أطلق ممثلو محافظة القصرين جنوب تونس، اليوم السبت، تظاهرة عيد "البطالة"، في إطار الاحتفال باليوم العالمي للعمال، الذي يوافق الأول من مايو/ أيار من كل سنة، مؤكدين أنّهم أرادوا توجيه رسالة قوية إلى الساسة والسلطات الرسمية، التي تعودت الاحتفال بعيد الشغل مرددة نفس الشعارات والخطابات المنمقة.
ويعتصم شباب القصرين من حاملي الشهادات العلمية أمام مقر وزارة التشغيل منذ أكثر من 80 يوما، وينامون في العراء رفضاً لما وصفوه بـ "سياسة التهميش"التي تعاني منها الجهات الداخلية، خاصة ولاية القصرين.
وقال أحد المعتصمين ويدعى وجدي الخضراوي، لـ"العربي الجديد": "إن المعطلين عن العمل في الجهات الفقيرة يعانون التهميش والتسويف، وهو ما جعلهم يطلقون اليوم صرخة مدوية ضد السياسات الحالية".
ودعا الخضراوي الدولة للخروج من قوقعة الصراعات السياسية والخطابات الواهية، والإنصات إلى المعطلين عن العمل، معتبراً أنهم لا يطلبون منها المعجزات، بل فقط فتح حوار جدي وتقديم حلول واقعية، مبيناً أن هناك أكثر من 900 ألف منصب شاغر في الوظيفة العمومية، وأن عدداً من الإدارات في القصرين تعيش فراغاً واضحاً ونقصاً في الموظفين، ولا يمكن سد الشغور إلا عن طريق جدول زمني واضح، وإعطاء الأولوية للحالات العاجلة.
وأشار المتحدث إلى أنّهم يريدون حلولاً للمنطقة ككل، تؤسس لحياة وثقافة جديدة، ترتقي بدور الشباب وتخرجه من دائرة الاستهلاك إلى الإنتاج.
من جانبه، أفاد الشاب معز هلالي لـ"العربي الجديد" أنه عوض رفع شعار "يا عمال العالم اتحدوا" فإنهم اختاروا شعار يا "معطلي العالم اتحدوا" من أجل مطالبهم وحقهم في الكرامة والتشغيل، مشيراً إلى أنه طالما هناك شباب ينامون في العراء وفي الشارع فإنه لا معنى للأعياد ولا طعم لأي احتفالات.
وذكّر هلالي بمعاناة المعتصمين طيلة الفترة التي قضوها في الشارع، والتي تسببت لبعضهم بأمراض ووعكات صحية ألزمتهم المستشفى، في غياب أي تحرك رسمي.
وأوضح أن شباب القصرين اضطروا للعمل في مجالات هشة كالبناء والتنظيف والصباغة، ولم يتعالوا على أي عمل من أجل لقمة العيش، محملاً الدولة "مسؤوليتها لتفعيل القرارات المعطلة في المناطق المهمشة، والتي قامت من أجلها الثورة ومنها حق التشغيل" على حد تعبيره.
أما زهير البليلي، فتحدث عن غياب أي تحرك أو مبادرة من الجهات المسؤولة رغم مضي عدة أشهر على اعتصامهم أمام وزارة التشغيل، مبينا انّهم اختاروا إحياء عيد الشغل على طريقتهم، وتوجيه رسائل للمسؤولين.
وأضاف لـ"العربي الجديد" أن بداية تحركاتهم انطلقت من محافظة القصرين منذ شهر يناير/ كانون الثاني 2016، وأنه تمت دعوتهم لحضور اجتماع هام بمقر وزارة التشغيل، ولكنهم صدموا أثناء الاجتماع بغياب ممثل الحكومة وبعديد المماطلات والتسويف فقرروا الاعتصام أمام مقر الوزارة ومواصلة النضال.
وأكدّ أن الوضع في القصرين محتقن للغاية، وأن الشباب ضاقوا ذرعاً من الوعود الواهية، فحتى القرارات الاستثنائية التي سبق وأعلن عنها رئيس الحكومة يوم 28 يناير/ كانون الثاني 2016، ومنها التمييز الإيجابي بين المناطق ظلت حبراً على ورق، لافتاً إلى أن نسبة البطالة في محافظة القصرين مرتفعة جداً، وأنه يوجد آلاف من حاملي الشهادات الجامعية في الجهة، وأن الشباب ما زالوا يأملون صدور قرارات جدية ونتائج فعلية.
وأشار إلى أنه مستعد للانتظار عدة أعوام أخرى شريطة أن تكون هناك رؤية واضحة، مؤكداً أن نواب محافظة القصرين خذلوهم، مفضلين مصالحهم الحزبية على الإنصات إلى مشاغلهم.
وقال إنهم تعرضوا لعدة إهانات أثناء الاعتصام، ولم يجدوا أبسط الضروريات.
وأكد البليلي أنه يرقد حالياً في المستشفى، جراء وعكات صحية حصلت له نتيجة النوم في العراء خلال الاعتصام، موضحاً أنه خضع لعدة عمليات جراحية أصبح معها عاجزاً عن القيام بالأعمال الشاقة وحمل المواد الثقيلة، وبالتالي فإنه متمسك بالاعتصام إلى أن تظهر أمامهم بوادر أمل جديد، رغم الإحباط الكبير واليأس والنقمة التي زرعها فيهم المسؤولون الحاليون.