ذكرت منظمة "هيومن رايتس ووتش" في تقرير جديد أصدرته، أمس الجمعة، أن الشرطة اليونانية تحتجز بشكل روتيني الأطفال بلا مرافقين في زنزانات مزدحمة وغير صحية لأسابيع وأشهر.
ووثق التقرير المنشور على موقع المنظمة الإلكتروني تحت عنوان "لماذا تحتفظون بي هنا" أطفال بلا مرافقين محتجزون في اليونان"، الاحتجازات التعسفية وغير المبررة للأطفال في خرق للقانونين الدولي واليوناني. وأشار إلى احتجاز الأطفال في ظروف غير صحية، وفي بعض الأحيان مع راشدين لا يمُتّون لهم بصلة، في مخافر للشرطة ومراكز احتجاز لا يتلقون فيها العناية والخدمات الأساسية.
وارتكز التقرير على مقابلات مع 42 طفلا كانوا أو ما زالوا رهن الاحتجاز، وعلى زيارات إلى مخفري شرطة ومركزي احتجاز في اليونان.
وقالت الباحثة في الشؤون الأوروبية في "هيومن رايتس ووتش"، ريبيكا ريدل: "تقول اليونان إنها مضطرة لاحتجاز الأطفال من أجل سلامتهم، ولكن البقاء في زنزانات مزدحمة وقذرة هو آخر شيء يحتاجه هؤلاء الأطفال. نحن نتحدث عن أطفال لوحدهم، فرّوا من بلدانهم هربا من العنف في الكثير من الأحيان. على اليونان والاتحاد الأوروبي فعل المزيد لإعطاء هؤلاء الأطفال العناية التي يستحقونها".
ولفتت ريدل إلى أن السلطات اليونانية سجلت وجود أكثر من 3300 طفل غير مرافق من طالبي اللجوء وغيرهم من الأطفال المهاجرين الذين وصلوا إلى اليونان خلال الأشهر السبعة الأولى من 2016. ورأت أنه "يجب نقل الأطفال غير المرافقين بأحد إلى سكن آمن، ولكن اليونان تعاني نقصا مزمنا في المرافق، وتُبقي الأطفال رهن "الاحتجاز الوقائي"، بينما ينتظرون شغور مكان في نظام الملاجئ شديد الاكتظاظ".
يقضي القانون اليوناني بإمكانية احتجاز الأطفال غير المرافقين بأحد لمدة 25 يوما إلى أن تتم إحالتهم إلى أحد الملاجئ، ولمدة 45 يوما في حالات نادرة. وجدت "هيومن رايتس ووتش" أن الأطفال عادة ما يُحتجزون لأكثر من هذه المدد المفرطة في الطول أصلا، حيث يمكثون لما معدله 40 يوما. كما اعتقلت الشرطة اليونانية 161 طفلا بلا مرافق خلال الأشهر الستة الأولى من 2016.
ويواجه الأطفال ظروفاً سيئة للغاية. وأُجبروا في بعض الحالات، على المكوث في زنزانات مزدحمة وقذرة ومليئة بالحشرات، بدون أفرشة، وحرموا من شروط النظافة والصحة والخصوصية. احتجز بعضهم مع راشدين رغم أن ذلك يزيد من خطر حدوث انتهاكات أو عنف جنسي، ويخالف القانونين الدولي واليوناني اللذين يقضيان بفصل الراشدين عن الأطفال في الاحتجاز.
ونقلت المنظمة عن طفل جزائري محتجز بمركز "أميغداليزا" وعمره 15 عاما قوله: "أقسم أنني أنام مع الجرذان". وقال طفل آخر اسمه نواز س (17 عاما) إنه احتُجز مع راشدين لا صلة له بهم: "لم أكن أشعر بالأمان، لأن الأشخاص الآخرين (في الزنزانة) كانوا يتعاطون المخدرات… وعندما كانوا يتشاجرون، طبعا كنت أخاف ولم أكن أستطيع النوم".
كما يواجه الأطفال سوء المعاملة على يد الشرطة. ورغم كون معظم الأطفال الذين قابلناهم لم يشتكوا من أية انتهاكات، قال 4 منهم إنهم تعرضوا للصفع أو الإهانة من قبل رجال الشرطة.
لا يتلقى الأطفال المحتجزون لدى الشرطة من الإرشاد والمعلومات والدعم القانوني إلا القليل، أو لا يتلقونها أصلا. ولم يقدم العناية النفسية إلا مركز واحد من المراكز الأربعة التي زارتها المنظمة. ولم يستفد أي طفل من الذين قابلتهم المنظمة والمحتجزين لدى الشرطة من مترجم لدى تحدثهم إلى الشرطة، ولم تتوفر الكتب والألعاب إلا في مركز واحد من الأربعة التي زرناها.
تفاقمت المشكلة أكثر بعد وفود أعداد كبيرة على الجزر اليونانية -أكثر من 160 ألف شخص وصلوا خلال الأشهر السبعة الأولى من 2016 -وإغلاق الحدود شمالا، ما ترك طالبي اللجوء والمهاجرين عالقين فعليا في اليونان.