هناك، في إحدى العيادات المتخصصة في علاج إدمان المخدّرات غرب العاصمة الإيرانية طهران، تجلس إلهام. هي واحدة من قليلات وقليلين قرّروا مشاركة تجربتهم المريرة مع الإدمان، علناً. إلهام ترغب في التخلص من المخدّرات نهائياً.
تروي إلهام قصتها، هي التي بدأت بتعاطي المسكنات وبعض الأدوية المهدئة خلال فترة زواجها قبل عامَين. تقول: "كنت أواجه مشاكل كثيرة مع زوجي، لا سيما عدم إخلاصه لي". تفاقم الأمر شيئاً فشيئاً، لتصبح مع الوقت غير قادرة على الاستغناء عنها عن تلك الحبوب التي نصحتها بها صديقات لها لتتخطى مشاكلها. أحسّت أنّها سوف تخسر حياتها مثلما خسرت منزلها، فاتخذت قرار اللجوء إلى عيادات تخصصية، بعد ضغط من مقرّبين.
تتكرّر مثل هذه الحالات في المجتمع الإيراني، وما تنقله الأرقام الرسمية الأخيرة ليس إلا إثباتاً
وتأكيداً على الأمر. وقد صرّح، أخيراً، وزير العمل والتعاون والرفاه الاجتماعي علي ربيعي أنّ نسب الإدمان وتعاطي المخدرات بين النساء باتت أكثر ارتفاعاً، وقد ازدادت من 4% خلال السنين القليلة الفائتة إلى 10%. وقد شدّد ربيعي على ضرورة مكافحة هذه الظاهرة، قائلاً: "إنّ العدد التقريبي للنساء اللواتي يدمنّ المخدرات في إيران، بات يبلغ 41 ألفاً و685 امرأة"، مضيفاً، أنّ غالبيتهنّ صغيرات. وأشار إلى حالات فتيات وقعنَ في فخّ الإدمان وهنّ في الخامسة عشرة فحسب.
وأوضح ربيعي الأسباب في تصريحاته الصحافية، قائلاً: "إنّ النساء عاطفيات ويتأثرنَ بالمشاكل النفسية أكثر من الرجال". "كذلك يتعرّض بعضهنّ للاستغلال، لا سيما أنّ المخدرات متوفرة وبأسعار زهيدة، فيتوجّهنَ بأقدامهنّ صوب فخّ الإدمان".
إلى ذلك، تفيد دراسات لمتخصصين وباحثين اجتماعيين أنّ أبرز أسباب إدمان المخدرات بين الإيرانيات تعود إلى إحساسهنّ بالوحدة وعدم اهتمام العائلة، الأمر الذي يدفع المراهقات إلى الإدمان. كذلك يتسبب ارتفاع نسب الإدمان في مشاكل اجتماعية أخرى، لا سيما نسب البطالة المرتفعة وحالات الطلاق المتزايدة.
في سياق متّصل، يقول مدير مركز "آهن" للإقلاع عن المخدرات، محمد جساس: "إنّ عدد النساء والفتيات اللواتي يقصدنَ مركزه في ارتفاع". مؤكداً أنّ الأعداد غير المسجلة أكبر بكثير من تلك المعلن عنها. "عديدات لا يفصحنَ عن الأمر أو لا يجدنَ من يساعدهنّ إلا بعد فوات الأوان".
اقــرأ أيضاً
ويوضح جساس لـ "العربي الجديد" أنّ "تعاطي النساء للمخدرات في إيران يبدأ عادة بتناول نوع من الأزهار التي درج أنّها مجرّد أعشاب مهدئة، لكنّها في الواقع نوع من أنواع المخدّرات الخفيفة. ومع الوقت، تزداد حاجة هؤلاء إلى المهدئات والمخدرات الرائجة بين الشباب، والحصول عليها سهل". ويشير إلى أنّ اللواتي يقصدن مركزه التخصصي للمراجعة، بدأنَ بمعظمهنّ يتعاطينَ المخدرات بهذه الطريقة نفسها.
