب الهاتف جثة هامدة في أحد شوارع عدن، مصاباً بطلقات نارية في رأسه.
كان عمر باطويل قد أثار جدلاً فكرياً على صفحات "فيسبوك"، وكان البعض اتهمه بالإساءة للرسول في أحد منشوراته، بعدما نشر عدداً من التغريدات التي أشارت إلى الدور السلبي للمساجد في التوجيه السليم للمجتمع، مشيراً إلى بعض رجال الدين الذين وصفهم بـ"الكهنة".
Twitter Post
|
إلا أن حادثة الاغتيال أثارت موجة سخط واسعة في الوسطين الثقافي والإعلامي، وبين رواد مواقع التواصل. واستنكر وزير الثقافة الأسبق، خالد الرويشان، الحادثة، مشيراً إلى أن الدولة فقط ينعقد لها الحق في معاقبة أي شخص ثبت أنه ارتكب خطأ، وليس الجماعات المتطرفة.
ويقول الرويشان: "لا حقّ لمواطن ولا لجماعة أن تقتل مواطناً أو إنساناً لأي سبب من الأسباب، فالدولة وحدها صاحبة الحق، وبالقانون"، مستغرباً مواقف بعض المؤيدين للجريمة، ومعبراً عن صدمته إزاء ما حدث.
وأضاف، عبر منشور في صفحته بموقع "فيسبوك": "أنا في ذهول من ردّة فعل البعض، لستُ قاضياً، ولكن حتى لو أخطأ عمر. يظل السؤال: من له الحق في محاكمته وتنفيذ الحكم؟ اختلف مع عمر كيفما تشاء، لكن لا تقتله، هناك محاكم وقوانين وهي التي ستحكم".
وانتقدت الناشطة الحقوقية، توكل كرمان، عبر صفحتها على "فيسبوك"، الجريمة، واصفة إياها بـ"الإرهابية البشعة"، وطالبت السلطات بإلقاء القبض على القتلة ومحاكمتهم، إذ قالت إن "جريمة قتل عمر في عدن بتهمة الردة جريمة إرهابية بشعة ستتكرر إن لم يتم التصدي لفكر التكفير ومكافحته، سيكون على السلطة المحلية والحكومة ملاحقة مرتكبي هذه الجريمة ومحاكمتهم".
Twitter Post
|
وأطلق ناشطون وسم #عمر_قضية_انسان، تعبيراً عن رفضهم ممارسة القتل خارج إطار القانون، بحيث تم إعادة نشر مقولاته ومنشوراته التي كان ينشرها في صفحته بين الوقت والآخر، بالإضافة إلى نشر صوره، ومطالبات بسرعة القبض على قاتليه ومحاكمتهم.
إلى ذلك، وصفت الناشطة الحقوقية، ماجدة الحداد، مقتل الشاب باطويل بـ"الجريمة البشعة" التي لم يعرف اليمنيون مثلها من قبل، لاسيما أن الشاب لم يسئ للدين الإسلامي، ولم يصرح بأنه ملحد.
وقالت الحداد لـ"العربي الجديد"، إنها مصدومة ممن أيدوا هذه الجريمة، واصفة هذا السلوك بـ"الإرهاب"، مطالبة الحكومة بالتحرك والقصاص ممن ارتكبوا هذه الجريمة.
آخرون اعتبروا جزءاً من منشورات باطويل مستفزة، لكنهم في الوقت نفسه أكدوا أن الدولة ممثلةً في القضاء، هي المعني الوحيد بمحاكمة وتقرير مصير حياة أصحاب مثل هذه الأخطاء.
ويقول الناشط المجتمعي أسعد الشرعي: "القتل خارج القانون إرهاب وجريمة مهما كان الخطأ الذي ارتكبه المجني عليه، وكذلك استفزاز مشاعر الناس في مقدساتهم بتلك الطريقة قد يؤدي إلى القتل، وهذا ما حدث، وأنا شخصياً لا أقره".
لكنّ منشورات على الإنترنت بدت أكثر عنفاً، بحيث أيدت عملية اغتيال باطويل، مشيرة إلى أن هذا أقل عقاب يستحقه لقاء ما نشره من إساءة للرسول.
ودفعت قضية باطويل آخرين إلى إعادة تنشيط الجدل الفكري حول الدين والتطرف والكثير من المسائل الخلافية، بعدما سادت فعاليات المفاوضات السياسية اليمنية في الكويت، حول إيقاف الحرب في البلاد.