وتجمع عشرات الناشطين في ساحة رياض الصلح، في العاصمة بيروت، مساء أمس الإثنين، بعد أن ساروا إليها من شارع المصارف المجاور، بمواكبة القوى الأمنية التي أحاطت بالسراي الحكومي.
ولم تخل الوقفة من احتكاك بسيط بين عناصر مكافحة الشغب وعدد من المتظاهرين، قبل أن يحصل تشابك بالأيدي بين عدد من المتظاهرين، نتيجة خلافات شخصية.
وكانت تظاهرة 22 أغسطس/آب الماضي قد تعرّضت لإطلاق رصاص حيّ من قبل الأجهزة الأمنيّة، التي تبادلت الاتهامات حول الجهة التي أطلقتها، كما تعرّض المتظاهرون لضرب وقمع شديدين، أسسا لسلسلة من التظاهرات الرافضة لأداء الحكومة في ملف النفايات.
وقد سبق هذه التظاهرة عدة تحركات صغيرة الحجم نظمتها مجموعة "طلعت ريحتكم"، في سياق الاعتراض على انتشار النفايات في شوارع بيروت منذ يوليو/تموز 2015، إضافة إلى تحركات في مناطق لبنانيّة مختلفة رفضت تحويلها إلى مكب للنفايات.
وتصاعدت التظاهرات بعد 22 أغسطس/آب 2015، وكانت أوسعها في 29 أغسطس/آب 2015.
وأدى العنف الذي مارسته القوى الأمنيّة بحق المتظاهرين إلى تعميق الهوة بين اللبنانيين والأجهزة الأمنيّة، كما اعترضت منظمات حقوقية عالمية على هذا العنف.
ولا يزال 19 ناشطا من المشاركين في الحراك يحاكمون أمام القضاء العسكري، بعد اتهامهم من قبل السلطات القضائية بتهم مختلفة، من قبيل "تشكيل مجموعات شغب خلال الحراك، وإقلاق الراحة العامة، والتعامل مع القوى الأمنية والعسكرية بالشدة".
وأدت هذه التظاهرات إلى إسراع الحكومة في إيجاد حلّ لأزمة النفايات، وهو حلّ لم يبد مثالياً للعديد من الخبراء البيئيين، ولا تزال هذه الحكومة تواجه المشاكل حالياً، مع رفض إقامة مطمر في برج حمّود، والفساد الذي يلاحق المناقصات المرتبطة بهذا الملف، إضافةً إلى تحركات في مختلف المناطق اللبنانيّة، خصوصاً وأن خطة الحكومة لا تزال أقرب إلى جمع النفايات وطمر الجزء الأكبر منها، في ظلّ غياب الفرز والمعالجة لها.
وقد أدت هذه التظاهرات إلى إعادة وصل العلاقة السياسيّة بين مكوّنات الحكومة، بحيث دعا رئيس مجلس النواب، نبيه بري، على خلفية تظاهرات الحراك المدني، إلى عقد جلسات حوار وطني بين مكونات السلطة، وشكّلت هذه الجلسات الغطاء السياسي لقمع المتظاهرين من قبل الأجهزة الأمنيّة والمليشيات الطائفية التي اعتدت مراراً على التحركات على مرأى من الأجهزة الأمنية.
واستمرت جلسات الحوار حتى اليوم، من دون أن تنجح في إيجاد حلّ لأزمات البلد، الذي تعصف به أزمة سياسيّة حادة، تُرجمت بتمديد ولاية المجلس النيابي، وشغور موقع رئاسة الجمهوريّة منذ مايو/أيار 2014.
في المقابل، ورغم التشرذم وغياب المشروع الواضح لدى المعترضين، تمكّن هؤلاء من ترجمة اعتراضهم في صناديق الاقتراع، خلال الانتخابات البلديّة الأخيرة، حيث نالت لوائح الخيار المدني نسباً جيدة من الأصوات واستطاعت الفوز ببعض البلديات.