ويشير جساس إلى "خطر ارتفاع أعداد المدمنات الشابات، لا سيما المراهقات، ويعزو السبب إلى عدم الوعي والاهتمام العائلي، وعدم معرفة الأبوَين مشكلات فتياتهنّ عن كثب". من هنا، يرى ضرورة رفع مستوى الوعي المجتمعي، حتى تلعب العائلة دوراً إيجابياً. يضيف أنّه "على الرغم من توفّر مراكز تخصصية لمساعدة مدمني المخدرات في كل أنحاء البلاد، إلا أنّ الأماكن المخصصة لعلاج النساء ما زالت قليلة. فمكافحة هذه المشكلة يتطلب جهداً جماعياً، مجتمعياً وحكومياً". ويتابع إن ذلك يقع وسط "تقصير من المعنيين من المسؤولين القادرين على مساعدة أفراد المجتمع لحثّهم على التعرّف على مشكلات بناتهنّ عن قرب، وتثقيفهنّ عن كيفية التعاطي مع خطر الإدمان. لكنّ كثيرين يقررون طرد الفتاة من المنزل إذا علموا أنّها مدمنة، وهو ما يزيد الطين بلة".
ويشرح جساس أنّ "تعاطي المخدرات يتسبب بأمراض أخرى مثل الإيدز، الذي تزيد نسبه مع التعاطي عبر الحقن. كذلك فإنّ ارتفاع نسب المدمنات يزيد من عدد الأطفال الذين يولدون مدمنين". وفي إحصاءات حديثة، نشرت وكالة "إيلنا" الإيرانية أنّ في العاصمة وحدها، يولد يومياً أربعة أطفال مدمنين. وهؤلاء يعانون من مشاكل جسدية عديدة، بسبب تلقيهم جرعات من المخدرات وهم في أرحام أمهاتهم. وهذا أمر يتطلب تركيزاً أكبر لحلّ هذه المشكلة.
في إيران، أكثر من ألفين و691 مركزاً تشرف عليها مؤسسة الرعاية الاجتماعية، 93 منها مخصصة للنساء، يقصدها في الوقت الراهن 602 ألف شخص تقريباً اعترفوا بإدمانهم وطلبوا المساعدة. أمّا التقديرات فتشير إلى ثلاثة ملايين مدمن كأدنى تقدير. يُذكر أنّ بيانات مركز مكافحة المخدرات قدّرت عدد المدمنين في البلاد بمليونَين ومائتي ألف شخص، فيما كان الرقم قبل خمس سنوات مليوناً واحداً و325 ألف شخص، 6.2% منهم طلاب الجامعات.
إلى ذلك، كان موقع "خبر أونلاين" الإيراني قد بيّن أنّ تسعة أشخاص يموتون يومياً في إيران بسبب المخدرات. أمّا مؤسسة الطب الشرعي، فقد أعلنت، في العام الماضي، أنّه خلال أربعة أشهر، قضى 939 شخصاً بسبب جرعات مخدرات زائدة أو أخرى تعاطوها بطريقة خاطئة. يُذكر أنّ مائة وشخصاً واحداً كانوا سيدات.
وعن الإجراءات والخطوات الرسمية، يتحدّث عضو اللجنة الاجتماعية في البرلمان الإيراني، عبد الرضا عزيزي، لـ "العربي الجديد". يقول إنّ "ثمّة برامج عديدة تعنى بهذه المشكلة، وقد نجحت في جزء منها، إذ كان التركيز على ضرورة التعامل إيجابياً مع المدمن والنظر إليه على أنه إنسان يعاني من مشكلة وليس مجرماً. هذا جزء من الحل". يضيف أنّ "الإدمان مشكلة دولية لا تخصّ إيران وحدها، لكنّه أكّد تضرر بلاده أكثر من غيرها، بسبب وجودها على مقربة من شريط حدودي ينتج المخدرات ويصدّرها".
