لم تعد النساء الشرّيرات صاحبات المكانس والأنوف المعقوفة يزرنَ الأطفال ليلاً. هؤلاء اللواتي كانت قصصهنّ عقاباً للأطفال، لطالما شكّلنَ بعض عالمهم في النهار والليل، وإن كان وقْعهنّ يختلف بين الضوء والعتمة. لكنّها أحلام وتختفي. مع ذلك، لا يعترف بهنّ جميع الأعمار، وتضمحلّ قصصهنّ إلى أن تختفي تماماً مع التقدّم في السنّ. وإذا ما تذكرناهنّ نهاراً، نعجز عن استحضارهنّ ليلاً. بدلاً منهنّ صارت تظهر كائنات كثيرة لم تعد تكتفي بتأثيرٍ يدوم لثوانٍ. فنستيقظ وكأنّنا جزء من عالمٍ مختلف، أو نبحث عن عالمٍ آخر وقد نصرّ على معرفة تفاصيله قبل الأوان.
وقبل أن ننام، نتمنّى الخير لبعضنا ونرجو ألاّ نرى منامات بشعة. وكأنّ لا تعريف واضحاً للخير هنا، وقد بتنا نردّد الأمنية من دون أن نشعر بها. وفي الصباح، يسرد الحالمون أحلامهم، وقد يحزن آخرون إن لم يحالفهم الحظ في أن يكونوا جزءاً من هذا العالم.
"... وكان في البيت صراصير كثيرة. تقتلها الأم ولا تلبث أن تظهر مجدداً وبكثرة.. إلى أن تختفي تماماً في نهايته". والصراصير في الحلم تعني المشاكل الكثيرة والمعقدة. وإذا نجح صاحب المنام في قتلها، حُلّت مشاكله. والحلم قد يتجاوز الليل إلى النهار. وهذا حلم أو أحلام نجمعها ونصنع منها خبراً لحياة نجهل ما تخبّىء، وقد نضيّع نهارات في تفكيك رموزها. تبقى لنا الأحلام لتدلّنا إلى الطريق. ومع الوقت، يصبح الأمر عادة أكثر منه قناعة أو مشهداً نؤمن به ونتذكّره حين نستيقظ.
"... تخبرها الجدة أنّها مرتاحة في مكانها الجديد. تسألها متى تلحق بها؟ تردّ بأنّه من المبكّر الحديث في موضوع كهذا.. ثم تحزن لأجلها". وهذا حلم يتجاوز الليل والثواني التي عبر فيها، ويغدو واقعاً بل حدثاً مؤجّلاً تنتظره صاحبته كل يوم. ما تراه يكون الشيء الذي قد يجعلها حزينة، ويجعل الآخرين يأسفون على حالها؟ الأحلام التي لا نعرفها تؤلمنا، وتلك التي نعرفها تؤذينا. ربما يتوجّبَ على الحلم ألّا يتحقّق في عالم واقعي أو يفقد قيمته عندها. أما الكائنات التي تزورنا ليلاً فما هي إلا تتمّة ليوم بدأناه قبل ساعات قليلة، ومقدّمة لأيام جديدة.
ربّما لا نؤمن بها، أو نمرّ عليها سريعاً وكأنّنا نتصفح كتاباً عادياً. لكنّها حاجة أشبه بلعبة "بازل" نجمع أجزاءها لتغدو مشهداً ذا رسالة أو فكرة أو أيّ شيء آخر. وهي صعبة إلى درجة لن تكتمل فيها الأجزاء قبل نهاية أعمارنا. وقد نجمع المنامات مع ما بقي من صورٍ تشكّلت على جدار فنجان قهوة شربناه قبل قليل، ونقارن بين الحظَّين.
"ما تشوف منامات وحشة". وفي اليوم التالي، نبصم بإبهامنا في الفنجان. بعد هجوم الصراصير، كانت الصفحة في فنجان القهوة بيضاء.
اقــرأ أيضاً
وقبل أن ننام، نتمنّى الخير لبعضنا ونرجو ألاّ نرى منامات بشعة. وكأنّ لا تعريف واضحاً للخير هنا، وقد بتنا نردّد الأمنية من دون أن نشعر بها. وفي الصباح، يسرد الحالمون أحلامهم، وقد يحزن آخرون إن لم يحالفهم الحظ في أن يكونوا جزءاً من هذا العالم.
"... وكان في البيت صراصير كثيرة. تقتلها الأم ولا تلبث أن تظهر مجدداً وبكثرة.. إلى أن تختفي تماماً في نهايته". والصراصير في الحلم تعني المشاكل الكثيرة والمعقدة. وإذا نجح صاحب المنام في قتلها، حُلّت مشاكله. والحلم قد يتجاوز الليل إلى النهار. وهذا حلم أو أحلام نجمعها ونصنع منها خبراً لحياة نجهل ما تخبّىء، وقد نضيّع نهارات في تفكيك رموزها. تبقى لنا الأحلام لتدلّنا إلى الطريق. ومع الوقت، يصبح الأمر عادة أكثر منه قناعة أو مشهداً نؤمن به ونتذكّره حين نستيقظ.
"... تخبرها الجدة أنّها مرتاحة في مكانها الجديد. تسألها متى تلحق بها؟ تردّ بأنّه من المبكّر الحديث في موضوع كهذا.. ثم تحزن لأجلها". وهذا حلم يتجاوز الليل والثواني التي عبر فيها، ويغدو واقعاً بل حدثاً مؤجّلاً تنتظره صاحبته كل يوم. ما تراه يكون الشيء الذي قد يجعلها حزينة، ويجعل الآخرين يأسفون على حالها؟ الأحلام التي لا نعرفها تؤلمنا، وتلك التي نعرفها تؤذينا. ربما يتوجّبَ على الحلم ألّا يتحقّق في عالم واقعي أو يفقد قيمته عندها. أما الكائنات التي تزورنا ليلاً فما هي إلا تتمّة ليوم بدأناه قبل ساعات قليلة، ومقدّمة لأيام جديدة.
ربّما لا نؤمن بها، أو نمرّ عليها سريعاً وكأنّنا نتصفح كتاباً عادياً. لكنّها حاجة أشبه بلعبة "بازل" نجمع أجزاءها لتغدو مشهداً ذا رسالة أو فكرة أو أيّ شيء آخر. وهي صعبة إلى درجة لن تكتمل فيها الأجزاء قبل نهاية أعمارنا. وقد نجمع المنامات مع ما بقي من صورٍ تشكّلت على جدار فنجان قهوة شربناه قبل قليل، ونقارن بين الحظَّين.
"ما تشوف منامات وحشة". وفي اليوم التالي، نبصم بإبهامنا في الفنجان. بعد هجوم الصراصير، كانت الصفحة في فنجان القهوة بيضاء.