اقــرأ أيضاً
تروي إلهام قصتها، هي التي بدأت بتعاطي المسكنات وبعض الأدوية المهدئة خلال فترة زواجها قبل عامَين. تقول: "كنت أواجه مشاكل كثيرة مع زوجي، لا سيما عدم إخلاصه لي". تفاقم الأمر شيئاً فشيئاً، لتصبح مع الوقت غير قادرة على الاستغناء عنها عن تلك الحبوب التي نصحتها بها صديقات لها لتتخطى مشاكلها. أحسّت أنّها سوف تخسر حياتها مثلما خسرت منزلها، فاتخذت قرار اللجوء إلى عيادات تخصصية، بعد ضغط من مقرّبين.
تتكرّر مثل هذه الحالات في المجتمع الإيراني، وما تنقله الأرقام الرسمية الأخيرة ليس إلا إثباتاً
وتأكيداً على الأمر. وقد صرّح، أخيراً، وزير العمل والتعاون والرفاه الاجتماعي علي ربيعي أنّ نسب الإدمان وتعاطي المخدرات بين النساء باتت أكثر ارتفاعاً، وقد ازدادت من 4% خلال السنين القليلة الفائتة إلى 10%. وقد شدّد ربيعي على ضرورة مكافحة هذه الظاهرة، قائلاً: "إنّ العدد التقريبي للنساء اللواتي يدمنّ المخدرات في إيران، بات يبلغ 41 ألفاً و685 امرأة"، مضيفاً، أنّ غالبيتهنّ صغيرات. وأشار إلى حالات فتيات وقعنَ في فخّ الإدمان وهنّ في الخامسة عشرة فحسب.
وأوضح ربيعي الأسباب في تصريحاته الصحافية، قائلاً: "إنّ النساء عاطفيات ويتأثرنَ بالمشاكل النفسية أكثر من الرجال". "كذلك يتعرّض بعضهنّ للاستغلال، لا سيما أنّ المخدرات متوفرة وبأسعار زهيدة، فيتوجّهنَ بأقدامهنّ صوب فخّ الإدمان".
إلى ذلك، تفيد دراسات لمتخصصين وباحثين اجتماعيين أنّ أبرز أسباب إدمان المخدرات بين الإيرانيات تعود إلى إحساسهنّ بالوحدة وعدم اهتمام العائلة، الأمر الذي يدفع المراهقات إلى الإدمان. كذلك يتسبب ارتفاع نسب الإدمان في مشاكل اجتماعية أخرى، لا سيما نسب البطالة المرتفعة وحالات الطلاق المتزايدة.
في سياق متّصل، يقول مدير مركز "آهن" للإقلاع عن المخدرات، محمد جساس: "إنّ عدد النساء والفتيات اللواتي يقصدنَ مركزه في ارتفاع". مؤكداً أنّ الأعداد غير المسجلة أكبر بكثير من تلك المعلن عنها. "عديدات لا يفصحنَ عن الأمر أو لا يجدنَ من يساعدهنّ إلا بعد فوات الأوان".
ويوضح جساس لـ "العربي الجديد" أنّ "تعاطي النساء للمخدرات في إيران يبدأ عادة بتناول نوع من الأزهار التي درج أنّها مجرّد أعشاب مهدئة، لكنّها في الواقع نوع من أنواع المخدّرات الخفيفة. ومع الوقت، تزداد حاجة هؤلاء إلى المهدئات والمخدرات الرائجة بين الشباب، والحصول عليها سهل". ويشير إلى أنّ اللواتي يقصدن مركزه التخصصي للمراجعة، بدأنَ بمعظمهنّ يتعاطينَ المخدرات بهذه الطريقة نفسها.
ويشير جساس إلى "خطر ارتفاع أعداد المدمنات الشابات، لا سيما المراهقات، ويعزو السبب إلى عدم الوعي والاهتمام العائلي، وعدم معرفة الأبوَين مشكلات فتياتهنّ عن كثب". من هنا، يرى ضرورة رفع مستوى الوعي المجتمعي، حتى تلعب العائلة دوراً إيجابياً. يضيف أنّه "على الرغم من توفّر مراكز تخصصية لمساعدة مدمني المخدرات في كل أنحاء البلاد، إلا أنّ الأماكن المخصصة لعلاج النساء ما زالت قليلة. فمكافحة هذه المشكلة يتطلب جهداً جماعياً، مجتمعياً وحكومياً". ويتابع إن ذلك يقع وسط "تقصير من المعنيين من المسؤولين القادرين على مساعدة أفراد المجتمع لحثّهم على التعرّف على مشكلات بناتهنّ عن قرب، وتثقيفهنّ عن كيفية التعاطي مع خطر الإدمان. لكنّ كثيرين يقررون طرد الفتاة من المنزل إذا علموا أنّها مدمنة، وهو ما يزيد الطين بلة".
ويشرح جساس أنّ "تعاطي المخدرات يتسبب بأمراض أخرى مثل الإيدز، الذي تزيد نسبه مع التعاطي عبر الحقن. كذلك فإنّ ارتفاع نسب المدمنات يزيد من عدد الأطفال الذين يولدون مدمنين". وفي إحصاءات حديثة، نشرت وكالة "إيلنا" الإيرانية أنّ في العاصمة وحدها، يولد يومياً أربعة أطفال مدمنين. وهؤلاء يعانون من مشاكل جسدية عديدة، بسبب تلقيهم جرعات من المخدرات وهم في أرحام أمهاتهم. وهذا أمر يتطلب تركيزاً أكبر لحلّ هذه المشكلة.
في إيران، أكثر من ألفين و691 مركزاً تشرف عليها مؤسسة الرعاية الاجتماعية، 93 منها مخصصة للنساء، يقصدها في الوقت الراهن 602 ألف شخص تقريباً اعترفوا بإدمانهم وطلبوا المساعدة. أمّا التقديرات فتشير إلى ثلاثة ملايين مدمن كأدنى تقدير. يُذكر أنّ بيانات مركز مكافحة المخدرات قدّرت عدد المدمنين في البلاد بمليونَين ومائتي ألف شخص، فيما كان الرقم قبل خمس سنوات مليوناً واحداً و325 ألف شخص، 6.2% منهم طلاب الجامعات.
إلى ذلك، كان موقع "خبر أونلاين" الإيراني قد بيّن أنّ تسعة أشخاص يموتون يومياً في إيران بسبب المخدرات. أمّا مؤسسة الطب الشرعي، فقد أعلنت، في العام الماضي، أنّه خلال أربعة أشهر، قضى 939 شخصاً بسبب جرعات مخدرات زائدة أو أخرى تعاطوها بطريقة خاطئة. يُذكر أنّ مائة وشخصاً واحداً كانوا سيدات.
وعن الإجراءات والخطوات الرسمية، يتحدّث عضو اللجنة الاجتماعية في البرلمان الإيراني، عبد الرضا عزيزي، لـ "العربي الجديد". يقول إنّ "ثمّة برامج عديدة تعنى بهذه المشكلة، وقد نجحت في جزء منها، إذ كان التركيز على ضرورة التعامل إيجابياً مع المدمن والنظر إليه على أنه إنسان يعاني من مشكلة وليس مجرماً. هذا جزء من الحل". يضيف أنّ "الإدمان مشكلة دولية لا تخصّ إيران وحدها، لكنّه أكّد تضرر بلاده أكثر من غيرها، بسبب وجودها على مقربة من شريط حدودي ينتج المخدرات ويصدّرها".